5 تنظيمات متطرفة مهدت لداعش دروب التوحش
سامح فايز 10/10/2018
لم يكن ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق والشام “داعش”، بدون مقدمات، فقد مهّد لذلك الظهور عدة تنظيمات إرهابية ظهرت خلال العقود الأربعة الأخيرة، انتهجت النهج الدموي نفسه من أجل الوصول إلى السلطة، واستمر بعضها في القتال حتى ظهور داعش ثم انضوائهم تحت لوائها.
“حفريات” ترصد أبرز هذه التنظيمات:
أولاً: التيار القطبي
خرج الشيخ عبد المجيد الشاذلي، المتهم في قضية تنظيم 1965، من السجن منتصف السبعينيات، بعد تصالح نظام الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات مع جماعات الإسلام السياسي؛ على خلفية تدخل الملك فيصل بن عبد العزيز، ملك السعودية، وفي العام نفسه أسس مع صديقه أحمد عبد المجيد عبد السميع، المتهم في القضية ذاتها، جماعة “أهل السنة والجماعة”، والتي اشتهرت باسم “تيار القطبيين”.
ومع تصاعد المد الإسلامي في مصر، خلال حقبة الثمانينات، انتقلت الأطروحات السلفية إلى داخل سيناء، وبرز في المشهد السيناوي خلال تسعينيات القرن الماضي نشاط دعوي وعلمي على يد بعض الشخصيات المؤثرة، مثل الشيخ أسعد البيك في العريش الذي يمثل امتداداً لدعوة أهل السنة والجماعة، والذي ألقي القبض عليه في أيلول (سبتمبر) العام 2013.
ثانياً: جماعة المسلمين
التحق شكري مصطفى، مؤسس جماعة المسلمين، بإخوان أسيوط قبل تخرجه في كلية الزراعةال عام 1964. وبصدور القرار الجمهوري العام 1965 باعتقال أعضاء جماعة الاخوان المسلمين اعتقل شكري وأودع السجن الحربى حتى أفرج عنه العام 1971، غير أنه خرج بحال غير التي دخل بها، فقد تبلورت لديه فكرة لنواة جماعة رَأى هو الآخر أنها الناجية من النار!
”أسست جماعة الجهاد المصرية، نهاية الثمانينيات من القرن الماضي ثلاثة معسكرات لتدريب عناصرها بالقرب من جلال أباد“
يقوم التصور الإسلامي للجماعة على أنّ الإسلام قد عاد غريباً، وأن المجتمعات القائمة ستنهار، وسيبدأ الإسلام من جديد على يد الصفوة المؤمنة بحد السيف، انطلاقاً من جبال اليمن واستناداً إلى بعض الأحاديث الدينية المكذوبة.
ومن أبرز ما اعتنقت جماعة شكري مصطفى فكرة الهجرة، وهي نتيجة لضرورة الانفصال عن المجتمع القائم والانعزال عنه، وبدء التحرك الإيجابي لتحقيق نواة المجتمع الاسلامي المنشود، وذلك باللجوء للجبال والمغارات.
ومن تلك الأفكار أيضاً مبدأ التوقف والتبين، الذي يقوم على رفض الاكتفاء بتوافر أركان الإسلام الخمسة ليكون المرء مسلماً، والمطالبة بحتمية تجنب المعاصي وإلا اعتبر الفرد كافراً. والجماعة الآخذة بذلك المبدأ، تتوقف عن إطلاق لفظة مسلم على أي شخص، حتى تتبين من إيمانه. وبتلك الأفكار وغيرها كون شكري مصطفى نواة “جماعة المسلمين”، أو ما اصطلح عليه إعلامياً باسم جماعة “التكفير والهجرة”.
ثالثاً: تنظيم الفنية العسكرية
تنظيم الفنية العسكرية هو تنظيم واسع ومتنوع جغرافياً، من مجموعة متحمسة من الشباب، ومن تأسيس صالح سرية، الذي قسمهم إلى مجموعات صغيرة، وكان على رأس مجموعة “الإسكندرية”، كامل عبد القادر، وطلال الأنصاري، ومجموعة “بور سعيد” بقيادة أحمد صالح ومجموعة “القاهرة والجيزة” وعلى رأسها حسن الهلاوي ومصطفى يسري، ومجموعة “قنا” بقيادة محمد شاكر الشريف، وأبقى مجموعة “الفنية العسكرية” بقيادة كارم الأناضولي، وباقي الكليات العسكرية تحت قيادته المباشرة.
وكان ينادي بقيام الدولة الإسلامية لتطبيق شرع الله، مستخدماً في ذلك جميع طرق العنف، مع إباحة الدماء للوصول إلى هدفه، وبدأ جهاده بمحاولة الاستيلاء على الكلية الفنية العسكرية، لاستخدام ذلك السلاح في الانقلاب على الحكم، إلا أن المحاولة فشلت وحكم عليه بالإعدام. وخلف صالح سرية في تنظيم الجهاد عبد السلام فرج الذي دعا إلى تكفير المجتمع بالكامل، وأنه لا سبيل إلى الخلاص إلا بالقتل والعنف، وأن الآيات التي تدعو إلى الصفح والعفو والتسامح هي آيات منسوخة.
رابعاً: الشوقيون
احتكّ المهندس شوقي الشيخ، قبل دخوله السجن، بجماعات عديدة؛ بداية من جماعة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التي انضم إليها وهو طالب في كلية الزراعة بجامعة حلوان في السبعينيات، مروراً بجماعة الجهاد، ثم الجماعة الإسلامية، ثم تنظيم الفرقة الناجية لأميرها مجدي الصفتي، وختاماً بجماعة “التوقّف والتبيّن”، فقرّر بعد خروج من السجن المزج بين أفكار الجماعات التي احتك بها، فأسّسس جماعة “الشوقيين”، التي انتشرت دعوتها بين أبناء محافظة الفيوم، ثم محافظات مصر المختلفة كالنّار في الهشيم.
”يقوم تصور “جماعة المسلمين” على أنّ الإسلام قد عاد غريباً وأنّ المجتمعات القائمة ستنهار وسيبدأ الإسلام من جديد“
قتل شوقي الشيخ في هجوم للشرطة المصرية، وبعد مقتله هرب المئات من أتباعه إلى محافظات مصرية مختلفة، وتمركز معظمهم في حي المطرية، في مدينة عين شمس بمحافظة القاهرة، وفي مسجد العزيز بالله بالمطرية، وكان ضابط الشرطة المصري حلمي هاشم، المفصول لتطرّفه، يتلقّى العلم على يد شيوخ الدعوة السلفية، متأثراً بفكر شوقي الشيخ، ليصبح الأمير الثاني للجماعة بعد شوقي، ورغم اعتقاله عدة مرات، انتهت آخرها العام 2008، إلّا أنّه عاد للظهور مرة أخرى، في واحدة من قرى محافظة الشرقية، قائداً لإحدى خلايا داعش، ومعاوناً لخليفة آخر في الشام، أبو بكر البغدادي، ليصبح أمير الشوقيين مفتياً لداعش، وإليه تنسب جميع الفتاوى الوحشية الخاصة بذبح أسرى تنظيم داعش وقتلهم أمام الشاشات.
خامساً: تنظيم طلائع الفتح
أسست جماعة الجهاد المصرية، نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، ثلاثة معسكرات لتدريب عناصرها بالقرب من جلال آباد، شرق أفغانستان، تحت اسم “بدر، القعقاع، القادسية”، وفي منتصف العام 1990 بدأ التنظيم في تنفيذ الخطوة التالية من مخططه، بنقل عناصره المدنية إلى باكستان وأفغانستان للتدريب، بعد أن انتهى من إنشاء معسكراته وإعداد مدربيه خلال الفترة السابقة.
وفي منتصف العام 1992، وبشكل منفرد، قامت مجموعة من التنظيم بالاستيلاء على سيارة ميكروباص، بعد قتل السائق، لاستخدامها في عملية تُعد لها، وانكشفت المجموعة، وأدلى المقبوض عليهم بمعلومات عن بقية الأعضاء، مما أدى للقبض عليهم نهاية العام 1992، وانكشاف العديد من المجموعات بشكل تدريجي، ولم يتمكن سوى بعض قادة المجموعات من السفر خارج مصر، بعد تلقيهم تحذيراً بانكشاف المجموعات، وبحلول منتصف العام 1993 بلغ عدد المقبوض عليهم 1000 فرد، تم تقديم 800 للمحاكمات في 5 قضايا اشتهرت باسم تنظيم “طلائع الفتح”، وهو الجناح المسلح لتنظيم الجهاد المصري.
وبعد أحداث “الربيع العربي” العام 2011، نشطت تللك الخلايا مرة أخرى وقاد بعضهم هجمات مسلحة على مراكز الشرطة المصرية، وانضم أغلبهم لتنظيم داعش في سوريا والعراق.