#أقلام وأراءغزة

440 يوما على حرب الابادة في غزة: اخطاء، خسائر، اهداف وسيناريوهات مستقبلية

اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس

اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس، مركز الناطور للدراسات 19-12-2024440 يوما على حرب الابادة في غزة: اخطاء، خسائر، اهداف وسيناريوهات مستقبلية

  • وضعت اسرائيل هدف استعادة “الردع” على رأس اهداف الحرب، لاصلاح الاضرار التي اظهرت عدم قدرتها على حماية المشاريع الامريكية في المنطقة، والتي اطلقتها إدارة بايدن لمحاصرة صعود الصين والروس في النظام العالمي، وفرض نظاماً إقليمياً جديداً، يستند إلى التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي، بدعم أمريكي، في مواجهة المحور الإيراني، وأعلنت عن “قطار السلام” من الهند إلى أوروبا، لمحاصرة النفوذ الروسي – الايراني، في اسواق الغاز العالمية، وتزويد اوروبا بالنفط والغاز، الامر الذي اعتبرته روسيا وإيران خطراً على مصالحهما، وجاءت هجمات السابع من اكتوبر، لإفشال هذه التحركات، واعتبرت الادارة الامريكية الهجمات تهديداً لمخططاتها، ما فرض عليها التدخل المباشر، ودعمت اسرائيل في حرب غزة، التي اعتبرتها فرصة لاعادة تشكيل الشرق الاوسط بما يتناسب مع مصالحها، واستغلت اسرائيل الفرصة ووضعت على رأس اولوياتها انهاء حل الدولتين والقضاء على حل الدولتين، ومواجهة الخطر الديمغرافي، بالتخلص من كتلة سكانية في قطاع غزة، وضمان استمرار الاغلبية اليهودية في ارض فلسطين التاريخية، من خلال تدمير مقومات الحياة في قطاع غزة، ودفع غالبية اهلها الى الهجرة.
  • انتهجت اسرائيل سياسة الأرض المحروقة باستخدام كثافة نيران عالية، وسحب القوات مؤقتا، لتجنّب الخسائر، والعودة لاحقاً في اطار تكتيكات “جز العشب”، وانخرطت القوات الإسرائيلية في عمليات قتالية، باستخدام قوة نارية “متغيرة”، ً اعتمدت على كثافة نارية عالية من سلاح الجو، ومشاركة القوات البرية، على مستوى الفرق العسكرية، اهمها الفرقة 36، والفرقة 146، والفرقة 91، والفرقة 210، والفرقة 98، والفرقة 99 احتياط مشاة، والفرقة 162 المدرعة، والفرقة 143، والفرقة 252، وفرقة 80، ووحدات قتالية متخصصة.
  • استهدفت قوات الاحتلال تأسيس حقائق على الأرض، من خلال إقامة منطقة عازلة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة بعمق 1 – 2 كلم، وفصل قطاع غزة عن مصر من خلال احتلال محور فيلادلفيا، واقامة محور نتساريم الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه، بمحور عرضي 7 – 10 كم، ادى الى تدمير مناطق واسعة، جنوب مدينة غزة وشمال المنطقة الوسطى، واقامة محور مفلاسيم الفاصل بين مدينة غزة وشمال قطاع غزة، ما يتيح لاسرائيل رسم الخارطة التي تحقق أهدافها، ويؤسس لـ” احتلال مستدام”، واقامة قواعد عسكرية لتنفيذ عمليات هجومية في المناطق الفلسطينية، وخدمة اهداف قناة بن غورين المرتبطة بالمشروع الامريكي.
  • لم تتضمن استراتيجية لحركة حماس هدف هزيمة جيش الاحتلال، وانما منع اسرائيل من تحقيق “نصر سريع”، وجرّها الى حرب استنزاف، مرتكزة الى المزج بين تكتيكات قتالية تقليدية وحرب العصابات، واعتمدت على سلاحي الصواريخ والأنفاق، وطورت نظرية “الحرب الدفاعية”، اعتماداً على تقنيات ذاتية، وحددت نقاط ضعف في تحركات جيش الاحتلال، نجحت من خلالها في تنفيذ عدة هجمات، باستخدام الصواريخ المضادة للدبابات من مسافات قريبة، عطلت أنظمة الحماية النشطة الإسرائيلية APS.
  • تواجه حركة حماس ضغوطا بعد ان فقدت الكثير من اوراقها، ما دفعها الى المرونة في التعامل مع المفاوضات والتنازل عن شروط سابقة، مقابل التمسك بالبقاء في المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، ومحاولة اثبات سيطرتها على الشؤون المدنية، ما يشكل تحديا في ضوء الظروف المعيشية والاقتصادية وانتشار العصابات المسلحة، وحجم الدمار في كافة مناحي الحياة، وازدياد مؤشرات سيناريو الفوضى، والمشاهد التي تبثها حركة حماس عن قمع اللصوص بصورة وحشية، والتي اصبحت هاجسا يرعب المواطنين من مستقبل الاوضاع في قطاع غزة بعد الحرب، وهو ما سيكون العامل المساعد الاهم لاسرائيل لتحقيق اهم اهداف الحرب وخلق ظروف التهجير، ما يفرض الحاجة فلسطينياً لبلورة رؤية واضحة قابلة للتنفيذ لانتزاع الحقوق، بالتعاون مع القوى الإقليمية والعربية والدولية، لـ”فك الارتباط” مع الاحتلال، واعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال، واستغلال تنامي الحركة العالمية المتسارعة للاعتراف بها، لفرض معادلة دولة فلسطين، ومحاصرة أي “تكوين مدني” تحت الوصاية الأمريكية وسلطة الاحتلال في قطاع غزة.  
  • ترتبط حرب غزة بالمشروع الشرق أوسطي الجديد، الذي يحمل ملامح أمريكية اسرائيلية، تهدف الى تشكيل نظام اقليمي جديد يقطع الطريق على النفوذ الصيني الروسي، انطلاقا من قيام اسرائيل الموسعة ستشمل غالبية أرض فلسطين التاريخية، ووجود كيان فلسطيني بصلاحيات مدنية، تحت السيادة الاسرائيلية، وترتيبات تحدد مستقبل قطاع غزة في ظل الاحتلال، وانهاء امكانية اقامة الدولة الفلسطينية، وتطبيع العلاقات بين الدول العربية واسرائيل، وإقامة حلف دفاع ضد ايران، لاعادة رسم خارطة الشرق الأوسط. ويمكن القول ان محور المقاومة هو الخاسر الأكبر جراء توسع النطاق الجغرافي للحرب، وانخراط العديد من القوى الاقليمية، ودخل أذرع المحور في الحرب دون قراءة مستقبلية لنوعية الصراع، وستحاول اسرائيل تعزيز مكاسبها استنادا الى عودة دونالد ترمب التي ستعطيها دفعة كبيرة لتحقيق أهدافها، وإقامة نظامٍ إقليمي جديد، يستند الموازينِ الإقليمية من منظور إسرائيلي.
  • لا يجب اغفال الموقف الاسرائيلي الذي يسعى لاستغلال لإطالة امد الحرب لتنفيذ مخططات التهجير في قطاع غزة، حيث تواجه المخططات الاسرائيلية عقبات اهمها عدم امتلاك إستراتيجية للـ”اليوم التالي”، وعدم وجود بدائل لادارة قطاع غزة ما بعد الحرب، فالسلطة الفلسطينية ترفض التعاون مع اسرائيل، ووجود قوات أميركية أو دولية أو عربية، غير ممكن؛ لأن العرب لا يمكن أن يساهموا في تصفية القضية الفلسطينية، والأمم المتحدة لا يمكن أن ترسل قوات لمساعدة اسرائيل خارج نطاق الشرعية الدولية، وليس من الواضح ما إذا كانت الادارة الأميركية القادمة برئاسة دونالد ترامب ستكون قادرة على إعادة تشكيل السياسة الإسرائيلية، اذ انه من المرجح أن يستمر نتنياهو في الاعتماد على اليمين المتطرف للبقاء في السلطة، والمجتمع الإسرائيلي يتماشى مع موقفه الرافض لأي تنازل للفلسطينيين.
  • وبالرغم من العقبات التي تواجه هذه المخططات وما تفرضه من تحمل المسؤولية عن اكثر من مليوني فلسطيني، تواصل اسرائيل خداعها فيما يتعلق بموضوع “التهدأة القريبة”، بينما يواصل جيشها تنفيذ مخططاتها وتثبيت الاحتلال، من خلال السيطرة على مناطق واسعة، وتوسيع المحاور، واقامة مواقع عسكرية وبؤر استيطانية، واعداد بنى تحتية لاحتلال طويل المدى، وخاصة وحدة الجهود الإنسانية المدنية في الجيش الاسرائيلي، التي ستتولى مواجهة تحديات إدارة ملف قطاع غزة، بالتنسيق مع الجهات الدولية وإنشاء بيروقراطية جديدة تدمج حاجات الفلسطينيين المدنية مع الأهداف الحربية الإسرائيلية، ما سيوفر الشروط اللازمة لعودة الاحتلال الإسرائيلي الى قطاع غزة، بالتوازي مع إطالة معاناة الفلسطينيين حتى يصبح خيار الهجرة مفروضا عليهم في المرحلة المقبلة.

 

خريطة مخططات الاستيطان في قطاع غزة
خريطة المحاور التي اقامها جيش الاحتلال في قطاع غزة
خريطة المنطقة العازلة التي اقامها جيش الاحتلال في قطاع غزة

 

الممر الاقتصادي الدولي: الهند – الشرق الاوسط – اوروبا

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى