أقلام وأراء

حسن عصفور: زوجة الشهيد خضر عدنان ورسالة من وراء الحجاب!

حسن عصفور 4-5-2-2023: زوجة الشهيد خضر عدنان ورسالة من وراء الحجاب!

 في مفارقة فريدة ومركبة، رحل الأسير الفلسطيني خضر عدنان، القيادي في حركة الجهاد، يوم الأول من مايو /أيار، أحد أبرز أيام العام بدلالته الطبقية كعيد للعمال العالمي، ورمزا للتحرر من الاستغلال الطبقي والاجتماعي، وكأن جسد خضر اختار المغادرة عن عالم الحياة في يوم لا يمكن نسيانه، خاصة وأنه “الشهيد الأول” الذي يرحل جوعا في زنزانته وحيدا.

استشهاد خضر، بما مثله من ملامح صمود فريد، وعزيمة فولاذية مختلفة، واختيار النهاية كرست تعابير مضافة في مسار الصراع مع العدو، وصفحة مشرقة لها بريق خاص، لما كان من فعل لرمز كفاحي، قرر أن يجتهد في طريق المواجهة مع “الجلاد الغازي”، عبر إضراب عن الطعام ليس الأول له، دون أن يقبل مساومة وهو يعلم، ان جسده لن يحتمل طويلا، لكنه اختار الأصعب ليزرع قيم جديدة في الحركة النضالية في فلسطين.

وجاءت رسالة زوجته، ساعات بعد خبر رحيل خضر فعلا رمزيا مضافا، لتكسر كل “تقاليد سائدة” لزوجة شهيد أو من أسرة شهيد، تحدثت من وراء الحجاب لتعلن، بلا ارتعاش أنها لن تقبل من البعض الفصائلي “رد فعل” صاروخي، وكأن لسانها يقول لا تريد ممن تخلى عنه وقت الأزمة في المعتقل، وتهرب من تحمل مسؤولية بحث “حل ممكن”، ان يخرج في ثوب “بطل” لينتقم عبر ما يسمى شعبيا بـ “فشة خلق صاروخية” لا تترك تأثيرا ولا أثرا.

الحقيقة، رسالة زوجة الشهيد، لم تكن متوقعة أبدا، لأنها غير معتادة وطنيا، فصائليا، واجتماعيا، بأن تحدد ما تريد بعيدا عن الجهة التي ناضل حياته في صفوفها، تصريح حمل بعضا من “براءة الانتماء”، وهو من كان رمزا حاضرا بقوة في كل فعل مواجهة ونضال.

رسالة زوجة خضر عدنان، بكل ما لها وعليها، لا يجب أن تمر مرورا عابرا، وينتهي مفعولها إما عتبا، أو تأييدا، وتبقى “مرارة خاصة” تعيش بين جنبات عائلة من نوع خاص، وتلك مسؤولية أولى تقع على قيادة حركة الجهاد، للبحث عما أصابها لتعلن “براءة” مما كان.

رسالة قد تكون درسا سياسيا لكل فصائل العمل السياسي في فلسطين، أن التعامل مع قضية الأسرى المعتقلين، تستحق قراءة مختلفة، وأن أيام “الاضراب عن الطعام” لتلك المدة، وجب تقييمها بعيدا عن “عبارات البطولة” و”التحدي”، ولكن في سياق مواجهة فعل ورد فعل، وما هو الممكن في ذلك الخيار.

رسالة زوجة خضر عدنان، تستوجب تقييما وطنيا لأحداث أيام الاضراب، وهل حقا كان بالإمكان أفضل، وكان هناك خيارات أقرب فيما لو تم “التوافق” من قيادة الأسرى، الفصيل والوطني العام، وهل هناك خطأ وسوء تقدير قد حدث، أم أن المسألة سارت في سياق خارج كل الحسابات التقليدية لمثل ذلك الخيار.

لا يمكن أبدا، أن تخرج زوجة شخصية رمزية بتلك المكانة الكفاحية، لتقول ما قالت دون سبب جوهري، أصابها بألم ربما فاق ألم الفراق والاستشهاد، فليس سمة فلسطينية تقليدية ان يقال ما قالت، دون فعل سبق الكلام، تعرفه ولا يعرفه غالبية أهل فلسطين.

لا يكفي أبدا التغني بالبطولة والاستشهاد، فتلك مسألة تبقى جزء من الوجدان الوطني والذاكرة الجمعية، لكن ما يجب القيام به هو محاصرة “مرارة” أسرة وليس زوجة فحسب، قد تترك أثرها سلبا لما كان خضر لهم رمزية خاصة…فلا تَكْلموا الروح الكفاحية التي تمثل طاقة فعل الوطنية الفلسطينية.

ستبقى رمزية “رحيل خضر عدنان” توقيتا وشكلا، وعشية ذكرى النكبة الكبرى الأولى، درسا وطنيا مضافا لدروس شعب في صراعه مع المحتل اليهودي لفلسطين الأرض والوطن.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى