ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم يوسي ميلمان – جاسوسان، لكن ما هو الفرق بينهما

هآرتس – بقلم  يوسي ميلمان – 31/1/2021

الذريعة الرئيسية لسلطات الامن والتي يتبناها القضاة هي أن فعنونو يخزن في دماغه معلومات حساسة يمكن أن يكشفها أمام آخرين. وهكذا بالضبط فسرت المخابرات الامريكية لماذا لا يتم اطلاق سراح بولارد “.

النفاق والسخرية  وازدواجية المعايير هي سمات سلوك مؤسسة الامن في معاملتها لمردخاي فعنونو. وانضم اليها ايضا جهاز القضاء الذي منذ عشرات السنين هو مجرد خاتم مطاط له. قبل حوالي عشرة ايام رفضت المحكمة العليا مرة اخرى بانعقادها كمحكمة عدل عليا، التماس فعنونو، الذي تم تقديمه بواسطة محاميه افيغدور فيلدمان من اجل رفع القيود المفروضة عليه. هذا كان الالتماس الـ 14 الذي تم رفضه في الـ 17 سنة التي مرت منذ تم اطلاق سراح فعنونو من السجن.

لقد كان هناك أمل في أنه ربما في هذه المرة ستحدث معجزة في محكمة العدل، هذا الامل تولد لدى مقدم الالتماس ومحاميه في اعقاب وصول الجاسوس يونثان بولارد مؤخرا الى اسرائيل. ورغم الفروق في طبيعتهما وفي خلفيتهما الشخصية، إلا أنه يوجد تشابه بين هاتين الحالتين.

الاثنان عملا خلافا للقانون. والاثنان تم تشغيلهما في مؤسسات سرية. وكلاهما خرق واجب السرية الملقى عليه تجاه من يشغله. فعنونو تجاه المفاعل النووي في ديمونة وبولارد تجاه الاسطول الامريكي. كلاهما تم اعتقاله، بولارد في العام 1985 وفعنونو في العام 1986. وكلاهما تم تقديمه للمحاكمة وتمت ادانته بجرائم تجسس خطيرة. وقد حكم عليهما بأحكام شديدة. بولارد حكم عليه بالسجن المؤبد وفعنونو حكم عليه 18 سنة. كلاهما شعر بأنه الى جانب رغبة السلطات في معاقبته اضيفت الى ذلك الرغبة في الانتقام. ومن اجل اطلاق سراحهما أو تخفيف عقوبتهما تجندت شخصيات ومنظمات محلية ودولية. حكومة اسرائيل مولت كل نفقات الدفاع عن بولارد ودفعت له مخصصات شهرية. والدفاع عن فعنونو تم تمويله من قبل صحيفة “صاندي تايمز” ومن تبرعات اشخاص ومنظمات.

مع ذلك، هناك فروق بارزة بين الحالتين. تعامل سلطات القانون والجهات الامنية مع فعنونو كان قاسيا بدرجة لا تقارن بالتعامل مع بولارد. فعنونو تم وضعه في العزل مدة سبع سنوات، الذي الغي فقط بعد أن كان هناك خوف على صحته النفسية. أما بولارد، الذي ساء وضعه في السجن ايضا، فقد قام بزيارته سياسيين ومؤيديه، من بينهم اشخاص من اسرائيل ومن يهود امريكا. ورغم اعتبارهما في الدولتين خونة وجواسيس، إلا أنه في حالة فعنونو توجد فروق دقيقة لا توجد لدى بولارد. فعنونو تحرك بدافع رؤيته الشخصية والايديولوجية ودوافعه لم تكن مالية. ورغم أنهم في “صاندي تايمز” وعدوه بمكافأة عندما ينشر قصته في كتاب. هذا لم يحدث. بولارد تحرك في الواقع بدوافع صهيونية، لكن ايضا حركه الطمع وتم دفع اموال كثيرة له.

وهناك فرق مهم آخر: بولارد تجسس سرا من اجل دولة اجنبية هي اسرائيل. وفعنونو اعطى المعلومات لمراسلين كي ينشروها على الملأ، رغم أنه يمكن أن تكون قد وصلت قبل ذلك الى جهات استخبارية.

هنا نصل الى ازدواجية المعايير. بعد أن قضى في السجن ثلاثين سنة تم تخفيف عقوبة بولارد. وجهاز القضاء وجهاز المخابرات في الولايات المتحدة قرروا السماح له بالخروج من السجن مع فرض قيود عليه. وقد تم تكبيله الكترونيا، وحظر عليه التحدث عن عمله في الاسطول والخروج من مدينة نيويورك. هذه القيود تم رفعها بعد خمس سنوات ووصل الى اسرائيل. القيود على فعنونو التي هي مشابهة جدا ما زالت سارية المفعول.

على النقيض من الشفقة ودرجة الرحمة والعدالة والمنطق للانظمة في امريكا، فان كهنة لجنة الطاقة الذرية والمسؤول عن الامن في جهاز الامن، بدعم من النيابة العامة والقضاة، لا توجد لهم نفس هذه المعايير. هم يواصلون التمسك بفرض القيود عليه، وفي اساسها منعه من الخروج الى الخارج. من المدهش مناقشة أن المبرر الرئيسي لسلطات الأمن، الذي يتبناه القضاة، هو الادعاء بأن فعنونو “يخزن في دماغه معلومات حساسة يمكن أن يكشفها أمام آخرين”. هذا بالضبط المبرر الذي استخدمه جهاز المخابرات الامريكي من اجل أن يشرح لماذا لا يتم اطلاق سراح بولارد.

الى أي درجة يخترق عالم المفاهيم والرؤية الامنية لاسرائيل ايضا جهاز القضاء، تدلل عليها لغة القاضي اسحق عمير الذي قام بصياغة قرار الحكم. هو يسمي زوجة فعنونو “فلانة”. ربما يكون ذلك زلة قلم فرويدية. كما لو أن ذكر اسمها هو جزء من الحفاظ على السرية في القضية. ورغم أن اسمها، الدكتورة كريستين يواخمسن، تم نشره على الملأ.

تشكيلة القضاة التي ناقشت الالتماس كانت كما يبدو ليبرالية: عميت، عنات بارون وعوفر غروسكوفف. منذ سنوات وأنا أتابع مناقشات واحكام جهاز القضاء، بما في ذلك التماسات قدمتها للمحكمة العليا. من تجربتي استطيع القول إن الخلاف بين “ليبراليين” و”محافظين” لا يكون موجود عندما يتعلق الامر بمسائل أمنية. القضاة يكثرون من الاستجابة لطلبات جهاز الامن لاجراء المداولات وراء ابواب مغلقة وبحضور طرف واحد، ويصادقون على استخدام كاسح لأوامر منع النشر ويمسون بحق الجمهور في المعرفة. عندما يصل الامر الى الامن القومي ايضا قضاة المحكمة العليا، بدون استثناء تقريبا، يقفون بصمت ويؤدون التحية للدولة.

في قرار الحكم القصير الذي كتبه عميت، نحن لا نعرف اذا كان بسخرية أو لتقرير واقعة، بأن الالتماسات ورفضها اصبحت “تقليد”. ربما اراد بذلك اعطاء اشارة لفعنونو ومحاميه فيلدمان بالكف عن محاولاتهما.

نفس المنطق ونفس التبريرات التي سمحت باطلاق سراح بولارد، رغم أنه خزن في ذاكرته معلومات حساسة، يجب أن يسري على فعنونو. ولكن للاسف الشديد، يبدو أن فعنونو سيواصل كونه أسيرا في صهيون، رغم أن كل ما طلبه هو مغادرة اسرائيل من اجل أن يستطيع قضاء ما تبقى من حياته، هو إبن 67 سنة، مع زوجته في النرويج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى