أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – خلفيات العبث بالبنتاغون

عمر حلمي الغول –  14/11/2020

تعيش الولايات المتحدة مخاضا عسيرا نتاج تداعيات الإنتخابات الرئاسية، التي لم تنته ذويلها وتبعاتها حتى اللحظة الراهنة بسبب رفض الرئيس المنتهية ولايته الإقرار بالهزيمة امام منافسه الديمقراطي، وذهابه إلى القضاء للطعن بنتائج الإنتخابات، التي جرت يوم الثلاثاء الموافق 3/11/2020، رغم إقرار كل من وكالة الأمن السبيراني وأمن البنية التحتية (CISA) التابعة لوزارة الأمن الداخلي، والمجلس التنسيقي الحكومي الخاص بالإنتخابات (GCC) في بيان مشترك امس الجمعة الموافق 13/11/2020 عدم وجود تزوير في الإنتخابات، ليس هذا فحسب، بل شفعوها بشهادة بأنها ” الأكثر أمانا في التريخ”. وأضاف البيان “ولا توجد اي معلومات تدل على ان أنظمة التصويت دمرت، أو فقدت، أو غيرت الأصوات، أو على تقويض مصداقيتها بأي طريقة أخرى.” وفي السياق كتب احد ابرز المستشارين الجمهوريين، كارل روف  (كان كبير مستشاري الرئيس الأسبق بوش الأب، واحد اعضاء حملته الإنتخابية) في صحيفة “وول ستريت جورنال” قبل يومين، جاء في مقالته “أن الدعاوي القضائية التي ينوي الرئيس ترامب رفعها ليست كافية لتغيير النتيجة النهائية.” مضيفا وأنه من المستبعد ان ترد له إحدى الولايات التي فاز بها المرشح الديمقراطي.” وتابع مؤكدا أن “المحكمة العليا سترفض طلبات ترامب بمجرد أن تبدأ الولايات بالمصادقة النهائية على نتائج الفرز.” وتوافق مع وجهة نظر روف محامي ترامب، مايكل كوهين، الذي اعلن لقناة (MSNBC) في 12 نوفمبر الحالي، ان “ترامب لن يعود إلى البيت الأبيض بعد الميلاد، ولن يحضر حفل التنصيب.”

رغم ذلك، فإن الرئيس المهزوم، دونالد ترامب تمكن من إعادة تحشيد عدد من اقطاب الجمهوريين خلفه (ولا اقول جميع الجمهوريين) ومنهم السيناتور، ليندسي غراهام، الذي عارض الإقرار بفوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، وقال امام وسائل اعلام اميركية  يوم الأحد الماضي الموافق 8 نوفمبر الحالي، “إلى ان هذة إنتخابات متنازع عليها” ولم تتوصل إلى نتيجة. واشار في مقابلة مع “فوكس نيوز”  إلى إحتمال حدوث “تزوير” أو “أخطاء” قد غيرت نتائج الإنتخابات. والأخطر في الحرب التي يقودها ترامب ضد الديمقراطية الأميركية ان ليندسي دعا زملاءه الجمهوريين “إلى التراجع عن فكرة أن فوز بايدن أمر محسوم،” وحذر من أنهم “إذا فعلوا ذلك، فسيكون ذلك بمثابة سابقة بتبعات “كارثية” على حزبهم.” وتابع تحذيره للجمهوريين قائلا: “اذا لم يتحد الجمهوريون (لتغيير) نظام الإنتخابات الأميركية وغيروه، فلن يتم إنتخاب رئيس جمهوري آخر مرة اخرى.” ودعا ترامب لعدم التسليم بالهزيمة. وهو ما يشير إلى ان تيار اليمين المتطرف الجمهوري يتجه نحو تصعيد المواجهة مع الديمقراطيين، ومع الدولة الفيدرالية ومع المؤسسات الحاكمة في الولايات ذات الصلة لنتائج اللإنتخابات، وبالتالي ضد الشعب الأميركي بمكوناته كلها. ولهذا نبه جون برينان، رئيس “CIA” الأسبق من السبعين يوما المتبقة لترامب في البيت الأبيض. وأضاف في لقائه مع CNN لوولف بليتزر انه “قلق للغاية مما قد يفعله الرئيس الجمهوري الغاضب نتاج تهوره قبل حلول موعد تسليم السلطة في 20 يناير 2021.”

ووفق العديد من المراقبين في اميركا وأوروبا ودول العالم المختلفة، بأن الرئيس ترامب بات كالثور الهائج، لم يعد يسيطر على ردود فعله، وقد ينحو نحو قرارات تمس بالأمن القومي الأميركي، ولهذا لجأ لخطوة ملفتة، وذات مغزى خطير، تمثلت بإقالة مارك إسبر، وزير الدفاع وعدد آخر من كبار المسؤولين في البنتاغون، والتي تأتي في سياق مجموعة خطوات تصب في ذات الإتجاه، وهي : اولا رفض الإقرار بالهزيمة؛ ثانيا رفض تسليم السلطة طوعا، وثالثا تنظيف ادارته المنتهية من المعارضين له، أو الذين يشك في ولائهم. وبالتالي إقالة وزير الدفاع، مارك أسبر والجنرالات ال 3 الآخرين، وهم رئيس الأركان وكبار المسؤولين المشرفين على السياسة والإستخبارات، والإستعاضة عنهم بموالين له، ومنهم شخصيات مثيرة للجدل، تعتبر إنقلابا في البنتاغون، وإطلاقا ليد الرئيس ترامب في إختطاف اعمدة اساسية من اعمدة الدولة العميقة، وهذا ما عبر عنه احد المسؤولين في البنتاغون، الذي قال ل CNNفي 11 نوفمبر الحالي “في الوقت الراهن من الواضح اننا انتهينا من عملية قطع الرؤوس”، وهو يقصد اسبر والجنرالات الثلاثة. وهو ما يفترض إمكانية اللجوء لخطوات دراماتيكية خطرة في الداخل الأميركي وعلى اكثر من مستوى وإتجاه، تعمق وتزيد من حدة الإستقطاب، وقد تكون بعضها الشرارة، التي تشعل السهل الأميركي بكل تداعياته وأخطاره غير المسبوقة منذ 1867.

وبالتلازم مع ما ذكر، هناك مجموعة من التحركات العسكرية، التي تتم في بحر العرب والمحيط الهندي، وحالة الإستنفار القصوى، والتي قد تحمل في طياتها إشعالا لنيران حرب في الشرق الأوسط لا تتوقف عند الحدود الايرانية، بل ستشمل دولا عدة في حال حدث ما لا يحمد عقباه. قادم الأيام يحمل الجواب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى