أقلام وأراء

يونس السيد يكتب – حكومة الاستيطان والضم

يونس السيد – 23/4/2020

بعد ثلاثة انتخابات تشريعية أجريت في أقل من عام، ومفاوضات ماراثونية تخللها الكثير من الأحداث الدراماتيكية، توصل زعيما «الليكود» بنيامين نتنياهو، و«كحول لافان» بني جانتس، إلى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافية، لينهيا بذلك الأزمة الأسوأ في دولة الاحتلال منذ إنشائها.

العنوان الأبرز لهذه الحكومة التي سمت نفسها «حكومة طوارئ»، واتخذت من مواجهة وباء كورونا ستاراً لتحقيق أهداف أخرى، على رأسها ضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، خصوصاً في غور الأردن والأغوار الشمالية والمستوطنات القائمة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، إلى جانب عدم المساس أو تعديل ما يسمى «قانون القومية» الذي يشرع بأن دولة الاحتلال هي ملك لمواطنيها اليهود فقط.

كانت قضية الأراضي الفلسطينية واحدة من القضايا الخلافية التي ظهرت في مفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية، ليس لأن أحد طرفي المفاوضات يرفض عملية الضم من حيث المبدأ، وإنما لحسابات داخلية وخارجية تتعلق بكل طرف. فبينما يريد نتنياهو الاستفادة من تأييد إدارة ترامب لعملية الضم، وخوفاً من تغيير هذه الإدارة بناء على نتائج الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وإرضاء لحلفائه في اليمين المتطرف وإثبات مصداقيته في الإيفاء بوعوده وتعهداته لهم، والحفاظ على تماسك هذا اليمين خلفه، خصوصاً خلال سير محاكمته على خلفية التهم الموجهة إليه بالفساد. وكان واضحاً في الاعتماد على هؤلاء الحلفاء حين هدد خلال المفاوضات الائتلافية باللجوء إلى الاعتصامات «الجماهيرية» و«العصيان المدني» في حال تم سن قانون يمنعه من تشكيل حكومة على خلفية هذه الاتهامات. في حين كان جانتس، بدوره، يريد الحفاظ على تماسك تحالفه العريض «أزرق أبيض»، الذي تفكك على أي حال، والمتحالف أيضاً مع بعض القوى في يسار الوسط (العمل وميرتس وغيرهما)، ولاعتبارات أخرى، تتعلق بالتمايز قليلاً عن اليمين المتطرف، وربما لحسابات مستقبلية تتعلق بإبقاء علاقة إيجابية مع الاتحاد الأوروبي، الذي حذره بالمناسبة من الموافقة على إجراءات الضم للمستوطنات والأراضي الفلسطينية، وربما أيضاً لحسابات تتعلق بمجيء إدارة ديمقراطية أمريكية سيكون موقفها مختلفاً من كل هذه الإجراءات. ولكن كما عودتنا دولة الاحتلال، فإن أي اتفاقات بين زعمائها دائماً ما تتم على حساب الفلسطينيين وأرضهم وحقوقهم المشروعة، إذ سرعان ما يتناسى هؤلاء كل الصراعات والخلافات الدائرة فيما بينهم ليتم التضحية بالفلسطينيين، وهذا ما كان، فقد تم الاتفاق على البدء بتنفيذ إجراءات الضم اعتباراً من أول يوليو/تموز المقبل، على الرغم من أن الاتفاق الموقع بين الطرفين يقضي بعدم سن أي قوانين غير ذات صلة بوباء كورونا، خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الحكومة الجديدة. وفي كل الأحوال، يستطيع جانتس أن يبرر تفكيك تحالفه وخيانته لزملائه في «أزرق أبيض» تحت يافطة مواجهة جائحة كورونا، وبأنه منع الانجرار نحو انتخابات تشريعية رابعة، بينما يستطيع نتنياهو أن ينام قرير العين تجاه مستقبله السياسي، خصوصاً أنه سيبقى في الواجهة لمدة عام ونصف العام يستطيع خلالها أن يتدبر أمر محاكمته وإنقاذ رقبته من حبل المشنقة، وإن كان ذلك باسم الحفاظ على الديمقراطية «الإسرائيلية».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى