ترجمات عبرية

يديعوت: 29 عاماً على توقيع “أوسلو”: خياران فقط

يديعوت 2022-10-02، بقلم: ميخائيل ميلشتاين

في 13 أيلول أحيينا الذكرى السنوية الـ 29 لاتفاق أوسلو. كانت هذه هي المرة الأولى – والوحيدة حتى اليوم – التي اتفقت فيها إسرائيل والفلسطينيون على إقامة تسوية سياسية تقوم على أساس تقسيم إقليمي واعتراف متبادل.

بدأ الاتفاق بوعد عظيم، لكنه غرق في غضون أقل من عقد في مواجهة دامية دون أن يتحقق هدفه النهائي: تسوية دائمة. نتيجة لذلك نشأ وضع غريب ومتغير دائما.

مثل ساحة أثرية كثيرة الطبقات، فهو يتضمن جملة متنوعة من الوقائع المتداخلة الواحد بالآخر والتي تمثل مجموعة واسعة ومتعارضة من المفاهيم الاستراتيجية والتجارب التاريخية التي لم تصل على الإطلاق إلى النضوج.

هكذا يوجد اليوم في غلاف واحد بضعة نماذج من النظام السياسي والمكانات المدنية: شبه دولة في قطاع غزة، وحكم ذاتي إقليمي “نحيف” في مناطق أ و ب في “يهودا” و”السامرة”، وسيطرة مباشرة لإسرائيل في مناطق ج في الضفة، ووجود نحو 360 ألف فلسطيني شرق مقدسي بمكانة مقيمين في إسرائيل ممن ليسوا مواطنين.

سوق الأفكار الإسرائيلية في الموضوع الإسرائيلي متنوعة ظاهراً أما عملياً فالكثير من منتجاتها متكررة أو نفد مفعولها.

بعد 55 عاما من العام 1967 وثلاثة عقود بعد اتفاقات أوسلو، يتميز هذا الخطاب بالتعفن، التعب، وعدم الاكتراث.

الأمر بارز بخاصة لرؤيا الدولتين: فهي ذات صلة إذا كانت النية الانفصال المادي بين الشعبين، لكن ليس كخطة عمل قابلة للتحقق كما صيغت قبل ثلاثة عقود.

في ضوء الانقسام العميق في الساحة الفلسطينية والتغيير الديمغرافي والجغرافي المتواصل في “يهودا” و”السامرة”، فإن تحقيق الرؤية وبالتأكيد في حدود 1967 يبدو شعاراً قدرة تحققه طفيفة.

من الجهة الأخرى توجد فكرة فرض السيادة الكاملة أو الجزئية في “يهودا” و”السامرة” – بما في ذلك توطين جزء أو كل الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة – رؤيا تثير النفور في أوساط معظم الإسرائيليين، بمن فيهم مؤيدو “الليكود الذي لم يحدد الفكرة أبدا كهدف.

على خلفية اليأس من رؤيا الدولتين والنفور من الضم امتلأ الخطاب الإسرائيلي بأفكار وسطى تدعي الإمساك بالحبل من طرفيه: الامتناع عن البحث أو الفعل في السياق الإقليمي، وفي الوقت ذاته عدم التورط في سيطرة مباشرة على الفلسطينيين وخلق دولة واحدة.

تستند هذه العقيدة إلى الدفع قدماً بحياة طيبة للفلسطينيين، ما يفترض أن يسمح باستقرار أمني على مدى الزمن، دون الاضطرار إلى اتخاذ قرارات حاسمة استراتيجية.
أفكار “هذا وذاك معاً” تغدق وهم الحل القابل للتطبيق الذي يتجاوز الحاجة للحسم في المسائل الجوهرية، لكنها ليست سوى مسار ملتوٍ نهايته الدمج بين إسرائيل و”يهودا” و”السامرة”.

على الإسرائيليين أن يعترفوا أن أمامهم اليوم خيارين استراتيجيين فقط. الأول – استمرار “صهر” “يهودا” و”السامرة”، الذي يتسارع كلما ضعفت السلطة، ومن شأنه أن يتحقق أيضا دون تخطيط وإرادة أي من الطرفين.

في نهاية المسار سيكون الإسرائيليون مطالبين بأن يحسموا بين نظام تعيش فيه مكانتان مدنيتان، وبين توطين الفلسطينيين.

البديل الثاني هو الانفصال المادي بروح مشروع ألون، الذي لا يعني بالضرورة دولة فلسطينية مستقلة. السيناريو لا يخلو من تهديدات أمنية، وليس واضحا إذا كان سيستقبل بالترحاب من الفلسطينيين، وفي هذه اللحظة على الأقل لا يتضمن غزة، لكن لا يزال أفضل من الواقع البلقاني الكابوسي للحياة معاً.

الجماعتان الأهليتان تقتربان كل الوقت من نقطة اللاعودة التي لا يعود فيها ممكناً البحث في الفصل المادي.

يوجب الأمر بحثاً جماهيرياً وسياسياً عاجلاً حول المفترق التاريخي الذي وصلنا إليه، ولا يقل أهمية عن ذلك زعامة ذات رؤيا، ونظرة بعيدة المدى، وبالأساس قدرة على اتخاذ القرارات التاريخية، ما ميز جيل المؤسسين لكن ليس واضحاً إذا كان موجوداً اليوم أيضاً.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى