ترجمات عبرية

يديعوت – هل تقف إسرائيل “الحيادية” في الجانب الخطأ من التاريخ؟

يديعوت ٢٤-٣-٢٠٢٢م – بقلم: دانييل بطيني

حرب رهيبة تجري على أرض أوروبا، وقصف روسي، ومقاومة أوكرانية، ومشاهد فظاعة ودمار… سطحياً، يقول لي كثيرون إنها حرب الآخرين، بعيدة عن إسرائيل. هذه حرب يمكننا فيها نحن، الذين اختبرنا الصواريخ والمقذوفات الصاروخية وقتلى العمليات، أن نشاهدها بارتياح في شاشات التلفزيون والصحف ومواقع الإنترنت، ثم نواسي أنفسنا بأنها ليست حربنا اليوم.
غير أن إسرائيل تورطت مرة أخرى في الساحة الدولية: حتى أمس، نشرت وسائل الإعلام العالمية ادعاءات بموجبها رفضت إسرائيل بيع أوكرانيا برنامج التجسس “بيغاسوس” خوفاً من المس بالروس. تتضرر صورتنا مرة أخرى في الأروقة السياسية في أوروبا، وخصوصاً في وسائل الإعلام، والشارع وحتى في مكاتب المصرفيين في لندن وسويسرا وإيطاليا. فالسير على الخط الحذر، سياسة تتخذها حكومة إسرائيل منذ بداية الحرب، تتم بلا شك وفقاً لاعتبارات مركبة جداً لعموم خريطة المصالح في الساحة الدولية. ليس في نيتي الادعاء بأن سياسة إسرائيل صحيحة أو مغلوطة، ولكن بشكل ما نجحت إسرائيل مرة أخرى في إدخال نفسها إلى العناوين الرئيسة حول هذه الحرب.
قد تبدو إسرائيل اليوم -مثلما يلاحظ الزعماء المختلفون في أوروبا وواشنطن والاتحاد الأوروبي وحتى رئيس أوكرانيا زيلينسكي نفسه- في موقف يسمح لها بالتوسط بحذر بين الطرفين، وذلك بسبب قربها وعلاقاتها مع أوكرانيا وروسيا، لأسباب سياسية وتاريخية ويهودية في الدولتين، والعلاقة الأمنية بل والتعلق بالعلاقة الاستراتيجية مع الكرملين في الساحة المشتعلة في الشرق الأوسط.
ولكنها تفسيرات يصعب بيعها في هذه الأيام. مرة أخرى، شيء ما في إعلاننا لم ينجح كما كان مخططاً له. فحقيقة أن إسرائيل هي الدولة الغربية الأخيرة التي لم تعلن بعد رسمياً عن عقوبات ضد روسيا وأرباب المال الروس تتسبب بنقد عظيم في أوروبا والولايات المتحدة. ففي كل يوم تقريباً يذكر محللون أوروبيون بأن إسرائيل تقف في الجانب غير الصحيح من التاريخ مع دول مثل تركيا والإمارات والتي تسمح “للمال الروسي القذر” بملجأ ومكان آمن.
إن الصورة غير اللطيفة والتقارير التي تظهر المعاملة التمييزية في إسرائيل لاجئي أوكرانيا، والفصل العملي بين اليهود وغير اليهود، تلحق ضرراً هائلاً في صورتنا. يرفض الناس في إسرائيل فهم التداعيات القاسية التي في العالم اليوم، في عالم تساوي كل صورة فيه ألف كلمة، لمثل هذه الصور. أسمع أيضاً أقوالا قاسية من جانب مصرفيين كبار في سويسرا، أناس جد يؤيدون إسرائيل، يحذرون من أنه إذا لم توضح إسرائيل موقفها من الحرب فستجد نفسها في قائمة مالية سوداء.
نتأثر وننفعل عن حق، عندما نرى عملاً رائعاً لأناس يقدمون مساعدة إنسانية، ووقوف طواقمنا الطبية في الساحة، داخل أوكرانيا وعلى حدودها ويساعدون اللاجئين – يهوداً وغير يهود.
لكنها أمور لا تصل إلى العناوين الرئيسة خارج البلاد. صديقي الطيب، رجل كبير جداً في العالم المالي في أوروبا، لا تقنعه هذه التفسيرات. هو قلق جداً. صورة إسرائيل المتماثلة في أوروبا بوقوفها مع تركيا وشيوخ النفط، سيضر جداً بصورة إسرائيل في العالم.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى