ترجمات عبرية

يديعوت: هذا ما قد تفعله طهران إذا شعرت باليأس

يديعوت أحرونوت 12/6/2022، بقلم: أليكس فيشمان

عرف رئيس الموساد الراحل مئير داغان، استراتيجية الصراع العنيف ضد التهديد النووي الإيراني كسلسلة من الضربات الصغيرة، وضد أهداف مختلفة لا يرتبط أحدها بالآخر، ولا أحد يعلم أي ضربة من هذه الضربات ستعطي النتيجة المرجوة. لكن كل هذه الضربات معاً يفترض أن تؤدي إلى التغيير المنشود إما في النظام الإيراني أو في برنامجه النووي.

تعمل هذه الاستراتيجية منذ بضع عشرات السنين بنجاح معين، في ظل ارتفاع وهبوط في حشد الجهود التي تبذلها دول الغرب وإسرائيل لتقويض النظام في طهران. يتصدى النظام الإيراني في الأشهر الأخيرة لإحدى ذرى هذا الجهد الدولي الذي له احتمال معين بالنجاح. فإعلان إيران، الخميس الماضي، عن إغلاق الكاميرات في مواقع قيد المراقبة في ضوء الشجب الذي تلقته من مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو رد من نظام في أزمة.

الرئيس إبراهيم رئيسي، زعيم حديث العهد، أقل من سنة في منصبه، يتصدى لعواصف داخلية على خلفية الوضع الاقتصادي في إيران ويتعرض لانتقاد حاد حتى ممن هم الأكثر قرباً منه؛ أي من زعماء المحافظين. يشعر النظام بأنه مهدد من الداخل، ولهذا السبب فإن إيران اليوم متوقعة أقل بكثير، وبالتالي أكثر خطراً بكثير. والهجمات المنسوبة لإسرائيل في الأسابيع الأخيرة والتي كانت ذروتها شل مطار دمشق في نهاية الأسبوع لمنع إرساليات السلاح من إيران، تجعل الجمهورية الإسلامية أكثر خطراً وأقل توقعاً بكثير.

العاصفة الأخيرة تحرك الحرب في أوكرانيا. فإذا بدأت إيران تتنفس اقتصادياً في 2022 على خلفية ارتفاع دراماتيكي في أسعار الطاقة، فقد جاءت الحرب واقتطعت كل الأرباح. كل منتجات استيراد إيران المركزية ارتفعت أسعارها بشكل جوهري، وبدأ الروس يعطون تنزيلات في أسعار الوقود، ودول مثل الصين تفضل شراء الوقود من روسيا لأسباب سياسية أيضاً.

لكن الضربة القاسية هي وقف ضخ البذور. 30 في المئة من واردات البذور إلى إيران كانت تأتي من أوكرانيا وروسيا. وأضيفت إلى ذلك سنة جفاف قاسية على نحو خاص في إيران أنتجت محاصيل متدنية، وبدأ حلم الاقتصاد المستقل الإيراني لرئيسي ورفاقه المحافظين – الذي يسمى عندهم “اقتصاد المقاومة”، يتبدد شيئاً فشيئاً. كل تعهدات الرئيس رئيسي لتحسين الوضع الاقتصادي عشية تسلمه مهام منصبه تبددت، وفي 9 أيار من هذا العام أعلن عن تخفيض الدعم الحكومي للغذاء الأساس بـ 100 مليار دولار، بما في ذلك رفع أسعار الخبز.

هنا لم يعد الحديث يدور عن احتجاجات سياسية، فالشارع خرج للتظاهر على النقص، بما في ذلك في المدن الكبرى. وما بدأ كمظاهرات جوع، تطور بسرعة شديدة إلى احتجاج ضد الفساد السلطوي. في 23 أيار انهار مبنى من عشر طوابق في عبدان بسبب عقود بناء فاسدة، وقتل 36 شخصاً، والأربعاء الماضي نزل قطار عن السكة فقتل عشرة أشخاص في الحادثة.

بالتوازي، ثمة من يحرص على تعزيز الوعي المعادي من الجمهور في إيران ضد النظام من خلال سلسلة أعمال تمس بالمعنويات، مثل تصفية خمسة خبراء سلاح إيرانيين، واقتحام لمنظومات الحاسوب في مطار طهران الدولي مما أدى إلى التشويش، ومصادرة سفينة نفط إيرانية رست أمام شواطئ اليونان من قبل الولايات المتحدة، إلى جانب منشورات كشفت في الأسابيع الأخيرة عن تهديدات وقدرات لسلاح الجو الإسرائيلي تمهيداً لهجوم في إيران. وحتى يصل شيء ما من كل هذا إلى أذن ووعي المواطن الإيراني ويخلق الأثر السليم، كانت هناك حاجة لأن تصدح الأمور في أرجاء العالم. وعليه، فمعقول الافتراض بأن تصريحات رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الذي ألمح بأعمال إسرائيلية على أراضي إيران ليست زلة لسان. ففي الحرب على الوعي العام ينبغي توفير المعلومات، إذ إن الجانب الإيراني يحاول إخفاء المعلومات أو تقزيم معناها. سلسلة من مثل هذه المنشورات، التي تؤثر في الوعي، كفيلة بأن تمس بثقة الجمهور الإيراني في قيادته.

لهجمة الوعي هذه نتيجة واحدة، وهي تأجيل الاتفاق النووي؛ فإيران رئيسي لا يمكنها أن تأتي راكعة فتطلب إعادة النظام السخي الذي عرضه عليها الأمريكيون قبل بضعة أشهر فقط. من جهة أخرى، فإن نظاماً متأزماً من شأنه أن يقوم بعمل متطرف كي يستعرض القوة ويحسن مكانته. هذه خلفية إخطارات بجهد إيراني للمس بمواطنين إسرائيليين في العالم. النظام الإيراني من شدة يأسه قد يسير بعيداً جداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى