ترجمات عبرية

يديعوت: نحن نسير على الطريق السريع الى الدولة الواحدة

يديعوت 3-8-2023، بقلم د. ميخائيل ميلشتاين: نحن نسير على الطريق السريع الى الدولة الواحدة

منذ سبعة أشهر تتركز إسرائيل بشكل جارف (ومبرر) على الأزمة الداخلية السابقة التي تغير صورتها. لكن برعاية الانشغال المكثف بالمسألة القضائية، تُدفع سياقات إلى الأمام في الضفة الغربية تؤدي إلى تغيير الطابع الجغرافي والديمغرافي لإسرائيل وتنطوي على تحد وجودي جسيم للدولة.

منذ أداء حكومة اليمين القانونية وهي تحث الخطى التي تؤدي إلى شطب الخط الأخضر، وتغيير الواقع الديمغرافي في المنطقة ودمج الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي. في هذا السياق، يبرز إقرار بناء نحو 12 ألف وحدة سكنية في الضفة الغربية (ارتفاع كبير بالنسبة للعقد الماضي)؛ وتقصير إجراء إقرارات البناء في المنطقة، وفي أعقاب إلحاق قسم من الإدارة المدنية بالوزير سموتريتش وتقليص مسؤولية وزير الدفاع عن الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية؛ وشرعنة عشر بؤر استيطانية؛ وإلغاء قانون فك الارتباط عن شمال الضفة الغربية ”.

يدور الحديث عن تحقق تدريجي، من تحت الرادار، لرؤية سموتريتش بعيدة المدى التي تؤسس لإحلال السيادة على الضفة الغربية ، ومضاعفة الاستيطان اليهودي في المنطقة (الذي يبلغ اليوم نحو نصف مليون نسمة)، والتوحيد الإداري بين البلدات في الضفة الغربية وتلك التي في إسرائيل، وإزالة السلطة الفلسطينية، التي تعرّف بأنها عدو مرير.

وهكذا، فإن إسرائيل التي توظف جهدها في الصراع الداخلي تجد نفسها منذ الآن – دون وعي أو إرادة – في مسار سريع إلى دولة واحدة. هذا واقع ينشأ دون تخطيط استراتيجي مرتب، وإعلانات على الملأ أو بحث جماهيري، بل من خلال الحياة اليومية للبيروقراطية وشق الطرق وإصدار الأذون. ويظهر في الخلفية تميز بارز في تحقيق “سلام اقتصادي” يقول إن تحسين نسيج حياة الفلسطينيين يضمن الاستقرار الأمني على مدى الزمن، فيما أنه عملياً يتم تسريع دمج الكيانين.

عندما يجري في إسرائيل بحث في المسألة الفلسطينية، فإنه يجري على أساس نظريات الماضي المترددة بين رؤيا الدولتين ومواصلة إدارة النزاع. عملياً، ويتسع خط التماس بين الجماعتين السكانيتين وتزداد المسؤولية الإسرائيلية عن ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية. وهكذا تقترب الجماعتان السكانيتان من نقطة اللاعودة الجغرافية والسياسية والاقتصادية، بحيث لا يتاح انفصال مادي بينهما، وسينشأ برعايته واضع بلقاني خطير.

تجتذب الأزمة الداخلية معظم قوى المجتمع وستصعّب التصدي المصيري لمواضيع جوهرية أخرى. إسرائيل التواقة إلى الشفاء والمصالحة، ستخشى الانشغال بمسائل خلافية حادة تثير مرة أخرى دعوات للعصيان المدني أو تؤثر سلباً على استقرار المنظومة العسكرية، كالبحث في تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، وبخاصة تلك التي تترافق وتغييرات إقليمية في الضفة الغربية.

في ختام حرب الاستقلال، توج كثيرون قرار بن غوريون عدم التسليم باحتلال الضفة الغربية في أثناء المعركة كـ “بكاء للأجيال”. هذا التعبير نحله اليوم على غياب البحث في المسألة الفلسطينية الآخذة في التعقد والسنوات الخمس الضائعة التي بذرناها على صراع داخلي في ظل إهمال الانشغال بمسائل جوهرية، بما فيها التهديد الإيراني وترتيب علاقات اليهود والعرب في إسرائيل.

عندما تخرج إسرائيل من أزمتها الداخلية، ستبدو مختلفة عما كانت عندما دخلت إليها من ناحية اجتماعية وحزبية، لكن أيضاً من ناحية سياسية وجغرافية. عندها ستقف – وهي تكاد مشلولة القوى – أمام تحديات وجودية تفوق تلك التي تتصدى لها في هذه اللحظة. هذا فهم ينطوي على صرخة وجودية، على رئيس الوزراء أن يستوعبها: أن يضع جانباً مسائل تبدو ظاهراً محملة بالمصائر، وعلى رأسها الإصلاح القضائي، وأن يركز الجهد في مواضيع جوهرية ستؤثر بلا قياس وقريباً على مستقبل الدولة، وعلى رأسها الموضوع الفلسطيني الذي سبق أن أثبت في الماضي أنه لا يمكن الهروب من البحث فيه أو عدم الحسم بشأنه.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى