ترجمات عبرية

يديعوت: نتنياهو في الجانب الخاطئ من التاريخ

يديعوت 2022-12-06، بقلم: داني اورباخ*: نتنياهو في الجانب الخاطئ من التاريخ

أظهر مقال نشره نداف إيال في “يديعوت أحرونوت”، أول من أمس، كيف أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء المرشح، وقع في قول آخر مشكوك فيه من ناحية تاريخية. فبزعمه حين طلب من الرئيس الأميركي روزفيلت قصف معسكر الإبادة إوشفيتس أجاب بأن المعسكر سيقصف “فقط على جثتي”.

يقصد نتنياهو على أي حال مرة أخرى النظرية التي تقول إن شعب إسرائيل “وحده يسكن”، والأغيار تركوه وحده في الكارثة، لكنه هذه المرة أخطأ خطأ جسيماً.

فضلاً عن حقيقة أنه لا يوجد توثيق على أن روزفيلت قال هذه الأقوال أو ما يشبهها، فإن فكرة أن ينقذوا اليهود من خلال قصف أوشفيتس هي خيال عديم الأساس نشأ بأثر رجعي.

إذا ما نظرنا إلى ذلك من زاوية النظرة الباردة للتحليل العسكري سنرى أن عملية كهذه كانت مليئة بالمخاطر، وتكاد تكون عديمة الاحتمالات، وخير أنها لم تحصل.

فقد فكر أصحاب القرار البريطانيون والأميركيون فيها في المستويات العليا، لكنهم قرروا في نهاية المطاف ألا ينفذوها لاعتبارات عملية.

بداية، جاءت مطالبات منظمات يهودية لقصف أوشفيتس، والمعلومة الاستخبارية الدقيقة عن الإبادة الجماعية التي فيه، متأخرة للغاية.

في صيف 1944 كان معظم يهود أوروبا قد أُبيدوا. صحيح أن يهود هنغاريا كانوا لا يزالون يرسلون إلى الإبادة، لكن الباحثين الذين فحصوا الزمن الذي كان مطلوبا لتحليل المعلومات الاستخبارية، لتدريب الطواقم ولإخراج عملية كهذه إلى حيز التنفيذ توصلوا إلى الاستنتاج بأنه إلى أن تنطلق على الدرب يكون معسكر أوشفيتس أغلب الظن قد أنهى أعماله.

ثانيا، المعلومات الاستخبارية، التي كانت في أيدي الحلفاء الغربيين، كانت عليلة للغاية. تقرير فربه – فسلر الذي كتبه ناجون من أوشفيتس وإن كان وصف الإبادة بالتفصيل لكنه لم يقدم تفاصيل فنية حرجة واجبة لمخططي سلاح الجو عن المزايا المادية للمعسكر وحماية من كانوا في محيطه.

كان واضعو التقرير في منطقة الاحتلال النازي، وعليه ما كان يمكن لمخططي عملية القصف أن يحققوا معهم ويستخلصوا منهم مزيداً من المعلومات.

ثمة من يستخدمون الصور الجوية لأوشفيتس والتي تظهر فيها أفران الغاز على أن الحلفاء كانوا “يعرفون”.

عمليا، بقيت هذه الصور في جوارير مجهولة لوكالات الاستخبارات، ولم تصل أبدا إلى أصحاب القرار ولم يكن ممكنا من خلالها تشخيص أفران الغاز بل المعرفة عن وجودها من مصادر منفصلة.

إضافة إلى ذلك كان أوشفيتس في أقصى مدى طائرات القصف والاعتراض الأميركية الأمر الذي كان سيجعل المهمة خطيرة بشكل غير معقول.

الأسوأ من كل شيء هو أن القصف ما كان أغلب الظن لينفع أحدا. حتى لو نجح القاصفون بأن يضربوا أفران الغاز (احتمال مشكوك فيه جدا)، لكانوا على ما يبدو قتلوا مئات بل ربما آلاف السجناء اليهود.

خشي أصحاب القرار الأميركيون، بخاصة، من أن قتلا كهذا كان سيعطي النازيين حجة غبية كاملة الأوصاف لقتل كل من تبقى من السجناء واتهام الحلفاء بذلك.

في الغابة كانت أفران غاز أخرى، جاهزة للعمل، لم يعرف بها أحد. كل فضاء مغلق ومهوى كان يمكنه أن يستخدم فرن غاز، وعند ضيق الوقت لم تكن للنازيين أي مشكلة لأن يطلقوا النار بكميات هائلة على الناس في المدى الزمني الأقصر، مثلما في مذبحة بابي يار الشهيرة.

إن قصف سكة الحديد التي تنقل إلى المعسكر كانت خطة هاذية حتى أكثر من ذلك. فلأجل قصف سكك كهذه بنجاعة يجب حشد قوة جوية هائلة، غير واقعية في الظروف المعطاة، وكان سهلا جدا على النازيين إصلاحها بسرعة.

أخيرا، يظهر البحث أنه لو كان لأحد أن يكون بوسعه قصف المعسكر، كان هؤلاء هم السوفيات. فقد كانوا في المدى الصحيح، فقد كانت طائراتهم مناسبة أكثر بكثير على قصف من هذا النوع، وأساسا – كان لهم الكثير من المعلومات الاستخبارية عن أوشفيتس. لكن ستالين رفض هو أيضا طلبات صريحة جاءت إليه من الجانب اليهودي. لسبب ما في إسرائيل يتهمون دوماً لندن وواشنطن، لكنهم لم يتهموا موسكو أبداً.

 

*مؤرخ عسكري من دائرتي التاريخ والدراسات الآسيوية في الجامعة العبرية.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى