يديعوت: نتنياهو فوّت أثمن فرصة لمواجهة إيران

يديعوت 2023-08-18، بقلم: آفي شيلون: نتنياهو فوّت أثمن فرصة لمواجهة إيران
الحقيقة التاريخية هي أن إسرائيل بدأت تحدد البرنامج النووي الإيراني تهديدا مستقبليا منذ عهد اسحق رابين رئيساً للوزراء. عمليا، كان التهديد المحتمل من طهران أحد تعليلات رابين التي لا تذكر في صالح اتفاق أوسلو، إذ تطلع ليحل المسألة الفلسطينية كي يركز على التهديد الأصعب.
لكن في صالح بنيامين نتنياهو يقال انه بالفعل وضع ايران في رأس الاجندة منذ ان تسلم منصبه رئيسا للوزراء. فقد سعى نتنياهو، في الأصل، الى تجنيد الولايات المتحدة والعالم لفرض عقوبات، الى جانب تطوير قدرة عسكرية لمهاجمة المنشآت، اذا لم يجدِ الضغط الاقتصادي والدبلوماسي نفعا. وكان تقدير المهنيين هو أن هجوما في ايران سيعرقل تطوير المشروع ثلاث الى خمس سنوات.
سواء أكان التهديد الإسرائيلي حقيقيا ام ان نتنياهو لوح فقط باداة فارغة في كل ارجاء العالم، ففي أوامر 2015 بلغت سياسته ذروة نجاحها. حصل هذا حين وقعت القوى العظمى مع ايران على اتفاق استهدف اجمالا ابعادها نحو 15 سنة عن امتلاك القنبلة. اكثر بكثير مما كان يمكن تحقيقه في هجوم عسكري.
وقد تحقق الاتفاق ليس لان إسرائيل طالبت به او فرضته، بل بسبب مصالح القوى العظمى ومصالح ايران – لكن للسيف الإسرائيلي المهدد، مثلما أيضا لاعلاء الموضوع الإيراني الى السطح في ارجاء العالم الدبلوماسي من نتنياهو ومبعوثيه، كانت بالتأكيد مساهمة في رغبة كل المشاركين في الوصول الى صفقة.
لو كان نتنياهو سياسيا حقيقيا، يعترف بقدرات إسرائيل وقيودها، مثلما بقدراته وبقيوده أيضا، لكان يفترض به ان يعرف ان الاتفاق هو الأفضل من بين كل الأمور الممكنة. فضلا عن ذلك، كان يمكن لنتنياهو أن يتباهى به كأكبر إنجازاته. في الـ 15 سنة التي سيتأخر فيها المشروع الإيراني كان يمكن محاولة العمل على تغيير النظام، وعلى توثيق المعلومات الاستخبارية عن هجوم او حتى الاقتراب منه. 15 سنة زمن طويل، وبالتأكيد بتعابير عالم يتغير بسرعة. لكن نتنياهو هو من كان له كل شيء، ومع ذلك أراد اكثر. فقد اختار ان يعمل على اسقاط الاتفاق، وساعده دخول ترامب الى البيت الأبيض – استراتيجي صغير ورجال غير مسؤول – على اقناع الولايات المتحدة بالتنكر للاتفاق.
دون الاتفاق، تقدمت ايران اكثر فأكثر نحو النووي. وقد اجتازت منذ الان الحافة التي عرضها نتنياهو في خطابه الشهير في الأمم المتحدة كخط أحمر. اليوم، حين تنشر انباء عن تفاهمات متجددة ستتحقق بين الأميركيين والإيرانيين، واضح أنها ستكون اقل جودة من الاتفاق إياه، وواضح أساسا أن إسرائيل لم يعد يمكنها أن تعمل في ايران، سواء لاسباب داخلية ام من ناحية التحفظ الدولي على ذلك.
ان تفويت الإنجاز الذي سبق أن تحقق مع ايران هو، اكثر من أي شيء آخر الفشل التاريخي لنتنياهو كرئيس الوزراء. هذا التفويت يتناسب والتسرع الذي خطب فيه امام الكونغرس في 2002 حين حيث الأميركيين على اسقاط حكم صدام حسين، وليس فقط اضعافه، دون أن يفهم أن العراق كان أيضا قوة كابحة للايرانيين، قوة اختفت.
اما الآن فقد بات الأوان متأخرا؛ فالمعارضة التي اعرب عنها، هذا الأسبوع، مكتب نتنياهو للتفاهمات الجديدة بين الولايات المتحدة وايران لم تعد تؤثر على احد.
ان التفويت في المسألة الإيرانية يقف أيضا بقدر كبير من خلاف الهزات في السياسة الداخلية في اسرائيل. حقيقة هي أن ميل نتنياهو الى السياسة الشعبوية والاستقطابية تعاظم بالتوازي مع الزمن الذي فقدنا فيه الطريق الى وقف ايران: إذ انه دون المسألة الإيرانية على الاجندة لم يتبقَ له ما يبرر حكمه الا بالتغييرات اللازمة ظاهرا في داخل الدولة.
ان الفشل تجاه ايران بالتالي مزدوج: فشلت إسرائيل في ابعاد الإيرانيين على القنبلة، وعلقت في حروب داخلية تضعفها وتشرخها، بقدر لا يقل عن أي رد إيراني كان يمكن له أن يأتي لو أننا هاجمناها.



