ترجمات عبرية

يديعوت – ميخائيل ميلشتاين – مؤتمر مدريد ماذا تبقى من الرؤيا؟

يديعوت – بقلم  ميخائيل ميلشتاين – 28/11/2021

” ثلاثة اهداف استراتيجية كانت في مركز جدول اعمال الولايات المتحدة في الشرق الاوسط في 1991. اثنان فشلا فيما سجل واحد نجاحا “.

يوم الذكرى الثلاثين لمؤتمر مدريد، الذي يوصف كأحد علامات الطريق المركزية في تاريخ الشرق الاوسط الحديث بعامة والنزاع الاسرائيلي – العربي بخاصة مر قبل نحو شهر – دون احتفالات في اسرائيل، في العالم العربي او في الولايات المتحدة، وعمليا دون أي ذكر تقريبا. والفجوة بين الصورة عظيمة الاهمية التي تمنحها كتب التاريخ للمؤتمر وبين التجاهل الجارف للحدث تعكس الهوة التي فغرت فاها على مدى ثلاثة عقود بين امل الماضي وواقع الحاضر.  

لقد عقد المؤتمر برعاية وتحفيز امريكيين فور حرب الخليج الاولى، في ظل محاولة استغلال الواقع الناشيء مع نهاية الحرب الباردة لتصميم شرق اوسط جديد واكثر استقرارا،  يقوم على اساس اتفاقات سياسية تحت هيمنة امريكية. وكانت هذه هي المرة الاولى التي ينعقد فيها معا معظم زعماء المنطقة. وتضمن الحدث مشاهد غير عادية مثل تواجد مشترك لاسحق شمير ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع في القاعة ذاتها (في خطاباتهما تبادل الرجلان الضربات اللفظية، والتي في ذروتها ذكر الشرع ماضي شمير في ليحي ووصفه “بالارهابي”)، او مشاركة مندوبين فلسطينيين في اطار الوفد الاردني في ظل الايضاح بانهم يتبعون إمرة م.ت.ف . المؤتمر نفسه لم ينتهِ باي اتفاقات، وتواصله كان حوارا متعدد الاطراف راوح في المكان. ولكن الحدث جسد بداية عقد سياسي في ذروته وقعت اتفاقات سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين والاردن، وجرت مفاوضات غير مسبوقة بين اسرائيل وسوريا لم تنجح في نهاية المطاف. 

ثلاثة اهداف استراتيجية كانت في مركز جدول الاعمال الذي سعت الولايات المتحدة لان يكون في الشرق الاوسط في 1991. من مسافة الزمن يمكن القول ان اثنين منهما باءا بالفشل، وواحد سجل نجاحا. الانجاز كامن في تحقيق التطبيع بين اسرائيل والدول العربية، مسيرة سجلت ذروة في السنوات الاخيرة في اعقاب التوقيع على “اتفاقات ابراهيم”؛ والهدفان اللذان فشلا كانا محاولة اقامة سلام امريكي، انهار في العقد الاخير على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من العراق ومن افغانستان والجهد لوضع حد للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. 

في نهاية العام 2021 لا يمكن لاسرائيل ان تواسي نفسها في أن واحدا على الاقل من الاهداف العليا الثلاثة لمؤتمر مدريد تحقق. فمسيرة التطبيع مع العالم العربي – والتي تترافق احيانا والكشف عن “الاسقف  الزجاجية” التي تتخذ شكل المصاعب في فتح حوار بين المجتمع في اسرائيل والمجتمع في معظم العالم العربي –  هي ذات اهمية استراتيجية، ولكن ليس فيها ما يكفي لان يمنح اسرائيل استقرار وأمنا على مدى الزمن. 

وبالنسبة لفشلي المؤتمر: ليس لاسرائيل قدرة على  مساعدة الولايات المتحدة في مساعيها العبثية لتغيير وجه الشرق الاوسط بروح دول قومية مستقرة ونظام ديمقراطي، الهدف الذي تمسك به وفشل – كل واحد بطريقته – كل الرؤساء الامريكيين في الثلاثين سنة الاخيرة. ومع ذلك اسرائيل قادرة بل وملزمة بتحقيق حسم ما في الموضوع الفلسطيني. سنوات طويلة من المواجهات الحادة بين الطرفين، جمود سياسي وانقسام داخلي في الساحة الفلسطينية ادت الى فقدان الثقة في القدرة على احلال تسوية بين اسرائيل والفلسطينيين والى يأس دولي من الموضوع. والسعي الى حل سياسي جاءت مكانه على مدى السنين مناهج “ادارة النزاع” و “السلام الاقتصادي”، التي توفر هدوء في المدى القصير ولكنها تترافق عمليا واندماج بين المجتمعين – ولا سيما في يهودا والسامرة – وتوجهه الى واقع الدولة الواحدة.

بعد ثلاثة عقود من بدء المسيرة السياسية في الشرق الاوسط يبدو أنها قلت الاحتمالات لتحقيق تسوية اسرائيلية – فلسطينية تقوم على اساس رؤيا الدولتين في 1967، على الاقل في المدى المنظور. ومع ذلك، لم يتوصل الاطراف بعد الى نقطة اللاعودة في كل ما يتعلق بالفصل الاقليمي وانه لا ضرورة لان يتمثل باقامة دولة فلسطينية مستقلة بل باقامة حكم ذاتي ذي حدود جغرافية واضحة. فالهدوء النسبي القائم في يهودا والسامرة في اثناء العقد الاخير ليس دليلا على أنه لا حاجة للوصول الى حسم في الموضوع الفلسطيني بل على أنه يجري اندماج زاحف بين اسرائيل والفلسطينيين سيؤدي الى حياة مشتركة ولكنها مليئة بالعداء بين المجتمعين وينطوي على احتمال لانفجار اشد مما في الماضي. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى