ترجمات عبرية

يديعوت: مونديال قطر: نظرة إلى الشرق الأوسط الجديد

ميخائيل ميلشتاين – يديعوت – 2022-12-01: مونديال قطر: نظرة إلى الشرق الأوسط الجديد

بعد أكثر من أسبوع من افتتاح المونديال في قطر يبدو أن الصور الأساس التي ستبقى في الذاكرة الجمعية الإسرائيلية منه هي صور الإزعاجات المتواصلة للصحافيين الإسرائيليين من جانب المشجعين – وليس فقط الفلسطينيون – ممن يلوحون بأعلام فلسطين أو السياح من الدول العربية أو المواطنون القطريون الذين يمتنعون بنفور ظاهر في اللحظة التي يتبين لهم أنهم يتحدثون مع إسرائيليين.

أحداث كهذه تصدح في الخطاب العام في إسرائيل أكثر من المسائل التي تقلق معظم العالم في كل ما يتعلق بالأحداث في قطر (موت جموع من العمال الأجانب قبل المونديال، معاملة المثليين، والقيود على بيع الكحول وغيرها)، وتقف بخلاف حاد مع الريح التي هبت في إسرائيل عشية المباريات وبموجبها فإن الإذن بوصول السياح إلى قطر يعكس تشققاً لسور قديم آخر بيننا وبين العالم العربي.

الأحداث في قطر تضع عملياً مرآة ساطعة عن صورة التطبيع. فالمونديال يجعل الإسرائيليين يلتقون الشارع العربي – ليس فقط القطري – ويوفر نظرة ليست مرشحة عبر خطابات زعماء منفعلين واحتفالات مبهرة، يعكس الموقف الأصيل للجماهير العربية تجاه إسرائيل والفجوة بينه وبين نهج الحكومات في المنطقة.

تمثل عشرات السنوات من السلام مع مصر والأردن بشكل صائب الصورة الواعية بالنسبة للعلاقة مع إسرائيل. فالأنظمة يعزون لها أهمية استراتيجية تزداد باستمرار بينما الجماهير وكذلك المثقفون المركزيون ينفرون في معظمهم منها ويمنعون دخول إسرائيل إلى المجال الثقافي أو الاجتماعي.

في دول الخليج، التي قادت اتفاقات إبراهيم، وإن كان مدى العداء الجماهيري تجاه إسرائيل أدنى لكن توجد فجوة أساسية تنطوي على انعدام التوازن بين جموع السياح الإسرائيليين الذين يصلون إلى تلك الدول وبين التنقيط الهزيل الذي يشق طريقه إلى إسرائيل.

يوفر المونديال الحالي للإسرائيليين فهماً واعياً للسقف الزجاجي السميك الذي يقف في وجه الجهد لإقامة شرق أوسط جديد في حبله السري تطبيع واسع مع العالم العربي: يدور الحديث – لا يزال – عن اتفاقات بين النخب وليس عن حوار بين المجتمعات. صحيح أن المسألة الفلسطينية تقف عائقاً مركزياً في هذا السياق لكن لا ينبغي التعلل بالوهم في أنه في اللحظة التي تبدأ فيها مفاوضات سياسية، ناهيك عن التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، ستذوب هوات العداء القديمة تجاه إسرائيل. وهذه متجذرة عميقا في الثقافات التي حولنا وسيمر وقت طويل إلى أن تهتز، إذا ما اهتزت على الإطلاق.

يتبقى لإسرائيل أن تواسي نفسها بالقسم المليء من الكأس، وأن تحاول حفظه وتنميته. فالعلاقة الاستراتيجية الوثيقة التي تشكلت في السنوات الأخيرة مع دول الخليج وكذا مع مصر، الأردن، والمغرب عظيمة الأهمية، رغم أنها كما أسلفنا لا تنتقل إلى تنمية علاقات مع المجتمعات وتنبع في أساسها من الظروف السياسية التي نشأت في السنوات الأخيرة وفي مركزها صعود قوة إيران التي تشكل تهديداً مشتركاً لإسرائيل وللعالم العربي السُنيّ.

دفعت بعض الدول العربية لهذه العلاقة قدما في ظل التركيز على مصالحها الذاتية وفي ظل تجاوز المحظور التقليدي الذي بموجبه لن تقوم علاقات مع إسرائيل قبل أن يتحقق حل للمشكلة الفلسطينية.

عملياً لا تزال منظومة العلاقات هذه حساسة جداً لما يجري في الساحة الفلسطينية، وبخاصة في كل ما يتعلق بالحرم، وهذه تؤثر على الجماهير المحلية، وبالتالي تثير تخوف الأنظمة من اضطرابات داخلية.

نوصي الحكومة الوافدة بأن تستوعب هذا الفهم، وأن تفضل في السياق الفلسطيني – على الأقل في المدى المنظور للعيان – الإبقاء على الوضع القائم على خطوات ثورة من شأنها أن تمس بالإنجازات الاستراتيجية التي يثبت – كما اسلفنا في المونديال في قطر – أنها اعتمدت منذ البداية على أساسات متهالكة نسبياً.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى