ترجمات عبرية

يديعوت: ملاحقة فيلم فرحة: إسرائيل تمسّ بمناعتها الديمقراطية

يديعوت 2022-12-05، بقلم: بنيامين طوف آس: ملاحقة فيلم فرحة: إسرائيل تمسّ بمناعتها الديمقراطية

في الفيلم التاريخي «الوطني»، الذي يعود للعام 2000، بنجومية مل جبسون قائداً لميليشيا، يوجد مشهد فظيع يغلق فيها جنود بريطانيون الكنيسة على نساء وأطفال ويحرقونها بمن فيها.

رغم أنه يوجد إجماع تاريخي على عدم حصول حدث كهذا – يذكر بالطبع بأفعال النازيين – في الحرب ذاتها، لا أذكر احتجاجات أو دعوات لمقاطعة الفيلم.

رغم الشكاوى الهزيلة في المؤرخين كان الرواج واسعا في الولايات المتحدة، في إسرائيل، وحتى في بريطانيا.

«الوطني» هو فيلم غبي، سطحي ومنكر، وهكذا أيضا الموازي له الفيلم الأردني موضع الحديث «فرحة». كناقد سينمائي، خسارة أن نضيع الكثير من الكلام عليه: ما يبدأ فيلم نضوج شخصي فج جدا عن فتاة فلسطينية في 1948، ينتهي كـ «عازف» للفقراء تنظر فيه البطلة من مكان مخبئها لترى الفظائع من حولها، وعلى رأسها ذاك المشهد الذي يطلق فيه جنود إسرائيليون النار على مدنيين، ويتركون وليدا ابن يومه لحتفه.

بين الفظائع الإضافية يمكن أن نحصي لكنة المجندة الإسرائيلية، التي أُضيفت إلى القوة، والتي بدت مسافرة في الزمن، حيث أطلقت من حرس الحدود اليوم إلى العام 1948، وأنف الضابط الذي امتشق مباشرة من كاريكاتير في أوروبا في بداية القرن الماضي.

العنوان الغامض قصداً «بإلهام من أحداث حقيقية» (أي أنه لا يستند إلى معركة معينة بل بزعم المخرجة يستند إلى قصة سمعتها من أمها هي أيضا سمعتها بدورها من لاجئة فلسطينية في سورية) يعطي أيضا ما يكفي من الحرية للتلاعب.

في ضوء حقيقة أن ما يكفي من الأحداث القاسية وموضع الخلاف وقعت في الحرب ذاتها أقول بحذر وليس كمؤرخ، إن إضافة قتل وليد إلى جملة الأفعال النذلة هو ما كان يسميه مل جبسون «سينما حكاية مصنوعة جيدا». هكذا فعل عدد لا يحصى من أفلام هوليوود للروس، للهنود، وللعرب.

يمكن أن نفهم إحساس الإسرائيليين الذين يشعرون الآن، وبالتأكيد في ضوء حقيقة أن 1948 أقرب إلينا بكثير من 1776، وفي الوقت ذاته يمكن أن نسأل المشاهدين الذين لم يشاهدوا والسياسيين الذين سارعوا للحماسة: ماذا حصل؟ هل انتهت الأفلام التشهيرية ضد إسرائيل فانتقلنا إذاً إلى الأردن؟ هل انتهينا من التهديد على البث السينمائي الإسرائيلي فانتقلنا إلى فحص قوتنا أمام نتفليكس؟ (تلميح: يوجد لها 220 مليون مشترك، إسرائيل حسب التقديرات السخية تتراوح حول المليون. أجروا أنتم الحساب).

الشعار السخيف «حرية التعبير ليست حرية التمويل»، الذي اختلقته ربة الرقابة اليمينية، ميري ريغف، ينكشف في هذه القضية بعريه عند محاولة إخفاء فيلم أجنبي سبق أن اكتمل.

من المفهوم أن كل مبادرات المقاطعة التي قامت بها نتالي ددون وأمثالها تزيد فقط الاهتمام حول «الفيلم الذي أغاظ إسرائيل» ولم ينل اهتماما كبيرا حتى الآن. أنا واثق أن «المخربة» الكويتية التي تقيم في عمان راضية.

ما يتبقى، بعد أن زدنا مداخيل الفيلم في نتفليكس، هو أن ننكل بالمحافل الثقافية في البلاد والتي تتجرأ على بثه، وبشكل عجيب يدور الحديث دوما عن البدء بالعرب.

إن محاولة نزع الأموال من مسرح «السرايا» في يافا من جانب وزير الثقافة تروبر ووزير المالية ليبرمان، لن تمس أغورة بالمنتجة، وبشركة الإنتاج، وبنتفليكس، ولكن من شأنها أن تتسبب بأخلاق إضافية أخرى في البلاد تتجرأ على الخروج عن التيار الأساس – حتى وإن كان بشكل مغيظ – للانغلاق على الذات وللآخرين بالحذر.

الوحيدون الذين تأذوا هم الإسرائيليون – الذين يتعرضون إلى مزيد من القيود على الحوار ومزيد من القليل من قدرتهم على أن يفهموا المجال الذي يعيشون فيه (والموقف منا في المونديال أوضح كم هو هذا الأمر مهم). هذه هي القيمة الوحيدة التي في «فرحة»، فيلم صغير ضرره الأساس الآن ليس بالتشهير بإسرائيل في الماضي، بل بتحولها إلى ديمقراطية أقل قوة في الحاضر، وبالهدف الفاخر الذي نسجله في مرمانا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى