ترجمات عبرية

يديعوت: مخاطر عبث نتنياهو الاستراتيجي 

يديعوت 19-3-2024، عاموس جلعاد: مخاطر عبث نتنياهو الاستراتيجي 

التهجم غير المسبوق من رئيس الوزراء نتنياهو على الرئيس الأميركي بايدن هو تعبير متطرف عن نكران للجميل وإخفاق استراتيجي من الدرجة الأولى.

الولايات المتحدة هي الحليفة الحقيقية الوحيدة لإسرائيل. وجو بايدن هو الرئيس الأكثر وداً لإسرائيل منذ الأزل.

لا منطق استراتيجياً بالتهجم عليه وعلى زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومير ويمكن فقط الاشتباه بأن هذه سياسة داخلية صغيرة تحل محل استراتيجية حيوية لأمن الدولة ومستقبلها.

على مدى سنوات ولايته الطويلة سبق لنتنياهو أن بادر إلى صدام جبهوي مع رئيس أميركي – وهذا الخطأ كلف إسرائيل غالياً.

بالفعل شخص رئيس الوزراء جيداً منذ قبل نحو ربع قرن التهديد الإيراني، وأقسم – عن حق – بالقضاء عليه.

غير أنه منذئذ، وعلى الأقل في الـ 12 سنة الأخيرة، كرر أخطاء جسيمة في سياسته، تركت إسرائيل في وضع ضعف حيال التهديد الإيراني.

إيران اليوم هي دولة حافة نووية، تبعاً لقرارها فقط يمكنها أن تطور سلاحاً نووياً في غضون وقت قصير – ما سيفتح باحتمالية عالية سباق تسلح نووي يوفر مظلة حماية لكل منظمات الإرهاب، من حزب الله في الشمال وحتى الحوثيين في اليمن.

جذور هذا الوضع هي في مبادرة نتنياهو 2011، التي سبق أن كشف النقاب عنها، للهجوم عسكرياً على إيران – دون تنسيق استراتيجي مع الولايات المتحدة ورئيسها في حينه براك أوباما.

إضافة إلى ذلك أهان نتنياهو الرئيس أوباما دون أي سبب، حين ظهر في الكونغرس وخطب ضد الاتفاق النووي مع إيران دون أن ينسق معه.

كنتيجة لذلك، وقعت الولايات المتحدة مع إيران على هذا الاتفاق من خلف ظهر إسرائيل ورغم أن هذا كان اتفاقاً سيئاً، فإن إلغاء الرئيس ترامب له بعد بضع سنوات، بتشجيع من نتنياهو جعل الوضع في أسوأ وضع يمكن تصوره.

إيران بعد أن تحررت من قيود كل اتفاق، قررت التقدم في مسار النووي العسكري حتى الحافة الخطيرة الحالية.

في السبت اللعين من 7 أكتوبر أنقذت الولايات المتحدة إسرائيل وأتاحت للجيش الإسرائيلي النهوض على ساقيه كالسبع وضرب حماس ضربات موجعة. غير أنه بعد ذلك جاء إعلان نتنياهو عن استراتيجية الانتصار المطلق، التي مآلها الفشل والقضم من إنجازات الجيش الإسرائيلي كونها تتجاهل الحلف مع الولايات المتحدة.

واشنطن تقترح على إسرائيل صفقة رزمة الأحلام، التي تتضمن محوراً استراتيجياً يقوم على أساس الدول العربية الكبرى – وعلى رأسها السعودية، مصر ودول اتفاق إبراهيم – والتي تدمج إسرائيل أيضاً بحلف عسكري إقليمي بقيادتها.

إضافة إلى ذلك تقترح الولايات المتحدة على إسرائيل مخططاً لإعمار غزة، بتمويل سخي من دول الخليج – حين يكون دون إعمار القطاع ودون قيادة فلسطينية أصيلة، من شأن إسرائيل أن تنجر إلى احتلال مباشر لغزة المصابة بالضائقة والكارثة.

إضافة إلى ذلك، إذا كانت إسرائيل تريد إعادة عشرات اآلاف السكان إلى بيوتهم، فأمامها طريقان: مواجهة شاملة مع حزب الله، ثمنها الاستراتيجي عالٍ جداً والولايات المتحدة لن تساعدنا فيه، أو ترتيبات أمنية محسنة على أساس قرار مجلس الأمن 1701 محسن، تتيح إبعاد قوة الرضوان إلى ما وراء الليطاني.

إنجازات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان مهمة جداً لكن دون فعل سياسي لن يتاح أفق للنهاية وإعادة السكان إلى بيوتهم.

فضلاً عن ذلك، فإن الدخول إلى رفح من شأنه أن يمس بالعلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة ومع مصر، إذ إنه رغم حيويته العسكرية فهو غير ممكن دون التنسيق مع كلتيهما. مصر، كطليعة السلام ستسمح لوجود علاقات عظيمة الأهمية مستقبلاً، من ناحية عسكرية واقتصادية أيضاً، مع الدول العربية الرائدة. أما الولايات المتحدة بالمقابل فستواصل منح إسرائيل قبة فولاذية أمنية، اقتصادية، سياسية وقانونية – لكن إذا ما استمرت التهجمات والإهانات، فإن هذه القبة قد تتشقق.

آية “شعب وحده يسكن” جميلة، لكنها ليست مناسبة لدولة صغيرة مثل إسرائيل ومحزن أن هناك من لا يفهم هذا.

نتنياهو ملزم بأن يضع كقيمة عليا لا بديل لها إعادة المخطوفين والمخطوفات أحياء. إسرائيل يمكنها أن تحول إنجازات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة وجنوب لبنان إلى مرابح استراتيجية تقوي مستقبلها وأمنها القومي، لكن الالتصاق باستراتيجية النصر المطلق وغياب التنسيق مع واشنطن سيمس بذلك. هذا هو الوقت للحكمة الاستراتيجية على أساس إنجازاتنا العسكرية المبهرة.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى