ترجمات عبرية

يديعوت: لدينا صديق في غزة

يديعوت 11-5-2023، بقلم ناحوم برنياع: لدينا صديق في غزة

على فرض أن صافرات الإنذار في مستوطنات “كيسوفيم” و”عين هبشور” و”مغين”، صباح أمس كانت من مخلفات إطلاق الصواريخ وليس مقدمة لتكرار إطلاقها من جديد، يمكن أن نجري إجمالاً أولياً لـ “درع ورمح”، الاسم الذي أعطي للجولة الحالية.

حالات وقف النار مستمرة من الطرفين، تنفذ إجمالاً في رقصة متبادلة، خطوتان إلى الأمام وواحدة إلى الخلف. الوسطاء المصريون دعوا لوقف النار يوم الأربعاء في الخامسة بعد الظهر. لم تتعهد إسرائيل، لكنها قلصت نشاطات سلاح الجو. أمل “الجهاد” بصورة نصر؛ لمزيد من الدقة، صورة ثأر. في الثامنة والنصف مساء، أطلقوا رشقة من عشرة صواريخ. جاء الرد الإسرائيلي في نفس الليلة، بغارات من الجو وتصفية مسؤول كبير في المنظمة كان مشاركاً في إطلاق الصواريخ نحو “غوش دان”. تبادل إلغاء النار لم يلغ المفاوضات، بل أجلها لبضع ساعات. أمس، صفي مسؤول كبير خامس.

الاتصالات معقدة. والجهاديون في غزة ليسوا أحراراً في القرار، إذ يشارك فيه مسؤولو “الجهاد” في الخارج، وحماس غزة، وحماس الخارج، وإيران. لكل شريك مصالح ومطالب خاصة به. للمصريين أيضاً، الذين أخذوا على عاتقهم مهمة الوساطة، مصالح. هل ستتعهد إسرائيل في إطار وقف النار بأن توقف الإحباطات المركزة التي استؤنفت بمناسبة الحملة؟ مشكوك جداً، وبالتأكيد ليس علناً. وسؤال آخر: هل ستعيد جثمان خضر عدنان، المضرب عن الطعام الذي أشعل موته النار، وإذا كان “نعم” فإلى أين ستعيده.

كل شيء مفتوح حتى كتابة هذه السطور

في هذه الأثناء، يجدر بنا أن نهنئ أنفسنا بما لم يحصل هذه المرة: لم يقتل مواطنون في إسرائيل، ولم يقتل جنود أيضاً. لم تتضرر إلا بضعة بيوت. مر يوم من القلق على الجنوب، وهذا ليس شيئاً لا يأبه له. للقلق ثمن نفسي، ومادي أيضاً، لكن التجربة تفيد بأن السكان يعرفون كيف يتغلبوا.

إصابة غير المشاركين في غزة، بينهم أطفال، مؤسفة لكنها متوقعة. لقد كانت ضيقة مقارنة بالجولات في الماضي. حسب مصدر سياسي، أجل نتنياهو وغالانت مرتين تنفيذ الإحباط المركز لثلاثة من كبار “الجهاد” بسبب الخوف من المس بعدد كبير من الأطفال. كانا في البئر في “الكرياه” يوم السبت مع رئيس الأركان، سمعا التقديرات وتعرفا على احتمال الإصابة لعدد كبير من غير المشاركين، وقررا التأجيل؛ كانا في البئر مرة أخرى يوم الأحد. كانت الدراما كبيرة: قبل دقيقة من إعطاء الإذن، أمر رئيس الأركان بالتوقف. عدم اليقين بالنسبة للنتائج، بما في ذلك عدم اليقين حول إصابة الأطفال، دفعه يأمر بالتأجيل. الاثنين، أذن الثلاثة بالتنفيذ رغم معرفتهم بإصابة أطفال أيضاً، لكن بعدد أقل بكثير.

هل الإصابة لغير المشاركين أمر محظور في حملات عسكرية، أم أنه اعتبار واحد من بين اعتبارات كثيرة؟ المعضلة ترافق أصحاب القرار في إسرائيل منذ سنين. وهي حادة على نحو خاص حين يدور الحديث عن قصف من الجو لشقق في بيوت سكنية. ليس في هذا الموضوع قرار كامل الأوصاف. المعضلة تبدأ في القيادة السياسية وتنزل حتى الطيار في الجو ومشغل المسيرات في القاعدة. أحد مسؤولي سلاح الجو في الاحتياط وصف المعضلة بتعابير الزمن. “عندي ثماني ثوان بين الأمر بإطلاق القذيفة والضغط على الزر. هذا يتطلب ثقة كاملة بالمعلومات التي تأتينا من تحت. أحياناً ألغيت”.

بالمناسبة، 100 من رجال الاحتياط شاركوا في غارات سلاح الجو، الكثيرون منهم من موقّعي العريضة ضد الانقلاب النظامي. هذا يدل على تعلق الجيش الإسرائيلي برجال احتياطه وبولاء رجال الاحتياط لأغراض المملكة. اقترح عليهم الوزير كرعي الذهاب إلى الجحيم. أما هم فاختاروا الذهاب إلى غزة.

هل موت الأطفال جعل “درع ورمح” جريمة حرب؟ لا أعتقد. ثمانية قاصرين قتلوا في أثناء الحملة: أربعة منهم في الإحباط المركز لكبار مسؤولي “الجهاد”، واحد في غارات سلاح الجو؛ وثلاثة، طفلان وطفلة، بصاروخ لـ”الجهاد” سقط في أراضي القطاع، بالإجمال قتل 14 غير مشارك، بمن فيهم الأطفال. مقارنة بالماضي، وبالتأكيد مقارنة بجيوش أخرى ومواجهات أخرى، يعدّ هذا ثمناً متدنياً. لشدة الأسف، لا حملات عسكرية نظيفة.

نسير إلى الأمام في قائمة الأحداث التي كان من شأنها أن تقع ولم تقع: الحرص على ضرب “الجهاد الإسلامي”، هذا التنظيم وليس غيره، منع اتساع القتال إلى منظمات أخرى ومناطق أخرى وزمن آخر. عملياً، كانت هنا عودة شبه دقيقة إلى خطوط التوجيه لحملة “بزوغ الفجر” التي جرت في آب 2022، في أثناء ولاية حكومة بينيت – لبيد. تسعة أشهر فقط انقضت منذئذ. المنظمة، هكذا ادعوا في حينه، تلقت ضربة قاضية. ضربة “نعم”، لكنها ليس قاضية. منظمة إرهاب تنازع الحياة لا تطلق أكثر من 500 صاروخ في غضون 30 ساعة.

هذا يعني شيئاً ما عن قدرة “الجهاد” في العودة لإعادة تأهيل نفسها بعد الجولة الحالية. لديها احتياطات، لديها قوة بشرية، لديها دعم واسع من إيران، ولديها نشطاء في الضفة جاهزون للخروج إلى عمليات إرهاب يومية. يدرك الجيش الإسرائيلي قيود الخطوة، ويدرك نتنياهو وغالانت: المدائح السخية التي منحاها للحملة استهدفت أغراضاً سياسية.

شئنا أم أبينا، في هذه الجولة ثبتت حماس مكانتها كرقم صعب بين إسرائيل وغزة. هنا مفارقة تاريخية؛ حماس تجد نفسها، وإسرائيل تجدها، في المكانة التي كانت لمنظمة “فتح” قبل اتفاق أوسلو، وأساساً بعده. في حينه، اختصت حماس بالعمليات، وأحياناً مع معارضة “فتح”، وأحياناً بموافقتها، وأحياناً برعايتها. “فتح” كانت عنصر الاعتدال، المسؤول. مصلحة الساحة المدنية أصبحت جزءاً من اعتباراتها. حماس تعيش حالياً في واقع منقسم: في الضفة تدفع إلى العمليات؛ وفي غزة تدفع إلى تعزيز الاقتصاد وتطبيع الحياة. إسرائيل ترى في حماس داخل غزة عدواً، وكذا شريكاً وسنداً. مرتان، في “بزوغ الفجر” وفي “درع ورمح”، اختارت حماس الوقوف جانباً بينما صفت إسرائيل كبار “الجهاد”. أدرك الجيش الإسرائيلي واستوعب: التقدير الذي لا لبس فيه، أنه إذا لم تطل الحملة وتتعقد، ستبقى حماس في الخارج. وحتى أمس، هذا ما كان.

قريباً سيبدأ في الضفة صراع على السيطرة على السلطة أو ما سيبقى منها بعد انتهاء عهد أبو مازن. لن تتمتع إسرائيل من الانقسام الجغرافي إلى الأبد. فللعلاقات مع حماس آثار.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى