يديعوت: لا مفر من وقف القطار المندفع نحو الهاوية

يديعوت 2023-03-27، بقلم: يوسي يهوشع: لا مفر من وقف القطار المندفع نحو الهاوية
على مدى الأسابيع الأخيرة والمتوترة ترافقنا كلمتان تسمعان وتكتبان في كل مكان: “أزمة دستورية”. والمقصود هو الوضع الذي يتعين فيه على أصحاب المناصب الرسمية أن يقرروا من سيطيعون: الحكومة أم المحكمة. سطحيا، كلما انتقل الإصلاح القضائي للتركيز على لجنة تعيين القضاة، فإن هذه المعضلة تبتعد ظاهراً عن الجيش وعن التحديات الأمنية التي يقف أمامها.
أما عمليا ففي هذه الأيام تماما يقف رئيس الأركان، هرتسي هليفي، أمام معضلات لم تثقل على أي واحد من الـ 22 رئيس أركان الذين سبقوه، وهذا ما أدى إلى صدور التصريح الذي أطلقه وزير الدفاع، يوآف غالانت، أول من أمس.
في حدود الرقابة العسكرية وانطلاقا من الفهم بأن العدو يعرف كل الأطياف في الحاضر الإسرائيلي ولا يوجد أي سبب يدعو لمساعدته (فهكذا على أي حال الوضع الحالي يساعده أكثر من كل إرسالية صواريخ دقيقة)، سنحاول أن نبسط أمامكم الصورة المتكدرة بحذر: العملية في مفترق مجدو قبل أسبوعين قد تكون أعدت نتيجة “مخيبة للآمال”، لكنها كشفت مجال المناورة الإشكالي لحكومة اليمين التي تُقاطع محافل داخلها في العالم.
صحيح حتى الآن، ودون الخروج في إعلانات غير مسؤولة، فإن الفرضية الأولى تعززت فقط بأن الحديث يدور بالفعل عن حملة من “حزب الله” في إطارها نجح “مخرب” في أن يتجاوز بسهولة كل جدار الحدود مع لبنان، ويتقدم نحو 70 كيلو متراً ويفجر عبوة قادرة على أن قتل عشرات الأشخاص.
لو حصل هذا – لا سمح الله – فإنه بدلاً من الانشغال بالتظاهرة الأسبوعية في كابلن، كنا سنتحدث عن حرب لبنان الثالثة.
قد صرح وزير الدفاع علنا بأنه سيكون رد. لكن هنا تتعقد القصة: حسن نصر الله ليس فقط لم ينذعر، بل استخدم الأخبار، التي هي بوقه كي يهدد: إذا ردت إسرائيل، حتى بشكل طفيف نسبيا، ما يسمى “من تحت مستوى الضجيج” فانه لن يقعد صامتا.
وهنا بالضبط يوجد وجع الرأس الهائل لهليفي، يوآف غالانت، وبالطبع رئيس الوزراء: ما الذي يمكنهم وينبغي لهم أن يفعلوه في هذه الأيام، حين يتمزق الجيش من الداخل عقب أزمة لم يشهد لها مثيلاً؟ في مثل هذا الوضع، أي أمر من فوق لا يصنف على الفور من رجال الاحتجاج كمحاولة لإنقاذ بنيامين نتنياهو من مشكلة سياسية، مشكلة ولدت، برأيهم، بسبب مشاكله القضائية. وحتى لو نفذ الأمر حرفيا، فهل المجتمع الإسرائيلي سيرتص حول حدث أمني بينما الأجواء في الشوارع هي على شفا حرب أهلية؟ وبالطبع فإن القرار بعدم الرد أيضا خطير: ليس فقط على الردع، تجاه “حزب الله”، بل وأيضا بالنسبة لباقي الجهات المعادية في المنطقة.
لا يمكن لأي رئيس أركان، مهما كان كفؤا، أن يوقف مثل هذا “التسونامي” من عدم الثقة الذي بدأ في منظومة الاحتياط (من الطيارين وحتى الأطباء)، من العمليات الخاصة وحتى السايبر، ومن شأنه أن يصل أيضا إلى الجيش النظامي، حيث أعلن بعض الجنود في نهاية الأسبوع أنه لم يعد ممكنا المرور مرور الكرام على التطورات. في تظاهرات، أول من أمس، لم يسر فقط رجال الاحتياط، بل أيضا ضباط وضباط صف في الخدمة الدائمة والكثير من الجنود في النظامي.
الفرضية السائدة في قيادة هيئة الأركان أنه في يوم الأمر سيمتثل الجميع للعلم. لكن أن يدار الآن جيش مبني على منظومة احتياط مهمة على حدود المستحيل. على رؤساء الجيش أن يأملوا في أن ينجح غالانت في الخطوة التي اتخذها بوقف التشريع، وعلى الأقل في الفترة القريبة يخف الضغط فيتمكنون من التركيز على المهمة الأساس: الجاهزية لاشتعال متعدد الجبهات. ينبغي أن يقال مرة أخرى إنه لا مفر من وقف القطار من الاندفاع نحو الهوة. حتى لو كان التمرد داخل الجيش مرفوضا ويهدد في أن يجعل الخدمة العسكرية خدمة مشروطة (وإذا كان قادة الاحتجاج يعتقدون أن في الطرف الآخر من الخريطة السياسية سيتجلدون على هذه السابقة، فإنهم مخطئون). يجب أن يوضع الأمن القومي في رأس سلم الأولويات: وقف التشريع، وتعزيز الجيش، وإعداد الجبهة الداخلية لإمكانية حرب لم يشهد مواطنو إسرائيل مثلها منذ سنوات. هذه هي إحدى المشاكل التي يتحدثون عنها في القيادة العليا: الجمهور ببساطة لا يفهم الفرق بين الجبهات المختلفة، ومن شأنه أن يعتقد أن مناوشة مع “حزب الله” ستكون مشابهة لجولة أخرى مع “حماس” في غزة. وهي ليست كذلك.
صحيح أن من المهم التهدئة والقول إن “هذا لا يحصل مع إسرائيل. وما يعده الجيش الإسرائيلي للحظة الحقيقة سيكون مختلفا جوهريا عما رأيناه في صيف 2006. كمية الأهداف هائلة، وقدرة النار ارتفعت. ستكون الضربة التي ستنزل على “حزب الله” أليمة. لكن الجبهة الإسرائيلية أيضا ستتعرض للضرب وبقوة لا تعرفها.
مع كل الاحترام لغالانت، فإن قدرة الوصول إلى كابح الطوارئ لا توجد إلا لدى السائق، نتنياهو. ومع مرور أسبوع هو من الأكثر دراماتيكية في تاريخ الدولة لا يتبقى غير الأمل في أنه في النهاية سيتغلب العقل السليم؛ لأن التهديد من الخارج ليس أقل من التهديدات من الداخل.