ترجمات عبرية

يديعوت -سنحمي أمن مواطنينا بقوانا الذاتية”.. هل تنجح سياسة بينيت إزاء إيران؟

بقلم عوفر شيلح – 21/2/2022

أكد رئيس الوزراء نفتالي بينيت، أمس، بأن اتفاقاً جديدا سيُوقع قريباً بين القوى العظمى وإيران في موضوع برنامجها النووي، وحذر من أنه “سيكون أضعف وأقصر من السابق” (الذي وقع في 2015، وخرج منه الرئيس ترامب من طرف واحد في 2018). وأضاف: “نعرف كيف نحمي أمن مواطني إسرائيل بقوانا الذاتية”.

لا ينبغي أن يكون هناك شك: الاتفاق النووي، حتى لو كان نسخة غير محسنة لاتفاق 2015، هو أفضل من الوضع الذي أدى إليه خروج ترامب من طرف واحد، بتشجيع ودفع من إسرائيل. فقد خصبت إيران منذئذ، كميات كبيرة من اليورانيوم، وطورت طرقاً دفاعية سمحت لها بتحمل العقوبات الاقتصادية، وتمتعت بشرعية دولية متزايدة من جانب الدول التي لم تكن شريكة في سياسة ترامب – نتنياهو، وتجاهلت استخدام القوة الإسرائيلية والاغتيالات للمسؤولين الإيرانيين. الطريق إلى النووي مفتوحة أمام إيران، في مدى زمني أقصر من أي وقت مضى عن القرار. أما الاتفاق فسيعيد الوضع المادي إلى ما كان عليه في 2015 والأهم من هذا أنه سيسمح للإيرانيين بتأجيل إضافي في نقطة القرار حول النووي والتي يمتنعون عنها منذ سنين.

لكن أقوال بينيت، والسياسة التي اتخذتها حكومته، تدل على أن إسرائيل لا تتعلم من إخفاقاتها. الحكومة الحالية، أقوالاً وأفعالاً، استمرار مطلق لسابقتها؛ سواء في مفهوم هزيمة إيران، الذي لم ولن ينجح؛ وفي استخدام القوة (بينيت تباهى بأنه أمر بالعمل في إيران، وكأن إسرائيل لم تنشغل هناك بأعمال قوة منذ عقدين) دون غاية استراتيجية، وتبجح: “سندافع عن أنفسنا بقوانا الذاتية”، الذي يلمح بهجوم إسرائيلي على منشآت النووي، والتبجح ذاته هو ما دفع أوباما إلى الاتفاق السابق. وكانت النتيجة دحر إسرائيل إلى زاوية غير ذات صلة، بينما يتداول العالم مع الإيرانيين. هكذا كان في عهد أوباما – نتنياهو، وهكذا اليوم في عهد بايدن – بينيت.

ينبغي ربط الأمور في التقارير الأخيرة عن التقدم في مشروع الدقة لدى “حزب الله”، وبانعدام الجدوى للمعركة ضد التموضع الإيراني في سوريا. ظهرت إسرائيل كإحدى الدول الأخيرة التي لا تزال تؤمن باستخدام القوة لغرض استخدام القوة. صورة مثنية لقائد سلاح الجو المنصرف توجت في نهاية الأسبوع بعنوان “يهاجم كل ليلة في نقطة أخرى في الشرق الأوسط”. جودة المعلومات الاستخبارية ومستوى أداء سلاح الجو مبهران، ولكن الأفضل والأهم أن نسأل: ما الغاية والفكرة التي نهاجم باسمها؟

عنيتُ في بناء قوة الجيش الإسرائيلي وهيئات الدفاع الأخرى، وأؤمن بأن إسرائيل ملزمة بأن تكون قوية عسكرياً وجاهزة لاستخدام قوتها عند اللزوم. ولكن استخدام القوة في واقع زمننا هو المخرج الأخير، وليس بديل السياسة. تصريحات وزير الدفاع غانتس أمس، في ميونخ، والتي جاء فيها أن “المنتصر في الحروب خاسر فيها” كانت موجهة للرئيس الروسي بوتين؛ كان خيراً لو وجهها إلى الحكومة التي غانتس عضو فيها.

إسرائيل لن تهزم إيران، بل ملزمة بأن تصل معها إلى توازن. يأخذ صورة العالم الإيراني المركبة بالحسبان. قد تقرر إيران بألا تصل إلى قنبلة، وذلك لأن التاريخ يفيد بأن من يقرر التحول النووي سيفعل هذا. إسرائيل لن تحسم بالقوة فقط أياً من المواجهات التي تعيشها، وهذه حقيقة صاغها دافيد بن غوريون قبل سبعين سنة.

إسرائيل ملزمة بتطوير سياسة ذكية تفحص الواقع بعيون حقيقية، ترى المنفعة السياسية قبل كل شيء، وتتجاهل السياسة الداخلية، وتتوقف عن تنمية الوهم بأن الطائرة الحربية هي حل لكل مشكلة.

قال كارل فون كلاوزفيتس إن “الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى”. دول قليلة في العالم لا تزال تعمل وكأن الحرب بديل السياسة. لأسفنا، وكما تشهد أيضاً أقوال بينيت والسياسة التي اتخذتها حكومته، لا تزال إسرائيل واحدة من تلك الدول.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى