ترجمات عبرية

يديعوت – دينيس روس يكتب – صحيفة عبرية: سلام المراحل السعودية.. مكتب تجاري في إسرائيل مقابل رخصة بناء فلسطينية في “ج”

يديعوت – دينيس روس – 17/1/2021

عندما أعلن أرئيل شارون عن نيته الانسحاب من قطاع غزة، كنت ألقيتُ قبل بضعة أشهر من ذلك في 2005 خطاباً تناول موضوع العلاقات الخارجية أمام أعضاء السلطة الفلسطينية، وشددت أمام 200 إلى 300 شخص على حقيقة نشوء فرصة حقيقية للفلسطينيين هذه الأيام: أن يستغلوا الانسحاب الإسرائيلي لتطوير وتنمية الاقتصاد والحكم في غزة. إذا فعلوا ذلك، فستقول الأسرة الدولية (والجمهور في إسرائيل) بأن نجاحهم هذا في غزة يعدّ فرصة نجاح في الضفة الغربية أيضاً. من جهة أخرى، إذا ما أصبحت غزة منصة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل وأرضاً خصبة لتنمية منظمات الإرهاب فلن يقتنع أحد بتطبيق هذا النموذج الفاشل في أي مكان آخر.

عندما طرحت حججي هذه، لم أتوقع تغييراً فورياً في وعي الجمهور، ولكني أردت أن أعرض عليه الفرص والاحتمالات التي أمام الفلسطينيين.

لم يسارع جمهوري للبحث في الموضوع الذي طرحته، وفضل التركيز على مسائل وحجج تقضي بأن أمريكا ليست معنية بأن تكون وسيطاً نزيهاً. وكممثل عن الرئيس بيل كلينتون لمحادثات السلام، أشرت إلى أني لست جزءاً من إدارة جورج دبليو بوش الذي أبعد أمريكا عن مكانة الوسيط، سواء كان نزيهاً أم غير نزيه. وبدلاً من ذلك، فضل الوقوف جانباً بخلاف كلينتون. سألت الجمهور: هل يبدو وضع الفلسطينيين أفضل الآن في السنوات الأربع الأخيرة، حين تحرص الولايات المتحدة على ألا تشكل وسيطاً بين الطرفين في النزاع؟ لم يرفع أحد يده في أوساط الجمهور الذين لم يبدوا حتى الآن خجلاً زائداً.

هذا ليس مفاجئاً. فالانتفاضة الثانية وإن كانت خبت قليلاً، إلا أنها لم تصل بعد إلى منتهاها، وجبت ضحايا في الأرواح لقرابة 4 آلاف فلسطيني (ولأكثر من ألف إسرائيلي أيضاً). أضفت وقلت: في الوقت الذي لم تبذل فيه إدارة بوش أي جهد للتوسط بين الطرفين، فإنها لن تحاول منع أي جهة أخرى من تأدية الدور. ولكن لم يعرض أحد نفسه – لا الأوروبيين، ولا الروس، ولا أي طرف آخر. لقد فهم الجميع بأن الوسيط يجب أن يمتلك الوسيلة والقدرة للتأثير على الطرفين، ولم تنهض أي جهة لملء الفراغ الناشئ. الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تمارس ضغطاً حقيقياً – خيرا ًكان أم شراً – سواء على الإسرائيليين أم على الفلسطينيين. لا أحد آخر يمكنه أن يفعل ذلك.

وختاماً، قلت على مسمعهم إن الموضوع المركزي ليس مدى نزاهة الوسيط بل كم هو ناجع ومؤثر. فالوسيط الناجع هو الذي يفهم بأنه لا يمكن لأي اتفاق أن يخرج إلى حيز التنفيذ إلا إذا كان فيه ما يستجيب للاحتياجات، وليس لإرادات الطرفين. وللقيام بدور الوسيط، يجب أن يفهم بعمق ما هي المواضيع الحيوية لكل طرف. واضح أنه إذا لم يكن الطرفان ناضجين لقرارات قاسية – أو مثلما في حالة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، غارقين في مواضيع تاريخية وأسطورية – فسيكون حل النزاع متعثراً.

بينما يمكن لدولة أخرى مثل عُمان ببساطة أن توقع على اتفاقات التطبيع، فإن تقدم السعوديين قد يحصل على مراحل

إن الفوارق بين الإسرائيليين والفلسطينيين – سواء النفسية أم تلك المتعلقة بالمواضيع الأساسية – أكبر اليوم مما هو ممكن الجسر عليها. فلا يمكن الدفع إلى الأمام بفرص السلام من خلال طرح اقتراحات مآلها الفشل، فمحاولة كهذه تزيد التهكم وتعمق عدم الثقة. الضروري الآن هو إعادة بناء الثقة بين الطرفين. وهنا تفتح أمام الولايات المتحدة فرصة للدخول إلى مهمة الوسيط. مسيرة التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل خلقت واقعاً جديداً في المنطقة، يمكنه أن يواصل التقدم لأنه يستجيب لمصالح الدول العربية، وأيقن للفلسطينيين أنهم غير قادرين على إيقافه. وبينما يمكن لدولة أخرى مثل عُمان ببساطة أن توقع على اتفاقات التطبيع، فإن تقدم السعوديين قد يحصل على مراحل. ومثلما قال لي مسؤول كبير من منطقة الخليج، فإن السعوديين سيطالبون إسرائيل، بالتوازي مع تقدم المسيرة، أن تعرض على الفلسطينيين بوادر طيبة. مثلاً، يمكن للسعوديين أن يوقعوا على اتفاق تجاري ويفتحوا مكتباً تجارياً في إسرائيل، ويطلبوا من إسرائيل أن تخفف من ضائقة سكن وتشغيل الفلسطينيين من خلال إصدار تصاريح بناء قانونية للفلسطينيين في المنطقة “ج”.

إذا خرج الفلسطينيون كاسبين، فعليهم هم أيضاً أن يعطوا شيئاً بالمقابل. في مثل هذه الحالة، يمكن للسلطة الفلسطينية أن توقف نظام دفع أموال الدعم لأبناء عائلات من كانوا مشاركين في أعمال عنف ضد الإسرائيليين، والذي يزيد ثلاثة أضعاف عن الدفعات التي يتلقاها باقي الفلسطينيين. بهذه الطريقة يكون دور الولايات المتحدة كوسيط، أن تبني زخماً في مسيرة تطبيع العلاقات بل وتستغلها كي تكسر الجمود بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

قد لا تكون هذه هي اللحظة بمبادرات كبرى خارقة للطريق، ولكنها لحظة لبناء خطوات عملية على الأرض، يكون بوسعها إعادة بناء إحساس الجدوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى