ترجمات عبرية

يديعوت: دروس حدث «القافلة»: لا تغيير بــلا بـقــاء الـجـيــش الإســرائيلي!

يديعوت 2024-03-05، بقلم: ميخائيل ميلشتاين: دروس حدث «القافلة»: لا تغيير بــلا بـقــاء الـجـيــش الإســرائيلي!

تلوح حادثة قافلة المساعدات في غزة، الأسبوع الماضي، كمفترق مركزي في تطور حرب السيوف الحديدية. التحقيق العسكري هو الجزء الهامشي في الحدث، الأهم منه هو الدرس الاستراتيجي المطلوب استخلاصه وفي مركزه فجوة حادثة في كل ما يتعلق بتصميم الحاضر والتخطيط للمستقبل في القطاع.

الحدث القاسي يفترض أن يشكل إشارة تحذير لإسرائيل عن الواقع المتشكل في شمال قطاع غزة في الأشهر الأخيرة. فمع أن قوات الجيش الإسرائيلي سيطرت على المنطقة في بداية المواجهة لكنها خرجت في معظمها، ما جعل المنطقة في حالة فوضى تسيطر عليها جيوب حكم مموهة لـ”حماس” إلى جانب عصابات مسلحة.

في السنوات الأخيرة، انطلقت غير مرة أصوات حول الحاجة لتحويل غزة إلى نموذج محلي من سنغافورة أو هونغ كونغ، في ظل الاستناد إلى الفكرة التي قبعت في مركز مفهوم 7 أكتوبر، وبموجبها فإن الحوافز الاقتصادية قادرة على تغيير الواقع وإخضاع الأيديولوجيا. أما المشاهد الحالية في القطاع فتنطوي على نقيض الرؤيا: نشوء واقع صومالي، في مركزه دمار الحيز العام ومعاناة مدنية.

هذا الوضع ليس فقط نتيجة التأخير في البحث الإسرائيلي في استراتيجية اليوم التالي، فما بالك العثور على محافل تكون مسؤولة عما يجري في شمال القطاع. هو يعكس عمليا فجوة جذرية في المرحلة الثالثة من المعركة التي تقوم على أساس الاجتياحات و”الجهد المضاد”. وتستهدف الفكرة ظاهرا الوصول إلى القضاء التدريجي على حكم “حماس”، لكن ليس واضحا متى وهل على الإطلاق سيتحقق، حين في الخلفية تتزايد الفوضى.

الدرس الاستراتيجي هو أنه لا توجد قدرة على الانشغال في اليوم التالي أو في النظام الجديد في غزة دون الحكم العملي في المنطقة والتواجد فيها على مدى الزمن. إن الإنجاز المبهر المتمثل بالسيطرة على شمال القطاع وضرب البنى التحتية لـ”حماس” في المنطقة يتبدد في أعقاب خروج الجيش الإسرائيلي من تلك المناطق ويصعب عليه أن يترجم إلى تغيير استراتيجي.

كما تجسد الفوضى المتسعة بالملموس الحاجة إلى التخلي عن أفكار غير قابلة للتطبيق مثل: الاستعانة بمحافل محلية مجهولة تثبت نظاما عاما ولا تكون مشاركة في الإرهاب، كما يشار في وثيقة المبادئ التي نشرها نتنياهو قبل نحو أسبوعين؛ تنمية عشائر مسلحة كبديل لـ”حماس” وللسلطة، من المعقول أن تصبح ميليشيات تشكل تحديا لإسرائيل سواء عملت من قبل “حماس” أو تنافست مع المنظمة؛ أو تنمية شمال غزة كـ”نموذج ازدهار” بخلاف “الجنوب المنفلت”.

من زاوية نظر الفلسطينيين – الأزمة في شمال القطاع هي إحدى نقاط الدرك الأسفل الأقسى في تاريخهم. فالحديث يعكس تفككا اجتماعيا لجمهور منذ بداية المعركة يتخذ نهجا سلبيا وعدميا، دون إطلاق صوت نقد ضد “حماس” التي جرته لأشد الكوارث التي شهدها في أي وقت مضى. هذه عودة إلى سابقة 1948، وفي مركزها غياب رؤيا واقعية، إلى جانب التمسك بنموذج المعتدي المهزوم وعندها التمترس بمكانة الضحية والمطالبة بمساعدات خارجية. مثلما قبل 76 سنة، اليوم أيضا، يقاد الجمهور إياه من قيادة لا تتواجد في الميدان (في المنفى أو في الأنفاق) ولا يجري بينها وبين الجمهور حوار يدل على مجتمع مدني فاعل. لقد أثارت الحادثة في غزة منذ الآن نقدا دوليا حادا ضد إسرائيل إلى جانب بوادر انعدام ثقة في قدرتها أو رغبتها في إحداث تغيير استراتيجي حقيقي في القطاع، ما وجد تعبيرا محرجا له في المساعدات المدنية التي أنزلها الأميركيون في غزة في المظلات، أول من أمس.

محظور التعاطي مع حدث القافلة كـ”خلل” – عسكري أو إعلامي – بل كدليل على غياب أهداف واضحة وواقعية في المستويين السياسي والأمني معا. فنظام جديد لن يقوم دون اجتثاث قدرات “حماس” العسكرية والحكومية وهذا الهدف لن يتحقق دون السيطرة على كل قطاع غزة، وفي ظل استمرار التمسك بالأخيلة حول قوى خارجية أو محافل داخلية غير معروفة الهوية لتقوم نيابة عن إسرائيل بالعمل الصعب. هذه هي أقانيم يتعين على مقرري السياسة أن يستوعبوها، ويترجموها إلى استراتيجية واعية وبعيدة المدى، وبالأساس أن يعرضوها على الجمهور وعلى العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى