ترجمات عبرية

يديعوت: حذارِ من حل “الدول الثلاث” !

يديعوت 2022-08-09، بقلم: سيفر بلوتسكر

يمكن النظر الى نتائج حملة “بزوغ الفجر” من زوايا ومناظير مختلفة. ليست كلها تتطابق والرواية الإسرائيلية. يتعارض بعضها معها، ولا يتطابق وأجواء النشوى، هذا طبيعي: فالمنتصرون هم دوماً من يكتبون التاريخ من وجهة نظرهم.

لكن المقلق حقاً هو الإجماع العام على الفرضية الاستراتيجية – الوطنية التي تقبع في أساس سياسة حكومات إسرائيل تجاه قطاع غزة، وبموجبها في الحدود بين إسرائيل ومصر قامت دولة فلسطينية جديدة، دولة غزة وعلينا عمل كل شيء كي ندعم وجودها المستقل. إضافة الى ذلك فإن المصلحة الإسرائيلية هي أنه في دولة غزة تحكم “حماس”، تنظيم “ارهابي” وفقاً لكل تعريف، والعدو المر للسلطة الفلسطينية. حماستان في غزة، وحكم ذاتي فلسطيني في “يهودا” و”السامرة”، وهكذا نكون حللنا مشكلتنا السياسية، الامنية والديمغرافية. فلا تقولوا رجاء، إذاً: “حل الدولتين، بل “حل الدول الثلاث”.

في موقف حكومة إسرائيل من غزة كدولة منفصلة، فانها تتجاهل سواء الفكرة الوطنية الفلسطينية أم السيطرة الاقتصادية والإدارية على غزة التي للسلطة الفلسطينية. ومن يهتم بالأمر نوجهه الى الاستطلاعات التي يجريها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عن الاقتصاد الفلسطيني. وحسب هذه الاستطلاعات، فإن السلطة تواصل تمويل أجهزة الحكم المدني – الجماهيري في قطاع غزة ودفع الرواتب (مؤخراً جزئية مرة أخرى) لعشرات آلاف موظفي الدولة الذين تشغلهم. لا توجد في الاستطلاعات ولا في أوراق الموقف للدول المانحة للفلسطينيين ظل موقف من “حماس” كرب بيت شرعي في قطاع غزة. بل كتنظيم اسلامي “متطرف” استولى على الحكم في انقلاب عسكري عنيف. ولهذا يحذر الاقتصاديون وواضعو الاستطلاعات من انه لن تكون قائمة للاقتصاد في غزة دون أن تعود السلطة لتكون صاحبة السيادة الوحيدة فيه.

صحيح ما فعلته إسرائيل؛ إذ فتحت بواباتها لعمل نحو 14 الف أجير من غزة. لكن هذه قطرة في بحر. من “المناطق” الفلسطينية يأتي للعمل في إسرائيل وفي المستوطنات نحو 160 الف عامل، حسب التقديرات الرسمية. ويجتاز عشرات آلاف آخرون الحدود في الخفاء ويعملون. بفضل هذه العمالة، بلغ الناتج للفرد في السلطة الفلسطينية في 2019 – بما في ذلك في قطاع غزة، إذ لا يوجد فصل في الإحصاءات – 6500 دولار في السنة، بتعابير قوة الشراء الحقيقية. يشبه هذا المعطى الناتج للفرد في الهند. يمكنني أن اقدر، استنادا الى معطيات وفد التنسيق من الدول المانحة، بأنه في مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بات يلمس الناتج منذ الآن 9.000 دولار فيما انه في غزة لا يصل الا الى 3.000 دولار فقط.

يعيش اقتصاد القطاع على التنفس الذي توفره السلطة الفلسطينية في رام الله ودعم الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، وغرب أوروبا ودول عربية غنية. يضخ هذا المال في غالبيته الساحقة عبر أجهزة السلطة. التصدير من غزة هامشي، والبطالة تناطح السحاب. شبكات الكهرباء، المياه، المواصلات، الاتصالات، الصحة والتعليم مهملة ومتآكلة. في مجالات معينة يوجد فيها “إدارة مزدوجة”، للسلطة ولـ “حماس”. السلطة الفلسطينية نفسها لا تجبي شيقلا ضريبة من سكان غزة، فالفلسطينيون في الضفة يمولونها من ضرائبهم.

هل تريد إسرائيل ان تحمل على كتفيها هذه الكلفة؟ بالتأكيد لا. “حماس” هي الأخرى لا تريد.

يجب أن لا نعيش في الأوهام. لا يوجد خيار عملي لوجود “دولة غزة” منفصلة. لن تقوم هناك سنغافورة الشرق الأوسط. من المعقول اكثر أن تقوم الصومال. البدائل الواقعية هي سيطرة “حماس” على السلطة الفلسطينية في رام الله او عودة سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة، بالطبع ليس تحت قيادة أبو مازن. الضربة العسكرية التي أوقعتها إسرائيل على القمة القيادية لـ “الإرهاب” التي تسمى “الجهاد الإسلامي”، في ظل الاستعداد لاحتمال هجمة ألف صاروخ، وان كانت لا تدفع قدماً بوضوح أيا من هذين البديلين، لكنه يخدم البديل الأول اكثر. هذه نتيجة غير مرغوب فيها على اقل تقدير: كلما تعاطينا مع “حماس” كرب بيت شرعي في غزة هكذا نسرع تحولها الى رب بيت في رام الله أيضاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى