يديعوت: ثمن العملية الإسرائيلية في جنين

يديعوت 2022-09-30، بقلم: آفي يسسخروف
لا شك بأن العملية في مخيم اللاجئين جنين، أول من أمس، والتي قُتل في أثنائها أربعة فلسطينيين مسلحين تعد ناجحة من ناحية قوات الأمن وأساسا بالنسبة للوحدة التي نفذتها، وحدة المستعربين من حرس الحدود في «المناطق» و»الشاباك» الذي زود المعلومات الاستخبارية. عملية في وضح النهار، في قلب مخيم اللاجئين في المدينة، مع وصول محروس إلى شقة اختباء المطلوبين، وانتهت بلا إصابات لقواتنا، أدت على أي حال إلى كثير من الرضا في قيادة المنطقة الوسطى. استخدمت ضد القوات عبوة ناسفة كبيرة، يمكن فقط التخمين ماذا كان سيحصل لو أن هذه العبوة وجهت نحو مدنيين. أرادت هذه الخلية، مثل المسلحين الذين حاولوا مساعدتها وأصيبوا أثناء تبادل النار، المس بجنود وبمدنيين إسرائيليين، وحاولت عمل ذلك. وعلى أي حال، كان أعضاؤها أيضا يعرفون بأنهم سيموتون. لكن عملية عسكرية موضعية، مهما كانت ناجحة، لا تحل المشكلة الكبرى التي ستضطر دولة إسرائيل وجهاز الأمن للتصدي لها في الأسابيع والأشهر القريبة القادمة.
ترتبط هذه المشكلة أيضا بهذه العمليات: فكلما تراكمت الجثث وقتل المزيد من الفلسطينيين (مسلحين أم غير مسلحين)، يتزايد دافع الشبان الفلسطينيين، وفي الأساس أولئك المسلحون، للخروج إلى القتال ضد إسرائيل. لا يدور الحديث عن أعضاء منظمات «إرهاب» عادية مثل «حماس» و»الجهاد الإسلامي» فقط، بل أيضا عن أعضاء «فتح» ورجال قوات الأمن الفلسطينية.
أحد «المخربين»، الذين قتلوا أول من أمس، كان عبد الرحمن خازم، ابن 27، والذي نفذ أخوه رعد العملية في شارع ديزنغوف في تل أبيب. أبوهما، فتحي خازن، كان في ماضيه قائد منطقة في الأمن الوطني الفلسطيني، أي أنه عمل مع نظرائه في الجانب الإسرائيلي (برتبة لواء). قتيل آخر من بين الأربعة، كان محمد الونة. كانت اصابة الونة بقناص إسرائيلي وثقت بالخطأ من مصور محلي. وروت شقيقة الونة، أول من أمس، عن أخيها بانه «أراد أن يشتري بدلة لعرس أخته واليوم أصبح عريسا بذاته»، فيما كانت في الخلفية ابنة عائلة أخرى تزغرد.
عمليات «الشاباك» والجيش الإسرائيلي، حرجة، ضرورية، وناجحة، لكنها تخلق مشكلة أخرى في أنها توسع دوائر المشاركة في القتال ضد إسرائيل، إلى جماعات ومنظمات كانت في الهوامش حتى الآن أيضا.
صحيح أن المطلوبين يجدون انفسهم مشغولين كل الوقت بالاختباء وبالدفاع بدلا من الهجوم، لكن موتهم يزيد الدافع بين كثيرين آخرين. والنتيجة: المزيد فالمزيد من الشبان الفلسطينيين الذين يحملون السلاح، دون صلة بهويتهم السياسية أو بانتمائهم التنظيمي.
في نابلس مثلا تعمل منذ زمن مجموعة تسمى «عرين الأسود»، أصيب بعض أعضائها مؤخرا في عمليات الجيش والمخابرات الإسرائيلية. يدور الحديث عن عشرات من المسلحين ممن لا ينتمون لهذا التنظيم أو ذاك، بعضهم من «فتح» وبعضهم من رجال أجهزة الأمن الفلسطينية. هذه الجماعة، مثل شبان فلسطينيين كثيرين آخرين أيضا، ترى في المسلحين القتلى أبطالا «شهداء» وتسعى لمحاكاتهم. لكن جرت مثلا في مركز رام الله مسيرة تضامن مع جنين بمشاركة مئات الفلسطينيين، وأعلن إضراب تجاري عام في كل الضفة. جنين، التي حاولوا في إسرائيل عزلها عن باقي أرجاء الضفة الغربية تصبح الآن نموذجا وقدوة في نظر شبان كثيرين حيث في الخلفية مرة أخرى يسجل احتدام للتوتر حول الحرم والمسجد الأقصى.
يدور الحديث هنا عن شرك كلاسيكي في المنظومة الإسرائيلية. لكن في هذه المرحلة الخيارات الأخرى أسوأ. فغياب عملية عسكرية سيجلب معه على أي حال مزيدا من العمليات المضادة. صحيح أن السلطة الفلسطينية تصدر أصواتا أولية عن نشاط عسكري ضد بؤر «الإرهاب» في نابلس لكنها لا تدعي على الإطلاق عمل ذلك في جنين.
عملية عسكرية واسعة في منطقة جنين من شأنها أن تؤدي إلى توسيع القتال إلى مناطق أخرى، وإلى انضمام واسع لأجهزة الأمن الفلسطينية إليها (وليس حالات منفردة)، بالتأكيد عندما تسجل في كل يوم تقريبا مواجهات في شرقي القدس وحول الحرم.
في إسرائيل لا يزالون يحاولون الضغط على السلطة الفلسطينية للعمل أيضا في جنين انطلاقا من الفهم بأن هذا هو البديل الأقل سوءاً. ولعل هذا هو المكان لان نذكر كل أولئك الذين يدعون إلى حل السلطة الفلسطينية والسيطرة على المنطقة بالقوة، بأنه قبل 22 سنة بالضبط، في 29 أيلول 2000، نشبت انتفاضة الأقصى بعد يوم من زيارة رئيس المعارضة في حينه، أرئيل شارون، إلى الحرم. فقد انضم أعضاء أجهزة الأمن الفلسطينية في حينه إلى القتال ضد إسرائيل، منذ اللحظة التي بدأت فيها الانتفاضة، الحدث الذي أدى إلى شل أداء السلطة الفلسطينية وانتهى بعد مرور سنوات بـ 1.500 قتيل من الجانب الإسرائيلي ونحو 6.000 فلسطيني.