ترجمات عبرية

يديعوت: تكشف الأزمة مع روسيا المشترك بين نتنياهو وحكومة التغيير

يديعوت أحرونوت 27/7/2022، بقلم: عوفر شيلح

الأزمة الدبلوماسية بين إسرائيل وروسيا ستحل في نهاية المطاف. وهي تمر في هذه الأثناء عبر المنشور الوحيد للحياة الإسرائيلية – بيبي/لا بيبي – وتشهد علينا أكثر مما تشهد على النوايا الخفية والدوافع المحتملة التي لدى فلاديمير بوتين.

إذا ما قرأنا المواقف في وسائل الإعلام الإسرائيلية، يتبين أن لبوتين الذي هو الآن في ذروة صراع مصيري على استمرار حكمه وإرثه ومستقبل اقتصاد روسيا ومكانها في المراتبية الدولية، لا شيء مهماً في هذه اللحظة أكثر من توفير الذخيرة لمؤيدي رئيس الوزراء الأسبق أو لمعارضيه. ولكن في فحص أعمق بقليل للأمور، يخيل أنها تنبع من شيء ما مشترك لنتنياهو وكذا لـ “حكومة التغيير”: سياسة ضيقة الأفق وجبانة، بعضها اعتبارات تكتيكية ضيقة مثل “هل سيتمكن سلاح الجو من مواصلة القصف” (ولن نسأل ما المنفعة من عمليات القصف هذه؛ فالقصف قيمة مقدسة)، وبعضها عقلية جامدة تتمثل بـ “السير بين القطرات”، خشية أن نضطر للوقوف من خلف مصلحة حقيقية، أو فكر واسع أو اعتبار أخلاقي.

بعد بضعة أسابيع من غزو روسيا لأوكرانيا، قال “مصدر سياسي” (رئيس الوزراء أو بديله، اللذان تبادلا مواقعهما منذئذ) لـ “هآرتس”، إن “فعلنا الحد الأدنى كي نتمكن من العودة إلى إصدار أصوات البساط”. قلت في حينه إن من يصدر أصوات البساط يتعاطى معه الناس كما يتعاطون مع البساط، وبالتالي لم العجب؟ بوتين يرى بساطاً ويدوس عليه.

من اليوم الذي حل فيه الروس في سوريا، قبل نحو سبع سنوات، تتعاطى إسرائيل مع وجودهم هناك عبر المنشور التكتيكي والخوف من اتخاذ أي موقف. نتنياهو تباهى بالتنسيق الرائع الذي أقامه مع بوتين وبصور الاثنين في الساحة الحمراء؛ لكن عندما اقترح مستشار الأمن القومي الروسي بتروشيف لنظيره الإسرائيلي مئير بن شباط في 2018 أن تراعي روسيا مصالح إسرائيل في تسوية سوريا مقابل أن تساعدها إسرائيل لاستئناف الحوار مع الولايات المتحدة في مسائل أخرى، ومنها أوكرانيا، تراجع نتنياهو بفزع عن الفكرة. لا غرو أن تسوية سوريا فعلها بوتين مع زعماء إيران وتركيا، تلك التركيبة إياها التقاها الأسبوع الماضي في القمة، وأغلب الظن بدأ منها احتكاكه مع إسرائيل.

“حكومة التغيير قللت الفعل. الحرب في أوكرانيا حدث عظيم، تتقرر في إطاره قواعد لعب تدار بموجبها أمور عديدة في العالم في السنوات المقبلة. سارعت إسرائيل إلى الهرب من اتخاذ موقف، بدعوى أن هناك خطراً على طائرات سلاح الجو، وبالذريعة المعروفة: وجود يهود هنا وهناك. رئيس الوزراء بينيت نال الثناء على الابتكار الذي ادعى فيه التوسط في النزاع كي يخلق ذريعة لسيرنا بين القطرات.

الحقيقة أن القصف في سوريا لم يشغل بال الروس قط، بل ينسجم مع بعض مصالحهم. كما أنهم يعرفون بأن إسرائيل قد تلحق ضرراً بمصالحهم هناك حتى دون أن تسقط صاروخاً على مسافة سمع من جندي روسي. بالمقابل، إيران وتركيا اليوم جزء من الملجأ الذي يحاول بوتين بناءه حيال العزلة الدولة والعقوبات الاقتصادية.

للإيرانيين أسباب خاصة بهم للرغبة في التحرش بنا، والروس لا تزعجهم الاستجابة؛ فهم لا يتأثرون بـ “نقاش عديد المشاركين عقده رئيس الوزراء” أو بتحذيرات بـ “خطوات رد سياسية”. كل ما أريناهم حتى الآن ضعفاً وتزلفاً، وهم يعملون بموجب ذلك.

ما يقلق أكثر من هذا صمت المستوى المهني، ذاك المستوى الذي يشكك كثيرون منه منذ زمن ما بجدوى قسم غير قليل من أعمال القوة الإسرائيلية، سواء في سوريا أم في إيران، وبغياب سياستها. كما أنهم يرون عدم الجدية والاعتبارات الغريبة في القرارات، ولا ينبسون ببنت شفه. ذاك المستوى الذي يواصل تقديس الاعتبار التكتيكي، رغم أنه يفترض أن يفهم السخافة الاستراتيجية. كان يمكن وينبغي توقع أكثر من ذلك منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى