اختبارات وآلاف اليورو نقدًا – وأهداف إيرانية ولبنانية وفلسطينية: في شهر مايو الماضي، أعلنت تركيا أن مخابرات البلاد كشفت عن شبكة تجسس للموساد . وفي الأسبوع الماضي، تم الكشف عن أدلة قدمها الشخص الذي يُزعم أنه يرأس الشبكة، سلجوق كوجوكايا، وهو محقق خاص التقى، بحسب قوله، بأفراد من الموساد في 11 مناسبة في 10 مدن مختلفة في أوروبا، وكانت وظيفته جمع المعلومات الاستخبارية وكتابة تقارير للموساد، مقابل المال. وقد تم استخدام واحدة على الأقل من عمليات المراقبة التي أجراها، بحسب المراسلات التي جرت بينه وبين عناصره، لتحديد نقاط الضعف التي قد تمكن من مهاجمة مواطن فلسطيني وصل من بيروت إلى اسطنبول.
سلجوق كوجوكايا رئيس شبكة تجسس للموساد في تركيا
وزعمت تركيا في مايو الماضي أن الموساد تعاون في إنشاء الشبكة مع أفراد أمن مرتبطين برجل الدين التركي المنفي فتح الله غولن، الذي يتهمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتخطيط لمحاولة الانقلاب ضده في عام 2016. وبحسب المحقق الخاص التركي، فإن أول اتصال بين كوجوكايا والموساد تم بواسطة سركان أوزديمير، وهو ضابط سابق في الجيش التركي متهم بعلاقات مع فتح الله غولن وهرب من البلاد.
“أخبرني أن شركة تأمين أجنبية كانت تبحث عن محقق خاص. أجريت معه عدة مكالمات هاتفية، وقد قدمني إلى شخص يُدعى خورخي. تحدثت مع خورخي عبر سكايب، وعرضت خدماتي – وأرسل لي في البداية “أسماء العديد من المطاعم وطلبوا مني التحقيق في أنشطتهم التجارية. كما طلب مني أيضًا تقديم صور”، شهد كوتشوكايا حول الاتصال الأول بين الطرفين في أغسطس 2018. وتم إجراء الاتصال مع خورخي، حسب قوله، عبر بريد إلكتروني مشفر خدمة تسمى بروتون ميل. وقال: “لقد تبادلنا كلمات المرور على عنوان بريد إلكتروني يسمى تركيا 77”.
وشملت “المهمة الاختبارية” لكوتشوكايا، بحسب شهادته، جمع المعلومات التجارية. “قال إنني سأختار أحد المطاعم الثلاثة، وأنظر إليها من الداخل والخارج، وعندما أرسلها سيفحص المعلومات الموجودة لديه ويقارنها بما أرسلته. أرسلت له التقرير عبر البريد الإلكتروني وطلبت 1000 يورو كتعويض”، لقد أحب ذلك – وطلب أن نلتقي وجهاً لوجه.
بعد الاجتماع مع خورخي، التقى كوتشوكايا بمن أطلق على نفسه اسم ألفونسو، والذي قال إنه مدير خورخي. ووصف قائلاً: “لقد أعطوني تعليمات بشأن وظيفة ثانية. وقمت بتشكيل فريق”. المهمة، التي حصل على أجرها مقدما في اجتماع في روما، على حد تعبيره، تركزت على مراقبة المواطنين الإيرانيين واللبنانيين، وجمع معلومات عن “شركة كهرباء”، على حد تعبيره. وقال في تحقيقه: “كان معظم عملي يتعلق بمراقبة الشركات الأجنبية. وعندما طلبوا مني التحقيق مع الشركات التركية، أرادوا معرفة من يعملون معهم ومن يملكهم”.
إحضار 3 سيارات ودراجة نارية على الأقل
وفي 18 ديسمبر 2018، التقى كوتشوكايا مع مشغليه مرة أخرى – هذه المرة في كوبنهاغن، عاصمة الدنمارك. “تلقيت 4000 يورو نقدا، بما في ذلك النفقات. أحضروا جهازا يشبه الكمبيوتر المحمول إلى مقهى، وربطوا الكابلات بصدري وأطراف أصابعي وساقي، وسألوني عن اسمي ومهنتي وإذا كنت أعمل مع الحكومة”. وصف اللقاء – الذي كان في الواقع اختبار كشف الكذب.
وبعد بضعة أسابيع التقى بألفونسو في بلجيكا. وهناك، بحسب قوله، تم تثبيت برنامج على جهاز الكمبيوتر الخاص به يسمح بقراءة رسائل البريد الإلكتروني المشفرة. وفي اللقاء في بلجيكا، حصل أيضًا على مهمة جديدة: “طلبوا مني العمل في مكتب صرافة في منطقة لالي في إسطنبول، ومن ثم متابعة مدير تسويق تركي وتحديد من كان يجتمع معه”. وبحسب قوله، فقد حصل على هذه المهمة ما بين 6000 و7000 يورو. وقال لمحققيه في تركيا: “بين عامي 2018 و2022، التقيت عملاء الموساد وجهاً لوجه 11 مرة – في مدن مثل كوبنهاغن وزيورخ وباريس وروما”.
وفي عام 2020، تلقى مهمة جديدة: متابعة رجل يحمل الجنسية الفلسطينية واسم عائلته المحمود، ووصل على متن رحلة جوية من العاصمة اللبنانية بيروت إلى إسطنبول. كشفت مراسلاته مع مشغليه عن طريقة العمل المزعومة بأكملها: فقد تلقى تفاصيل الرحلة، وطُلب منه متابعته.
احد اعضاء شبكة التجسس
“هذه هي التفاصيل. من المقرر أن يصل على متن رحلة جوية من بيروت الساعة 08.50. جهزوا الفريق، وانتبهوا: كم أمتعة معه؟ هل برفقته حراس وأمن؟ هل حراسه مسلحون؟ هل يستقل سيارة أجرة من المطار أم يستقل بسيارة خاصة؟ تحقق من خط سير رحلته في اسطنبول.
من أجل المهمة، طُلب منه استخدام عدة مركبات مختلفة. وجاء في البريد الإلكتروني الذي تم إرساله إلى كوجوكايا، وفقًا لتقارير في “يوصى باستخدام ثلاث مركبات مختلفة ودراجة نارية لصالح المهمة، لتجنب التعرض، ولتتبع الهدف بشكل أفضل وتجنب فرص فقدانه”. ديك رومى. وأكد المرسل في نهاية الرسالة: “سنستخدم المراقبة لجمع نقاط الضعف في طريق الهدف، حتى نتمكن من التخطيط لهجوم على ذلك الشخص”.
وذكرت تركيا في مايو الماضي أن التحقيق في الشبكة استمر عاما ونصف. ووفقا للتقارير الواردة في البلاد، يواجه 17 مشتبها بهم عقوبة تصل إلى 15 عاما في السجن بتهمة التجسس. ويوجد ستة منهم رهن الاحتجاز. وكثيراً ما تتباهى تركيا باعتقالات “عملاء الموساد”.
وفي يوليو/تموز، زعمت أنقرة أنها كشفت عن “شبكة أشباح” مكونة من 56 عميلاً يعملون في البلاد ويتعقبون المواطنين غير الأتراك. وفي ديسمبر الماضي، تم اعتقال سبعة بتهمة التجسس على الفلسطينيين لصالح الموساد. وفي حالات أخرى، كشفت المخابرات التركية (MIT) عن شبكة تجسس روسية وأحبطت هجومًا إيرانيًا ضد الإسرائيليين .
