يديعوت: تعيين بن غفير وزيراً للأمن الداخلي لعب بالنار

ناحوم برنياع – يديعوت ١١-١١-٢٠٢٢ : تعيين بن غفير وزيراً للأمن الداخلي لعب بالنار
يجري في قيادة جهاز الأمن، مؤخراً، جدال على الوضع في “المناطق”. يمكن أن نصوغ الاسئلة على النحو التالي: هل نتجه الى انتفاضة ثالثة؟ وكبديل، هل نتجه نحو وضع عضال، “ارهاب” بقوى متدنية، في القدس وفي الضفة تجاه الجنود والشرطة، وتجاه المستوطنين؟ هل انفجار عام، يقيم علاقات جديدة بين إسرائيل والفلسطينيين افضل من استمرار التدهور؟ والفيل الذي في الغرفة، ذاك الذي يمنع الضباط لابسي البزات من الحديث عنه: ماذا سيكون دور الحكومة المرشحة في ما سيحصل؟ ماذا ستفعل وماذا سيفعلون لها؟
واحد على الاقل من قادة أذرع الأمن أطلع، هذا الاسبوع، نتنياهو على الوضع. هو لا يمكنه ان يقول: لم أعرف. ومع ذلك، يمكن الافتراض انه في المنافسة بين احتياجات الامن والاضطرارات السياسية فان السياسة ستنتصر. نتنياهو يأكل بعد الانتخابات ما طبخه قبلها.
بعد سبعة اشهر من بدء حملة كاسر الامواج، في الجيش الإسرائيلي لا يرون النهاية. الوضع تحت السيطرة، نشاط “الارهاب” مقيد، ولكن لا سبيل لوضع حد له. فهو يعتمد على شبان بلا امل، بلا مستقبل، وليس لهم هوية تنظيمية ولكن توجد لهم وفرة من الوسائل القتالية. ما كان ينتهي ذات مرة بالحجر ينتهي اليوم باطلاق النار.
الانفجار الذي يتحدثون عنه يمكن أن يأتي من ثلاثة اتجاهات. الاول، حدث “ارهابي” جماعي، من النوع الذي شهدناه في اثناء الانتفاضات؛ الثاني، تفكك السلطة الفلسطينية. ابو مازن ابن 87 سنة. وهو لن يدوم الى الابد؛ الثالث، حدث فتاك بين فلسطينيين ومستوطنين. يرد الشارع الفلسطيني بالتسليم بقتل المسلحين. الموت هو جزء من الصراع. هو يثور على موت غير المشاركين، ولا سيما اذا حصل عبر احتكاك مع مستوطنين.
في الحكومة المرشحة يوجد وزراء يسعون الى حل السلطة الفلسطينية. طردها، هكذا يفكرون، سيدفن نهائيا فكرة الدولتين ويسمح بضم الضفة. الجيش و”الشاباك” يعتمدان على الاجهزة: في الاماكن التي يريدون ويمكنهم أن يعملوا، عملهم حيوي للأمن. لكن الاجهزة آخذة في الضعف، ولا مفر من التفكير في اليوم التالي. يعرض نتنياهو ابو مازن كعدو. عندما يختفي سيفقد نتنياهو العدو الاكثر راحة الذي كان له.
التركيبة وروح الحكومة يستقبلان بقلق في واشنطن، في غرب اوروبا، في الاردن، في الامارات وفي الاساس في الداخل. لا يقف بن غفير وحده، فهو الاستثنائي الذي يشهد على القاعدة. هذا هو سبب آخر للانشغال بتعيينه.
طوبى لعود الثقاب
يقبع مكتب وزير الامن الداخلي في حي الشيخ جراح في شرقي القدس. عشر دقائق سير عن شارع الخصام الذي أعطى ايتمار بن غفير مجده. في الاصل بني المكتب لرئيس الوزراء مناحم بيغن. عندما اوشك على الانتقال اوضحت له حكومات اجنبية بانه لن يكون لها مفر غير مقاطعته: فأقدام قادتها لن تطأ مكتب رئيس وزراء في أرض محتلة. فهم بيغن بأن ما يراه من هنا لا يراه آخرون من هناك وتراجع. لم يضر التراجع بحد ذاته بصورته كزعيم وطني يميني.
من يرى في بن غفير مهرجا غير ضار سيطبل وراءه، مع الكاميرات الى داخل المكتب. فهل ستعلق على الحائط صورة الحاخام كهانا؟ سيسأل بلطف حضرة الوزير. هل ستفضل ان تجلب من المخزن صورة باروخ غولدشتاين؟ وحضرة الوزير سيرد، بابتسامة دوبي سخية، لنحيَ ونرَ.
ليس التصميم في المكتب يقلقني، ولا الماضي المشوق للوزير المرشح. يقلقني المستقبل، وليس انا فقط. من اليوم الذي اعلن فيه بن غفير بانه سيكون وزير الامن الداخلي، أحاول أن أفهم ما الذي سيفعله التعيين لاداء الشرطة في الميدان، لعلاقات اليهود – العرب، واساسا، لوضع الامن في الضفة وفي إسرائيل. الخطر واضح وفوري. لا يدور الحديث عن سياسة بل عن دم.
في كل يوم خميس ينعقد في غرفة الجلسات في مكتب الوزير في رمات غان محفل يبحث في الارهاب اليهودي. في الجلسات يشارك رجال الدائرة اليهودية في “الشاباك” ورؤساء المباحث في الشرطة. المعلومات سرية. بعضها يتعلق بخطوات تجاه زبائن بن غفير في الماضي وشركائه في الطريق. عومر بارليف، الوزير الحالي يشارك في كل بحث. هل بن غفير مؤهل للمشاركة؟
تطبيع غير المطبع، هكذا يسمي ذلك نائب الوزير، يوآف سغلوبيتس.
سيحج بن غفير بعد تعيينه الى الحرم. الحجيج الى الحرم هو جزء من موقفه. أمر واحد هو زيارة الحرم من جانب نائب هامشي؛ وامر آخر هو زيارة وزير الشرطة، مع كل الضجيج الاعلامي. طوبى لعود الثقاب: حتى لو لم يطالب بتغيير حرف واحد في العلاقات في الحرم، فان وجوده في المكان سيشعل النار.
لمنفعة القارئ جمعت بضعة احداث شرطية في الولايات الحالية والتي تطلبت تدخل الوزير. ماذا سيفعل بن غفير، ليس صعبا التخمين.
هكذا مثلا، بتعليمات من بار- ليف يجتاز اليهود الذين يحجون الى الحرم تفتيشات دقيقة، بما فيها تفتيشات جسدية. والسبب: يوجد بينهم من يحاول أن يهرب الى الحرم اغراض صلاة. في العرش مثلا أُمسك بشاب هرّب في بنطاله عوداً أخضر. وقد خطط لأن يمتشق العود في ساحة المسجد بهدف اغاظة حراس الاوقاف واثارة اعصاب افراد الشرطة والتسبب بحدث عنيف في المكان الأكثر حساسية في الشرق الاوسط.
في واحد من الاحداث في الحرم رشق “مخلون بالنظام” الحجارة على افراد الشرطة من داخل المسجد الاقصى. القى افراد الشرطة رداً على ذلك قنابل صوت الى داخل المسجد. وكان الضرر اكبر من النفع. في أعقاب الحادثة وجه بار-ليف الشرطة ألا يستخدموا القنابل إلا بأمر من المفتش العام أو قائد اللواء.
درجت الشرطة على أن تطلق النار على “المخلين بالنظام” من الفلسطينيين ببنادق روجر. وكانت الفكرة إصابتهم بالأرجل. قضى بار-ليف بان الشرطي يجوز له ان يطلق النار من الروجر فقط حين يشعر بخطر على حياته. ثار المفتش العام، كوبي شبتاي. ليس لك صلاحيات، كتب للوزير وارفق فتوى قانونية. توجه بار-ليف الى المستشار القانوني مندلبليت، الذي أمر المفتش العام بإطاعة تعليمات الوزير.
تعهد بن غفير في الحملة بسياسة معاكسة: إطلاق النار على المخلين بالنظام بكل الادوات، بكل الرتب، في كل الأماكن؛ واسناداً تلقائياً لكل نار يطلقها شرطي او جندي. باختصار الشرطة بمثابة فيلم طرنتينو. اذا كان 30 في المئة من الجنود صوتوا له، كما قال لي مصدر سياسي، فمعقول الافتراض بأن 50 في المئة من افراد الشرطة صوتوا له. “هذه مجرد أقوال”، يهدئ نتنياهو. افراد الشرطة لا يفكرون بأن هذه مجرد اقوال. هم يفكرون بان هذه هي تعليمات العمل.
مكافحة الجريمة في الوسط العربي، والتي بدأت تعطي ثمارها الأولية، تستوجب التعاون مع رؤساء البلديات ومع النواب. عشية الانتخابات دعا الوزير المرشح لحملهم جميعهم على طائرة وإبعادهم الى سورية. هذه بشرى ليست طيبة لمواصلة الحرب ضد الجريمة.
لقد درجت الشرطة على أن تنزل في الأحداث أعلام فلسطين. وكان هذا احد الأسباب للحادثة المحرجة، بمقاييس دولية وقعت في أثناء جنازة الصحافية شيرين ابو عاقلة في أيار. في أعقاب الحدث طلب بار-ليف استخدام العقل. نحن غير ملزمين بأن نهاجم كل علم. في الشرطة لم يستطيبوا هذا، لكنهم اضطروا لأن يطيعوا.
المفتش العام، كوبي شبتاي، ضابط مقاتل. هكذا يجدر به. هو لا يحتاج الى وزير يشجعه. أحياناً يحتاج الى عكس هذا، الى وزير يلجمه.
في تشرين الأول قتل “مخرب” المجندة نوعا لازار في مدخل مخيم اللاجئين شعفاط. فرضت الشرطة طوقا متنفسا على المخيم. بعد ثلاثة ايام فهموا في “الشاباك” وفي الشرطة بانه لا توجد منفعة أمنية من الطوق. حذرت الاستخبارات من أنه اذا لم يرفع الطوق فستكون موجة اعمال “اخلال بالنظام” في وادي عارة، في شرقي القدس، وفي حيفا. ولكن أحداً لم يتطوع لأن يسجل اسمه على قرار غير شعبي. اما بار-ليف فحسم بدلا منهم.
باختصار: تعيين بن غفير وزيرا للأمن الداخلي هو ليس فقط فشلا أخلاقياً وتسيب سياسيا، هو لعب بالنار. نتنياهو يعرف، لكن ليس له مسار هروب. لعل هذا هو انتقامه على تحقيقاته في الشرطة. بن غفير عملية رد.



