ترجمات عبرية

يديعوت– بقلم يوفال ديسكن – استراتيجية “كله خرطة”

يديعوت– بقلم  يوفال ديسكن – 7/8/2020

لاسفي، نحن نفقد قاسمنا المشترك الاكثر اساسية، لان زعامتنا البائسة تعنى منذ سنين بالانقسام وبغرس الكراهية، وتلحق ضررا جسيما باحساسنا بوحدة المصير المشترك “.

من عمل مع المتهم عن كثب، يعرف انه لم يكن ولن يكون لا زعيما ولا مديرا. من يعرفه عن كثب يعرف ايضا أنه صاحب خرطات كبيرة.  

لن يكون ابدا الراحل دافيد بن غوريون، الراحل مناحم بيغن، الراحل اسحق رابين، او الراحل ارئيل شارون. لكل واحد منهم كانت نواقص وارتكبوا اخطأ كانت احيانا خطيرة ايضا. ولكنهم كانوا زعماء عرفوا كيف يتخذوا القرارات التاريخية، اخذوا المسؤولية، منحوا الاسناد، وفي لحظة الحقيقة وضعوا المصلحة القومية قبل الشخصية.

أما ما لا يمكن ان تؤخذ الحظوة من بيبي عليه، فهو الابتكار الذي سجله حول استراتيجية “كله خرطة”. “كلهخرطة” هو القاسم المشترك للقصص التي تحيط بنا، مثل ان دولة اسرائيل هي بين أفضل الدول في العالم الغربي في التصدي للكورونا، وان وضعنا لم يسبق ان كان افضل مما هو عليه اليوم، وكان هناك فرصة تاريخية لفرض السيادة، ولن نسمح لها بان تمر، وان بيني غانتس سيكون رئيس وزراء، وان اليسار مذنب وان الصندوق الجديد مذنب وغير ذلك.

تتبنى استراتيجية “كله خرطة” نبدأ ملفقا آخر، زرعا آخر للكراهية، جعل الجهاز القضائي والنيابة العامة اعداء الشعب، اختلاق نظريات المؤامرة ونشرها، وبالتوازي تعظيم قدرات المتهم الهائلة: ساحر، عبقري، امني وغيرها. من عمل بقربه يصعب عليه أن يصدق بان الحديث يدور عن الشخص الهستيري ذاته الذي يهرب من القرارات معظم ايامه وينشغل بتعظيم نفسه.

رجال “قاعدة” الليكود، وبالطبع جوقة المشجعين في وسائل الاعلام، يرفضون هضم الحقيقة الاصلية من الغرف المغلقة التي  كشف عنها نتان ايشل مقرب بيبي وسارة ورجل سرهما، في تسجيلات المحادثات عن الشكل الذي  يغرس فيه نتنياهو  ومبعوثوه “النار الدائمة” للكراهية في قلوب “هذا الجمهور”، “غير الاشكنازي” لناخبيه: “… في هذا الجمهور – وأنا اسميه حتى “غير الاشكنازي” هذا… نجحنا في أن نغرس… هذه الكراهية هي التي توحد… معسكرنا…”.

كما أن أعجب كيف لا يسأل “رجال القاعدة” أنفسهم كيف أن حكومات اليمين التي حكمت في الاربعين سنة الاخيرة لم تعمل على تغيير راديكالي للوضع من أجلهم؟ لماذا لم تعمل حكومات اليمين برئاسة “الساحر” منذ 2009 بحث نكون دولة لا يوجد فيها فقر؟ لماذا لم تضع تقدم الطبقات الضعيفة في رأس اهتمامها؟ او لماذا لم ينجح “الساحر الوهمي” في حل أزمة السكن منذ 2011؟ الجواب على ذلك بسيط: اذا لم تكن طبقات ضعيفة واذا لم تكن كراهية، فلن يكون وجود لزعماء “كله خرطة”. بكلمات اخرى لن يكون هناك من يصوت لهم.

ان المنفذين الاساسيين لاستراتيجية “كله خرطة” هم ميكي زوهر، ميري ريغف، وامير اوحنا، نتان ايشل وذلك بدعم من  الاعلاميين مثل بسموت وركلين وعمل ميداني من “ان شئتم”. ومؤخرا انضم لاعبون عنصريون من “لا فاميليا”. وهذا منتخب رائع بلا  شك.

ولكن التاريخ لا يتطور في خط متواصل. فقد أخرج وباء الكورونا الهواء الساخن من البالون. وبات المزيد فالمزيد من المواطنين يفهمون بانه لا يوجد هنا لا عبقري ولا ساحر. يوجد هنا ببساطة متهم بالاعمال الجنائية، يحاول بكل وسيلة انقاذ نفسه من المحكمة المركزية التي سيكون مطالبا فيها بان يجيب على لوائح الاتهام الخطيرة. ولانه ليس زعيما حقيقيا وكونه لا يعنى الا بنفسه، فانه نجح في أن يجلب الدولة الى ازمة اجتماعية اقتصادية خطيرة للغاية.

لقد بات واضحا منذ زمنذ بعيد بانه لا يدور الحديث عن خلاف ايديولوجي بين يمين فهيم ويسار غير موجود. ولا حتى عن خلاف في  مسألة الدولتين للشعبين. هذه المرة يدور الحديث عن شيء ما عميق واساسي اكثر بكثير. يدور الحديث عن اساس وجودنا كشعب وكمجتمع.

ان وجود الشعب وحصانته يبدآن باحساس الهوية القومية والاجتماعية المشتركة. وهذه تتشكل من الاحساس بوحدة المصيرة بين قبائله، من الايمان بعدالة الطريق  وكذا من السير خلف زعامة جديرة وموحدة تبث رؤيا وقدوة شخصية. لاسفي، نحن نفقد قاسمنا المشترك الاكثر اساسية، لان زعامتنا البائسة تعنى منذ سنين بالانقسام وبغرس  الكراهية، وتلحق ضررا جسيما باحساسنا بوحدة المصير المشترك.  

وعليه فان المحتجين ليسوا مع اليسار وليسوا ضد اليمين. معظمهم فقدوا تماما الثقة إثر خدعة أزرق أبيض. الاحتجاج هو ضد السياسة العفنة التي اخترعها المقيم في بلفور. كما أنه ضد زعيم فاشل، يفضل مصلحته الشخصية على مصلحة الشعب، يفتقد لذرة من القدوة الشخصية. يحرض الجميع على الجميع. الاحتجاج هو ضد متهم بالجنائي الذي  مع عشرات الملايين بالاملاك وفي البنوك، حاول دون خجل ان يرتب  لنفسه في ذروة ازمة الكورونا امتيازات ضريبية ضخمة بدلا من الاهتمام بملايين العاطلين  عن العمل الذين لا يعرفون كيف ومتى سيعودون لنيل رزقم بكرامة.

كيف سنخرج من الازمة الاجتماعية – الاقتصادية والزعامية الخطيرة هذه؟ هل سنعرف كيف نتحد ام أن الانقسام الخطير سيتعمق ويؤدي الى سفك دماء مثلما سبق أن حصل في الماضي؟ عندما يقود المتهم بالجنائي بنفسه جوقة المحرضين الذين يختلقون اعداء غير موجودين كل يوم بيومه تقريبا تتكاثر المؤشرات على أن هذا سينتهي باكثر بكثير من طعن متظاهر. لقد سبق أن حذرت من هذا بعد الخطاب الهاذي للمتهم في المحكمة يوم بدء محاكمته، والذي عرض فيه “نظرية المؤامرة” واشار بالاسم الى “المتآمرين” ضده.  

ورغم كل شيء، في  ظل هذه العتمة، يمكن للمرء أن يشعر ببعض التفاؤل من أنه في  ميدان باريس،  على الجسور في ارجاء البلاد، في قيساريا، في حديق تشارلز كلور بات يوجد شبان كثيرون قرروا اخذ المسؤولية والكفاح في سبيل  مستقبلهم الى جانب كبار السن، رجال اليسار والوسط، بل وحتى رجال اليمين، المتدينين الوطنيين وكذا الاصوليين. حقا لا يكفي ولكن هذا لم يعد فقط “التل أبيبيين”، وهذه بالتأكيد ظاهرة جديدة في الاحتجاج الاجتماعي – السياسي في اسرائيل. هناك في الميادين وعلى الجسور يكمن الامل بمستقبل افضل، واعادة دولة اسرائيل الى الطريق المستقيم بعد أن اصبحت قوة عظمى “كلهخرطة” بتأسيس بنيامين  ميليكوفسكي – نتنياهو.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى