ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم ناحوم برنياع – مليء بالثقوب كالجبنة السويسرية وبرائحة العفونة ايضا

يديعوت – بقلم  ناحوم برنياع – 4/5/2020

من يتوقع من قضاة العليا أن يحلوا كل المشاكل  القيمية التي يخلقها لنا السياسيون يتوقع أكثر مما ينبغي “.

حين شاهدت أمس مداولات محكمة العدل العليا أغمضت عيني للحظة وتخيلت أن ليس رأس نتنياهو هو الموضوع على الطاولة بل رأس النائب حاييم كاتس. وضع كاتس مشابه لوضع نتنياهو: كلاهما عضو في الكنيست؛ كلاهما يجران وراءهما لوائح اتهام جنائية. الفرق هو بان على نتنياهو يوجد لكل واحد رأي: يوجد من هم معجبون بالارض التي يدوس عليها؛ وآخرون يرون فيه خطرا وجوديا. الاراء عنه مشحونة لدرجة أنها تثقل على التفكير الموضوعي السليم. اما النائب حاييم كاتس  فيبعث فيهم مشاعر أقل شدة. هناك من يتشوش بينه وبين كاتس الثاني، باختلاف عدد الاحرف في الاسم فقط.

هل يتعين على المحكمة العليا أن تسمح للنائب حاييم كاتس بان يشكل الحكومة القادمة؟ برأيي الجواب هو نعم. لكاتس ولنتنياهو أيضا. وسبب ذلك بسيط: عندما سنت الحكومة القانون الاساس للحكومة طرحت المسألة على البحث والحسم. ويشهد البروتوكول على ذلك. عندما لا يكون لنا سبيل لان نعرف ماذا كانت نية المشرع نرفع عيوننا الى المحكمة العليا للتفسير والتجديد. يوجد فراغ يمكنها ان تملأه، شق يمكنها أن تدخل عبره. لشدة الاسف هذه ليست الحالة هنا.

توجد بالطبع مشكلة قيمية عسيرة في جلوس متهم بالجنائي على كرسي رئيس الوزراء. كما توجد سلسلة من المشاكل العملية، أشدها خطورة هي تضارب المصالح.  ولكن من يتوقع من قضاة العليا أن يحلوا كل المشاكل القيمية التي يخلقها لنا السياسيون يتوقع أكثر مما ينبغي. الملتمسون ضد تعيين نتنياهو تحدثوا انطلاقا من قناعة اخلاقية عميقة، ولكن الاساس القانوني الذي استندوا اليه كان ضيقا ومحشورا. يوم غير سهل مر عليهم في المحكمة.  

يستمع القضاة اليوم الى الحجج مع وضد الاتفاق بين الليكود وأزرق أبيض. والنقاش كفيل بان يكون مختلفا، اكثر تفصيلا، أكثر عمليا، أكثر قانونيا، أقرب الى روح مداولات اخرى تجرى في محكمة العدل العليا. رغم أن القضاة يمتنعون بشكل عام عن التدخل في الاتفاقات السياسية، سيسرهم ان يغوصوا في تفاصيل هذا الاتفاق. الاتفاق مليء  بالثقوب كالجبنة السويسرية  وتنم عنه رائحة  الجبنة العفنة. بلا صلة بالنتيجة النهائية سيكون من المجدي الاستماع الى ملاحظاتهم، الى كل كلمة. يمكن للمرء أن يؤيد قرار غانتس الانضمام الى نتنياهو ويمكن الاختلاف معه. ولكن من  الصعب جدا التسليم بالاتفاق الموقع. فهذا وثيقة غير دستورية على نحو ظاهر، وثيقة تفكك قوانين أساس، تخلق وضعية سلطوية متعذرة، تقلص الكنيست وتهدد المحكمة العليا. مثلما في اغنية نوعامي شيمر القديمة، انطلق الجنود على الدرب في رحلة طويلة على الاقدام، وفي منتصف الطريق اكتشفوا أنهم نسوا ان يأخذوا معهم الخبز، الماء واعواد الثقاب. في حالة أزرق أبيض نسوا أن يأخذوا عمودا فقريا، قيما، تعهدات للناخبين، عقلا سليما وتجربة سياسية.  جنود نوعامي شيمر دبروا أنفسهم كيفما اتفق؛ أكلوا الفتات  بدلا من الخبز، شربوا من ماء المطر،  أما أزرق أبيض فبقي  وحيدا،  مع ورقة محرجة في اليد. غانتس يصلي الان أن تقر العليا الاتفاق: فليس له ولحزبه طريق للعودة.

مشكوك أن يلغي القضاة الاتفاق كله. فالغاء الاتفاق سيسمح لنتنياهو بالتوجه الى جولة انتخابات رابعة بينما تعرض العليا كمسؤولة عن تبذير الاموال وعن الفوضى. ولكن هذا لا يعفيهم من محاولة التعديل لبعض من التشويهات الدستورية التي ادخلت الى الاتفاق. حكومة نتنياهو  الخامسة يمكن أن تقوم دون أن  يكون فيها “رئيس وزراء بديل”. فلا  يوجد كيان حي كهذا. يمكن لغانتس أن يكتفي بلقب القائم باعمال رئيس الوزراء. كما أنه يمكن التخلي ايضا عن “ترتيبات السكن” المعيبة. بالمقابل،  فان طلب نتنياهو اعفاءه مما يسمى “عُرف درعي بنحاسي” أي اعفاءه من الاستقالة بعد تنفيذ التناوب،  مشروع. فما المعنى من التناوب اذا حرم من بقائه في الحكومة؟ الطلب مشروع:  يمكن ان يوجد له حل قانوني محترم أكثر.  

وغير ذلك. مشكلتان جعلتا الاتفاق على ما هو عليه: عدم الثقة المطلقة لغانتس بدوافع نتنياهو، ورفض نتنياهو التصدي لملفاته في المحكمة. ليست اسرائيل قبل كل شيء بل غانتس ونتنياهو قبل كل شيء. اذا نجح قضاة العليا باصلاح هذا التخريب في شيء ما، فانهم سيقدمون خدمة عظيمة للديمقراطية الاسرائيلية. كرفا ديام،  قال الرومان. استغلوا اليوم.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى