ترجمات عبرية

يديعوت– بقلم ناحوم برنياع – الاخطاء واجبة دفع الثمن

يديعوت– بقلم  ناحوم برنياع  – 24/4/2020

 لقد حقق أزرق أبيض في الاتفاق أكثر بكثير من قوته العددية. هذا ما يحصل لاحزاب الوسط التي كان لها الحظ في أن تصبح لسان الميزان. السابقة هنا كي كحلون: 10 مقاعده جعلته كابح الميول المناهضة للديمقراطية في الحكومة. بعد ذلك ذاب  “.

مساء يوم الثلاثاء، بعد يوم من التوقيع على الاتفاق مع نتنياهو، وقف بيني غانتس خلف المنصة التي يبرز عليها رمز الدولة المذهب. كان وجهه معذبا، ظل شاحب للرجل الواثق، الحازم الذي طل علينا من الاعلانات الضخمة في مسارات أيالون. كان هناك من فسر مظهره الاشوه كدليل على تخبطاته النفسية وأفكار الندم. خطأ: ما عذبه لم يكن الاتفاق، بل الظهر. لغانتس توجد مشكلة ظهر قاسية، تطلبت تدخلا طبيا. صعد الى الخطابة وهو يعاني من آلام شديدة. اما الليكود الذي نسب في الحملات الانتخابية الثلاثة لغانتس مشاكل صحية لم تكن، فقد فوت مشكلة حقيقية.

ان الاتفاق الذي يقيم حكومة نتنياهو الخامسة، نضج بعد أن توصل الطرفان الى الاستنتاج بان ليس لهما خيار آخر. مساعي الليكود لشراء اثنين – ثلاثة فارين من الوسط – اليسار فشلت؛ محاولة محافل في أزرق أبيض الوصول الى اغلبية تنهي عصر نتنياهو فشلت هي الاخرى وانتهت بتفكك داخلي كثير الاحتكاكات والاتهامات المتبادلة. أما التوجه لجولة انتخابات رابعة، مع جمهور محطم اقتصاديا، مصاب بالكورونا، فقد اخاف الجميع. “استسلمنا لطغيان الواقع”، قال احد المشاركين في المفاوضات. الحكومة هي ما يريده معظم الناخبين في هذه اللحظة. بعد 17 شهرا من الحكومة الانتقالية، بعد ثلاث جولات انتخابات عقيمة، غالية، قذرة، في ذروة موجة خوف، هذا ما يلزم لاجل التهدئة واعطاء الناس الاحساس بان الدولة تؤدي مهامها.

“حكومة وحدة” هكذا يسمون هذه الحكومة، رغم أن ليس فيها لا وحدة ولا توازن بين قوتين متساويتي  القوة. حكومات الوحدة تحظى بشكل عام بتأييد ذروة في بداية طريقها ومعارضة متزايدة لاحقا، فيما أن الصراعات بين  الطرف أ والطرف ب تمزقها من الداخل.  عن تلك الحكومات درجنا القول انها تعيش  حياتها  كالحفاضة للوليد: في البداية نظيفة وجافة، بعد ذلك باردة ورطبة. ليس مؤكدا ان تكون هذه القاعدة صحيحة بالنسبة لحكومة نتنياهو الخامسة. ينبغي لنا أن نفهم المعطيات الاولية: الساحة السياسية التي ولدت حكومة الوحدة في الماضي ماتت. فلا توجد احزاب ولا توجد هيئات تبلور القرارات، ولا يوجد احترام لقواعد اللعب. يوجد زعيم واحد، عائلة واحدة واجندة وطنية – اصولية واحدة.

ان التوقع بان رئيس اركان واحد في التقاعد، وليس مصمما على نحو خاص، هبط الى السياسة قبل سنة ونصف ان يملأ الفراغ الضخم الناشيء، يغطي الهوة التي انفتحت، يدل على تفاؤل مبالغ فيه.

لقد كف معظم الاسرائيليين منذ زمن بعيد عن متابعة الاخبار السياسية: اخبار متضاربة، مؤقتة، مثيرة للاعصاب، توجد لهم جدا من مجال الطب. ما اصاب الكثيرين منهم بالصدمة لم يكن مجرد قرار غانتس واشكنازي الخدمة تحت نتنياهو، بل مضمون الاتفاق الذي وقعا عليه. القرار يمكن تفسيره؛ بنود الاتفاق تروي قصة اخرى تماما. لم يكن مثل  هذا الاتفاق في حكومات اسرائيل. قسم كبير مما وعد به، يصرخ أن اشطبوني. والمبررات اخلاقية، قانونية، صهيونية وربما ايضا العقل السليم. قضاة محكمة العدل العليا الذين سيكونون ملزمين بان يبحثوا في التماسات ضد الاتفاق في الايام القريبة القادمة يقفون أمام تحدٍ كبير، قد يكون الاكبر الذي وقفت امام محكمة العدل العليا في تاريخها. أجد صعوبة في أن أصدق بانهم سيلغون الاتفاق كله. فالالغاء سيجر الدولة الى جولة انتخابات رابعة، بينما تكون المحكمة هي التي تجلس في مقعد المتهمين. أما التعديلات فيمكنهم أن يطالبوا بها.

لقد عاد هذا الموضوع ليطرح في المداولات الداخلية في قيادة أزرق أبيض “كل ما تقوله العليا، سنفعله”، قال هوت بتسار، الرجل الاقرب الى بيني غانتس. مشكوك أن يكون فهم حتى النهاية معنى كلامه. فبعض البنود الفضائحية في الاتفاق جاءت لتخدم أزرق أبيض، لتستجيب لمخاوفه من التفكك  الداخلي، لضمان بقائه امام حيل نتنياهو. فالاتفاق اقل مما يعبر عن ارادة نتنياهو بفضل تصميم الزوجة والابن للتحرر من ربقة العليا يعبر عن الضعف الداخلي لازرق أبيض. في الحزب يوجد اليوم من يندمون على بعض من البنود ويأملون ان تحررهم العليا من الحرج. شخصيتان تحضران هنا. الاولى مأخوذة من أساطير الاخوة غريم. غانتس كقبعة حمراء، ذهبت لتزور جدتها، أدارت مفاوضات مشوقة وانتهت ببطن الذئب. الثانية مأخوذة من فيلم رومن بولنسكي. الاتفاق ولد في مفاوضات جرت بعد الجولة الثانية. عندما استؤنفت المحادثات، بعد الجولة الثالثة، لم تبدأ من الصفر بل مما بحث من قبل، وهكذا توصلت، الى الامام والى الوراء بالتذبذب، كل مرة تعديل صغير، تنازل طفيف، انفجار مؤقت الى أن تشكلت الصيغة واصبحت غير مقبولة. فقط عندما خرج الاتفاق الى النور، فهم بعض الشركاء في المفاوضات بانهم يحملون في اليد طفل روزمري.

دون الابقاء على مسافة

نذهب من الخفيف الى الثقيل.  البند 17 في الاتفاق يتحدث عن اتخاذ قانون نرويجي حتى في النرويج لم يسمعوا به. ينقسم البند الى قسمين – القسم الاول يستهدف حل مشكلة الوظائف في  الليكود؛ اما الثاني فيستهدف الخوف من الهجران في أزرق أبيض. حسب القسم الاول فان وزيرا أو نائب وزير سيستقيل من الكنيست كي يخلي مكانه لمن يأتي بعده في القائمة. ولكن من اجل الا يبقى بلا وظيفة يمكنه أن يعود الى الكنيست اذا ما وعندما يستقيل من منصبه الوزاري. القسم الثاني يقول ان وزيرا او نائب وزير سيستقيل من  الكنيست، من يأتي مكانه لن يكون التالي بعده في القائمة التي خاضت الانتخابات للكنيست بل من يأتي بعده في كتلته الحالية. المحامية دفنه هولتس ليخنر، التي رفعت أحد الالتماسات ضد الاتفاق، تقول عن حق ان البند فاسد: فهو يسلب اموال الجمهور ويشوه ارادة الناخب.

مشكوك أن تبقي العليا البند 17 على حاله ومشكوك أن يذرفوا في أزرق ابيض دمعة عليه.

البنود الاكثر غرابة، في نظري على الاقل، هي تلك التي تصف حكومة برأسين. الاول رئيس وزراء بالفعل، الاخر “رئيس وزراء بديل”. لكل واحد منهما مكانة مشابهة وترتيبات سكن مشابهة. هولتس – ليخنر تدعو هذا “انقلابا دستوريا”.

في العالم توجد دول توزع القوة في القيادة الرئيسة التنفيذية: يوجد رئيس ويوجد رئيس وزراء. هذا هو الترتيب في روسيا، في تركيا وفي السلطة الفلسطينية وفرنسا ايضا. مشكوك أن تكون دولة فيها رئيسا وزراء. ليانوس، احد الالهة في الاسطورة اليونانية كان له رأسان. أما لوحش الهيدرا فكان تسعة. فهل حلت الاسطورة اليونانية محل “الامير” لميكافيلي ككتاب الزامي في بلفور؟

هذا اللقب هو ما طلبه في المفاوضات المحامون الذين مثلوا نتنياهو. فاللقب يفترض فيه أن يحميه من امكانية اذا ما كان تناوب، سيطرح طلب اقالته من الحكومة، وفقا لعرف درعي – بنحاسي. ولهذا فمهم له أن يكون رئيس وزراء حتى عندما لا يكون رئيس وزراء. وفضلا عن ذلك، فان بلفور هو له. كل المجال، بكامله. امكانية أن تصل شاحنة ذات يوم وتصور وهي تخلي الامتعة الى بيت آخر، ترعب زوجته.

ولما كان  البيت في بلفور اصبح مجالا، بيت آخر وبيت آخر، وكله باسم الامن، فلماذا لا يسكن رئيسا الوزراء معا، بيت الى جانب بيت، بلفور أ الى جانب بلفور ب؟ هكذا سيتمكنان من الاحتفال بالفصح معا. غانتس يسأل السوداوات، ونتنياهو يجيب.  

وبعد، في أزرق أبيض يفتخرون بحقيقة انهم أحبطوا نية نتنياهو اجازة فقرة التغلب على العليا بالقانون – وان  لم يكن بشكل جارف، على الاقل في حالته. والنتيجة هي حل وسط: لا توجد فقرة تغلب ولكن يوجد تهديد – اذا استبعدت العليا ترشيح نتنياهو في النصف الاول من السنة، فستوجه الى الانتخابات. “متهم بالجنائي يريد أن يلقي برعبه على المحكمة”، يقول الالتماس. ويوجد اكثر. الحكومة الجديدة تعتزم الحصول على اقرار الكنيست دون أن تكون صاغت خطوط اساسية. هذا الترتيب يتناقض مع البند 13 في القانون الاساس للحكومة. الخطوط الاساس هي وثيقة يلقى بها في الجارور وتنسى بعد لحظة من اقرار الحكومة. وعلى الرغم من ذلك، فحقيقة أن غانتس ونتنياهو اعفا نفسيهما من الواجب الذي يفترضه القانون، يجب أن تثير القلق. فهي تدل على الخفة التي مستعدان بها ان يغير القوانين الاساس. “لديهما احترام لانظمة الطواريء أكثر من القوانين الاساس”، قالت لي شخصية كبيرة في  الجهاز القضائي.

بذات الخفة الغى الرجلان العرف الذي يفترض انتخاب مندوب من المعارضة للجنة تعيين القضاة. مجرد تدخل نتنياهو بمسائل من يدير اللجنة لتعيين القضاة ومن يكون فيها، تثير العجب. ثلاثة ملفات جنائية معلقة ضده في المحكمة كان يفترض أن تبعده عن كل انشغال بتعيين القضاة. أين التباعد الاجتماعي عندما نحتاجه.

الاختبار الأعلى

بعد غد، يوم الاحد، سيقرر 3.700 عضو في مؤتمر حزب العمل اذا كانوا سينضمون الى حكومة نتنياهو الخامسة. وسيكون التصويت الكترونيا. ومن غير المستبعد أن يكون هذا التصويت الاخير في تسعين سنة لحزب العمل، واحد التصويتات الاخيرة في أي مؤسسات حزبية في اسرائيل. في أزرق أبيض يقرر غانتس: فهو يتشاور مع غابي اشكنازي ومع غيره ولكن القرار هو له فقط. ليس للنواب أي فكرة عما يحصل. في يوجد مستقبل يقرر لبيد. في الليكود يقرر نتنياهو. توجد مؤسسات، ولكن لا توجد مداولات، التخوف الوحيد هو أن من ظلموا في مكانتهم سيعلنون عن التمرد. أما الحل فهو تعويضهم، تضخيم الحكومة، ايجاد وظائف سخيفة لهم، ميزانيات، مستشارين ومستشارات. لقد تعلم نتنياهو الابتكار من شارون: السياسيون الشبعون هم سياسون راضون. من المجدي  من أجل هذا ان يكون ثمن جماهيري.

36 وزيرا و 16 نائب وزير سيكونون في الحكومة حسب الاتفاق – الاكبر في حكومات اسرائيل. لقد شرح نتنياهو بان لديه اضطرارات، وغانتس تفهم. الثمن الجماهيري دفعه بالاساس غانتس. فليس هناك توقعات من نتنياهو. في أزرق أبيض يعتزمون محاولة اصلاح الضرر: غانتس لم يعين نواب وزراء؛ ويحتمل أن يوحد بعض الوزارات. حسب الاتفاق، حتى لو عين وزراء اقل، فانه قوتهم لن  تقل. فضلا عن هذا، فان التصويتات الهامة لا تتم في الحكومة بل في الكابينت، وهناك قوة أزرق أبيض مماثلة لقوة اليمين.

فضلا عن المشاكل التي ذكرتها، فان المشكلة الكبرى في الاتفاق هي ما ليس فيه. ليس فيه أي انسحاب، حتى ولا بملمتر واحد، عن الميول التي تبناها نتنياهو في السنوات الاخيرة. قانون القومية، الذي وبعد غانتس بتعديله، لن يعدل. التشريع الديني لن يعدل. تجنيد الاصوليين سينتقل الى سيطرة الوزراء الاصوليين. منع القرارات، يمكن لازرق ابيض أن يفعله. كل ما اراد تغييره، كل ما روج له في الحملات الانتخابية الثلاثة لن يحصل.

“الاختبار الاعلى للاتفاق”، يقول احد رجال أزرق أبيض، “هو في التناوب، اذا ما اصبح غانتس بعد سنة ونصف رئيس وزراء، فان كل ما فعلناه هنا سيظهر بشكل مختلف.

أحد كبار رجالات الحزب ذكرني بان يئير لبيد، هو وليس غيره، قال انه مستعد لان يكون شريكا في الحكومة مع نتنياهو اذا كان غانتس هو الاول في التناوب.  فاذا كانت كل المشكلة هي الترتيب، قال، فما الفرق بين لبيد وغانتس.

لقد حقق أزرق أبيض في الاتفاق أكثر بكثير من قوته العددية. هذا ما يحصل لاحزاب الوسط التي كان لها الحظ في أن تصبح لسان الميزان. السابقة هنا كي كحلون: 10 مقاعده جعلته كابح الميول المناهضة للديمقراطية في الحكومة. بعد ذلك ذاب. هذا ايضا يحصل لاحزاب الوسط التي اصبحت لسان الميزان. فهي أقل تصميما، أقل مسيحانية، أكثر انضباطا. في النهاية هي تذوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى