ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم ناحوم برنياع – أصدقاؤنا في دبي ، الجلابيب البيضاء

يديعوت – بقلم  ناحوم برنياع – 31/8/2020

التطبيع مع الامارات مثله كمثل وجبة العلم في مطعم جيد: من الافضل اكلها ببطء واخراج المحفظة في الوقت المناسب. لا توجد جلابيب مجانية “.

إذا سار كل شيء كما كان مخططا له، فان طائرة ال عال ستهبط اليوم بأمان على مسار المطار في الامارات، وتتدحرج ببطء حتى الساحة التي خصصت لاستقبالها.  سيلوح القبطان بعلم اسرائيل صغير من النافذة، وسينزل المسافرون ببطء، باحساس من صنع  التاريخفي حر يقترب من 50 درجة مئوية. فرحة كبرى،  فرحة حقيقية. وفي الاسفل سينتظرهم صف من المستقبلين: رجال مرفوعو القامة بوجوه مستبشرة، بجلابيب بيضاء. قبل لحظة من ادماننا على التقارير العميقة عن مبيعات نهاية الموسم في التجمعات التجارية في دبي، بضع ملاحظات هامشية عن الجلابيب.

الرجال الذين يرتدونها يأتون من دول الخليج، من السعودية، من الامارات، من قطر، البحرين، عُمان. لا يوجد اي وجه شبه بينها وبين الجلابيب التي اشتريناها في الماضي في سوق خان الخليلي في القاهرة او في محلات الالبسة المستخدمة في تل ابيب. القماس آخر، الخياطة اخرى، بياضها ناصع وكأنها لم تغسل ابدا – وحقا، يحتمل الا تكون غسلت ابدا. فلماذا تغسل اذا كان يمكن ارتداء الجديد.

الاشخاص الذين يرتدونها يراهم الناس في  اروقة الفنادق الفاخرة في اوروبا وفي الولايات المتحدة. واحيانا يطول وراءهم  خيط طويل من  النساء  والاطفال: النساء  في الحجاب، احيانا في النقاب؛ اما الاطفال بملابس العلامات التجارية. عند الخروج من الفندق ينقسمون: الرجل لشؤونه، النساء والاطفال للتسوق. للرجل تنتظره ليموزين، للنساء  بضع سيارات عمومية.  واحيانا تلتقيهم في القصور الحاكمة في العواصم الغربية: جلابيب بيضاء على البساط الاحمر.

الجلابية هي هوية، مالية، زينة. تحتها يوجد بشكل عام بدلة أعمال تجارية على الموضة. معقول الافتراض ان الاشخاص الذين يرتدونها تعلموا في مدرسة داخلية خاصة لابناء الاغنياء في سويسرا، واصلوا طريقهم الى اكسفورد او كامبردج او الى احدى الجامعات من المصاف الاول في الولايات المتحدة. هم رجال العالم: انجليزيتهم متقنة. وهم ابناء بيت في الثقافة الغربية، في الفن، في حاضر نخبة المال العالمي. ورغم  ما يأمر به الاسلام، يعرفون كيف يعرضوا على الضيف، وعلى أنفسهم افضل المشروبات الروحية.

تضفي الجلابيب  البيضاء على الضيوف من الغرب سحرا ليس آسرا. أتذكرون زيارة ترامب الى السعودية فور  بدء ولايته في البيت الابيض؟ فلم يحصل ان أثار اهتمام ترامب في زياراته الى الدول الاجنبية اكثر مما أثاره الراقصون بالجلابيب مع سيوفهم المذهبة. وأسرت رؤساء دول اخرى سباقات الجمال، بعد الاستضافة في الخيام الفاخرة في قلب الصحراء، كما أسرهم الاختلاف الغامض.  هذه صورة ذات السحر الرومانسي الذي أسر قلب لورانس العرب واجيال من القادة الاستعماريين، البريطانيين والفرنسيين. وعندها اكتشف النفط: جلب النفط المال العظيم. نشأ خليط مظفر، هذا الخليط خرب عشرات السنين على المصالح الوجودية لاسرائيل والشعب اليهودي. “اعراب”، هكذا سمي مؤيدو دول النفط في وزارات الخارجية الامريكية، البريطانية والفرنسية. وكان هذا لقب تنديد. إذ نصب الاعراب سورا منيعا بين الجهود السياسية لاسرائيل والحكومات الغربية.

والان نحن ايضا اعراب، مأسورون بذاك الخليط من الرومانسية، النفط، المال والخوف المشترك من انتشار ايران. مبارك لنا.

بينما نبحث عن القاسم المشترك محظور علينا أن ننسى الفوارق. فقد بنيت اسرائيل بعمل كد من مواطنيها، بالبسالة في ميدان المعركة وبالمساهمة السخية من الشعب اليهودي. تبنت قواعد لعب ديمقراطية حتى قبل أن تولد. ليس  النفط هو الذي بناها ولا العمال الاجانب. وهي لا يمكنها أن تتبنى النموذج الاماراتي. مليون محلي غني والى جانبهم ثمانية ملايين عامل اجنبي، عديمي  الحقوق – ونظام غير ديمقراطي.

يجمل بنا ايضا ان ننزل الى الارض الاخيلة عن مئات مليارات الدولارات التي ستضخ الى هنا مباشرة من دبي. فالاستثمارات الاجنبية هي موضوع حساس. كل استثمار في البنى التحية يفحص وفقا لاثارة الامنية. عندما يسعى الصينيون الى الاستثمار، يهرع الامريكيون فيوقفون الاستثمار. في الاسبوع الماضي دُعيت الى استعراض صحفي يقدمه بريان هوك، المبعوث الخاص في ادارة ترامب لشؤون ايران. تحدث بحماسة عن التهديد الامني الذي تطرحه الصين على اسرائيل. وقال: “عليكم ان توقفوهم ليس بسبب مصلحتنا بل بسبب مصلحتكم”.

النموذج الصيني ذو صلة، وكذا النموذج التركي: عشرات السنين من التعاون الامني المكثف ضاعت هباء بسبب رجل واحد، واسمه اردوغان، الذي غير ذوقه. صفقة السلاح العظمى التي يوشك ان يوقع عليها بين الامارات والولايات المتحدة بعيدة عن ان تكون بشرى مفرحة. في اسرائيل يحطمون الان الرأس في ما سيطلبونه من الامريكيين كتعويض عن الصفقة.

التطبيع مع الامارات مثله كمثل وجبة العلم في مطعم جيد: من الافضل اكلها ببطء واخراج المحفظة في الوقت المناسب. لا توجد جلابيب مجانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى