ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم ميخائيل ميلشتاين – الازمة الفلسطينية ، قرن من الفرص المفوتة

يديعوت – بقلم  ميخائيل  ميلشتاين – 21/10/2020

” تسير الحركتان الوطنيتان دون تخطيط ووعي الى واقع من “دولة واحدة”، والتي هي ليست فكرة ابداعية لحل النزاع بل صيغة لصدام شديد. على الشعبين ان يكونا واعيين لهذن الالية، ان يفهما آثارها وان يحسما هل هما مستعدين للسير نحو مستقبل كهذا، وذلك قبل أن يصل الى نقطة اللاعودة التي يكون فيها الانفصال بينهما غير ممكن “.

في نهاية هذه السنة ستمر مئة سنة على بداية احداث 1920 – 1921 التي ترمز في نظر الكثيرين لولادة الحركة الوطنية الفلسطينية الحديثة. فالاحتكاكات بين السكان العرب والمستوطنين اليهود كانت وقعت قبل ذلك ولكن احداث 1920 – 1921 حملت طابعا خاصا: قام بها عرب كانوا يعيشون في  كيان جغرافي منفصل عن باقي المجال العربي الذي يحمل اسم فلسطين – بلاد اسرائيل، وبدأوا يطورون هوية خاصة تصممت في ظل المواجهة مع عدوين مركزيين – الحاضرة اليهودية والانتداب البريطاني.

لن يوجد فلسطينيون كثيرون يلخصون بالايجاب القرن الاخير، والسنوات الاخيرة تفاقم احساس التردي الوطني في اوساطهم: فالى جانب الابتعاد عن حلم الدولة المستقلة، يتأطر الانقسام الداخلي، ويقل  الاهتمام الاقليمي والدولي في قضيتهم، واساسا  – تهتز الروايات التي تؤيد فعلهم، وعلى رأسها المطالبة الا يتحقق التطبيع بين اسرائيل والعالم العربي او التغيير في مكانة القدس الا بعد التسوية. والتدهور ليس بالطبع نتيجة فقط للسلوك الفلسطيني. فقد ساهمت اسرائيل ايضا في التعقيد العنيف للواقع – سواء من خلال التجاهل طويل السنين لمشكلة الفلسطينيين ام باتخاذ مواقف خلقت جمودا عميقا في الاتصالات معهم.

ان الواقع البشع يستوجب تحقيقا عميقا لدى الفلسطينيين في الطريق التاريخي الذي اتخذته الحركة الوطنية. وتضمن القرن الماضي انماطا كررت نفسها ومنعت الفلسطينيين من تحقيق اهدافهم وعلى رأسها مرونة سياسية محدودة وعدم قدرة او رغبة من القيادة الوطنية للوصول  الى قرارات تلزم عموم الفلسطينيين. وبدلا من ذلكفضل قسم كبير من الفلسطينيين التعلق لسنوات طويلة بالاوهام.

بعد مئة سنة من ولادتها، فان الحركة الوطنية الفلسطينية، هي احدى الحركات المستقرة في العالم العربي. وبالذات حول فقدان الوطن وانعدام السيادة تشكلت احدى الهويات الاكثر تبلورا في الشرق الاوسط. ولكن هذه حركة وطنية بدلا من النجاحات العملية تتباهى اليوم ايضا بالحفاظ على “الصبر والصمود”، رغم كل المصائب التي وقعت عليها، ودون قدرة على تقديم جواب حقيقي لازمات الفلسطينيين في الحاضر.

يمكن إذن ان نجمل التاريخ الفلسطيني كـ “سلسلة من الفرص المفوتة”: من رفض مشروع التقسيم عبر الانخراط في مواجهات مريرة مع الاخوة العرب، الصراعات الداخلية الحادة، الاختيارات المغلوطة للحلفاء الاقليميين، وحتى رفض مبادرات سياسية كان يمكنها ان تمنح جوابا للطلب الفلسطيني في السيادة.

ان الاتفاقات بين اسرائيل والامارات والبحرين تضع الفلسطينيين امام معضلة: هل سيبقون في القرن العشرين، يكتظون تحت ظل شعارات الكفاح والمطالبة بالعدالة التاريخية ام الدخول في بوابة القرن الـ 21 مع تركيز الجهد على تحقيق هدف الدولة وتنفيذ القرارات التاريخية الاليمة. الفلسطينيون – وكذا اليهود  – غير مطالبين بان يشطبوا ذاكرة ماضيهم بل ان يعيدوا “اطارها”: من قاعدة للتطلع الى اعادة الدولاب الى الوراء، نحو ذاكرة متفق على انها لن تعود. ذاكرة جماعية من هذا النوع تسمح بالنظر الى اجزاء الوطن التاريخي التي ليست في ملكيتك دون أن تستعبد حاضرك لغرض استعادة عالم الماضي بكامله.

ان الضائقة الاستراتيجية المتفاقمة للفلسطينيين لا يمكنها ان تبعث الرضى في اسرائيل. العكس هو الصحيح. فقد اثبت القرن الاخير بان الحركتين الوطنيتين المتصارعتين، مرتبطتين الواحدة بالاخرى، وعندما تتدهور واحدة الى الهوة تكون الثانية مربوطة بقدمها اليها. واليوم تسير الحركتان الوطنيتان دون تخطيط ووعي الى واقع من “دولة واحدة”، والتي هي ليست فكرة ابداعية لحل النزاع بل صيغة لصدام شديد. على الشعبين ان يكونا واعيين لهذن الالية، ان يفهما آثارها وان يحسما هل هما مستعدين للسير نحو مستقبل كهذا، وذلك قبل أن يصل الى نقطة اللاعودة التي يكون فيها الانفصال بينهما غير ممكن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى