ترجمات عبرية

يديعوت– بقلم شمعون شيفر – رحيل نوع نادر من النار

يديعوت– بقلم  شمعون شيفر – 8/10/2020

نوع نادر من الناس رحل امس عن العالم. “ألمعية”، مثلما دعوته، أنت ستنقصنا في كل يوم على مدى الطريق “.

كلما كانت الامور تتعلق باداء مهام من أجل “يديعوت احرونوت” كان ايتان هابر متواجدا دوما. لم يعتبر اي مهمة كلف بها هامشية،  مهينة  او لا تلائم مكانه الرفيع في الصحيفة. في العقد الاخير من حياته تجند بتكليف ذاتي للكتابة عن الانسان – من شخصيات هامشية وحتى كبار رجالات الامن والموساد بعد رحيلهم عن العالم. وأغنت كتابته القارىء بتفاصيل عن قصة حياة مواضيع كتابته. احاول أن افكر ماذا كان سيكتب ايتان هابر عن نفسه لو طلب منه ان يلخص ببضع مئات من الكلمات مسار حياته. ستتفاجأون، فهابر كان سيعيد لمحرريه صفحة بيضاء. كان سيقول لهم: “عن نفسي لا يوجد اي شيء خاص يمكن قوله”. والسبب في ذلك هو أن هابر – الذي كان منذ الثمانينيات وحتى اغتيال اسحق رابين في تشرين الثاني 1995 شريك سر  لكل  ما تراكم وخرج الى حيز الفعل  في جهاز الامن – كان شخصا عديم الانا. فهو لم يعتبر في اي لحظة مثلما درج على أن يقول كمن: “صعد البول له الى الرأس”.

هابر لم يطلب لنفسه شيئا. لا  شرف، لا  امتنان. عمليا، هو ينتمي الى جيل آخذ في الاختفاء من موظفي الدولة من اجل الدولة. موظفون مصلحتهم الوحيدة التي توجه خطاهم كانت ترتبط بمسألة كيف ستساعد قراراتهم في دفع اسرائيل وصورتها الى الامام.

العلاقة بين هابر واسحق رابين كانت هذه ايضا علاقة نادرة تميزت بالثقة المطلقة. أتذكر حين كان هابر يأتي الى مكتب وزير الدفاع، كان رابين يصر على ان يشارك في كل نقاش، مهما كان سريا. لم يستطبالجميع هذا، ولكن رابين رد النقد والاستياء الذي اطلقه ألوية ومسؤولون كبار في الجهاز ضد “الصحافي” الذي اصبح شريك سر.

كان هابر هو المصيغ المطلق لافكار ومفاهيم رابين. بعض الخطابات التي كتبها له تندرج في قائمة الخطابات العظمى للقرن الماضي، ولكني لم اسمع هابر في اي مرة يطلب الحظوة على ذلك.

ايتان هابر سيذكر ايضا كالمخرج الاكبر لبعض الاحداث التي احدثت هزات ارضية في المنطقة: اتفاق السلام مع الاردن في معبر الحدود في 26 تشرين الاول 1994 واحتفال التوقيع على اتفاق اوسلو في ساحة البيت الابيض. كان هابر هناك الى جانب رابين في كل حدث خاص ووطني وعرف كيف “يبيع” لوسائل الاعلام ما بحثت عنه  – القصة الانسانية في كل حدث. في غرفة صغيرة ومليئة بالوثائق قرب  مكتب رابين وجد هابر الوقت لمساعدة كل من توجه اليه. كان ضابطا اجتماعيا، مستشارا ومرشدا لكل من توجه اليه. كبارا كانوا أم صغارا.

عرفت هابر بعد حرب يوم الغفران. انا كنت مراسلا صغيرا في صوت اسرائيل. وتربيت على الاساطير التي نشرت عن “حرب” الهابريين على كل بارقة نبأ وعلى تفانيهم التام للصحيفة التي يعملون فيها. بسلوكه كان ايتان هابر  التعبير الكامل عما نشأ في “يديعوت احرونوت”: التنافس، ان تكون الاول الذي ينشر الخبر في المجال الذي تتحمل المسؤولية فيه ومع ذلك أن تحافظ  على النزاهة.

نوع نادر من الناس رحل امس عن العالم. “ألمعية”، مثلما دعوته، أنت ستنقصنا في كل يوم على مدى الطريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى