ترجمات عبرية

يديعوت– بقلم سيما كدمون – بعده الطوفان

يديعوت– بقلم  سيما كدمون – 14/6/2021

ما رأيناه امس حين كان بينيت على المنصة هو صورة فك ارتباطه عن قاعدته. سيماء وجهه كان سيماء صحوة. في الفترة القريبة القادمة سيتعين عليه أن يبني لنفسه جمهور مقترعين جديد. اذا عرف كيف يشق طريقه ويصل الى الوسط – اليمين الليبرالي، فانه سيتمكن من أن يبني نفسه بشكل مبهر “.

ودعت اسرائيل امس رئيس وزراء في الـ 12 سنة الاخيرة. الستار الافتراضي انقسم امس الى قسمين: من جهة القدس ومن جهة اخرى تل أبيب. في احدى الجهتين صدمة الوداع، في الجهة الاخرى احتفالات الفرح. من جهة احساس الخراب ومن الجهة الاخرى النهوض الروحي واحساس المعجزة.

يقصر اليراع عن التفصيل مَن مِن الاشخاص الذين بدونهم ما كان هذا ليحصل. هذا لا بد سيبحث بتوسع. غير أن امرا واحدا ممكن أن يقال منذ الان: بخلاف ترك نتنياهو لمكتب رئيس الوزراء في 1999 حين يذكر قول عاموس عوز عن الهدوء الذي ساد بعد رحيله (وكأن محفرة ضجت تحت النافذة صمتت فجأة) – هدوء لن يكون هنا، حتى ولا للحظة واحدة.

سيذكر تنصيب حكومة بينيت – لبيد اساسا بمسرحية الرعب التي وقعت في الهيئة الكاملة، والتي لم يشهد لها مثيل هنا ابدا. غير أنه ما كان يمكن لامر ان يكون اكثر نجاعة من ناحية تعزيز زعامة رئيس الوزراء الوافد نفتالي بينيت من ذاك الحدث اياه الذي وقف امامه في الهيئة الكاملة. فاذا كانت حاجة لدليل آخر كم هو ضروري استبدال هذه الحكومة، فقد كان هذا هو مسرحية الرعب هذه. يمكن أن نقول ان كتلة الليكود وعلى رأسها طائفة الصارخين ماي غولان وغليت ديستل أتربيان، فيما تمضغ وزيرة المواصلات المنصرفة  العلكة مثل آخر الزعران – رفعوا بينيت  مثلما لم يكن لاي خطاب ان يفعله.

لا ينبغي لنا أن نتشوش. لم يكن هذا هو الليكود. كان هذه طائفة البيبيين هي التي صرخت هنا. ذات الطائفة التي حملت الليكود الى حيثما وصلت. صرخوا وتلاهم نواب الصهيونية الدينية الذين رفعوا يافطات مع صور الضحايا-خط احمر آخر لاستخدام تهكمي لاغراض سياسية – ممكن اخرجوا من القاعة، وصرخات القوزاقي السليب للنواب الحريديم. بينما لم يحرك رئيس الوزراء اصبعا كي يهديء الوضع. كان يكفي أن نرى بعضا من وجوه الوزراء السابقين – شتاينتس، ادلشتاين، هنغبي، كاتس وحتى بيتان – كي نفهم حجم الخجل الذين  حتى هم شعروا به. بخلاف لحدث  تلة الكابيتول الذي جاء من الشارع، الحديث امس في الكنيست كان كله من انتاج البيت. بيت المشرعين. الاحتقار، هذه كلمة اخرى يمكنها أن تصف ما حصل امس في احتفال تبادل الحكم. مثل كثيرين من زملائي رأيت غير قليل من تبادل الحكومات. لم يسبق أن كان مشهد على هذا ال قدر من البؤس، ليس رقيقا، عديم كل الرسمية والاحترام للمكانة مثلما كان امس في الهيئة الكاملة. محاولة نتنياهو منحها مفعولا تاريخيا، كارهيا، مع استعارة من خطاب جدعون هاوزر في محاكمة آيخمن “انا اقف هنا باسم مليون مواطن”، كان هذا  مدحوضا جدا بحيث يصعب على المرء ان يقرر اذا كان سيبكي ام يضحك.

واذا لم يكن هذا كافيا بدلا من أن يتغلب على نوازعه وان يهنيء الحكومة الوافدة ويتمنى لها وللدولة النجاح – لم ينتظر حتى ولا دقيقة وخطب احد خطاباته الانتخابية. خطاب معذب، مليء بالشفقة الذاتية، صيغة متكررة للانا وبعدي الطوفان، مليء بالاكاذيب والتزييفات يخلط كل العناصر الدائمة لخطاباته: التخويف، التحريض، التشهير، إثارة الشقاق. نسخة اخرى موسعة من انجازاته كمقاتل وكقائد في وحدة الاركان، بما في ذلك اصابات في الجيش (حسنا، الى متى)، شعارها واحد: هو لا بد سيعود.

مثل آخر اعداء دولة اسرائيل، تحدث عن حكومة ضعيفة وهزيلة، حكومة خطيرة لن تصمد امام التحديات، هزأ بعدم تجربة وعدم ملائمة رئيس الوزراء الجديد وبهزاله امام الادارة الامريكية. تعبيره في موضوع النووي لم يكن اقل فضائحيا: فقد ادعى بان اسرائيل تعارض الاتفاق النووي الايراني – الامريكي وجعل الشقاق مع بايدن هدفا قوميا. واذا لم يكن هذا كافيا – فقد قضى بانهم في ايران يحتفلون بتغيير الحكومة. كل ما كان ينقص هو ان يشجع ايران وحزب الله على ان يهاجمونا الان في الوقت الذي تكون فيه اسرائيل في ذروة ضعفها.

لا، ليست الحكومة الوافدة هي التي تعرض امن اسرائيل للخطر – بل رئيس الوزراء المنصرف.

على هذه الخلفية، برز بينيت الذي وقف برباطة جأش امام المشاغبين. تحدث بموضوعية. اعطى الاحترام للحكومة المنصرفة. وبالاساس ذكر وثمن كل واحد من شركائه، بخلاف تام مع سلفه الذي درج على أن يتجاهل او يصغر كل من ليس له. رد فعل لبيد، الذي كان يفترض أن يخطب فور  بينيت كان دقيقا. لم يكن اي معنى لان يقف مرة اخرى امام الجمهور المحقر وان يمتص هذه الحماسة. لبيد تخلى عن خطابه الذي كان مبنيا من طوابق، وبدلا منه اختار ان يضع للحكومة المنصرفة مرآة لترى الوجه الذي تطل منه مزرعتهم. طلب الاعتذار من أمه، التي اضطرت لان تشق طريقها للكنيست كي ترى الاجراء الديمقراطي وبدلا من ذلك تعرضت مثل كل مواطني اسرائيل لهذا العار كان الامر الاكثر اصالة الذي يمكن ان يفعله في تلك اللحظات.

ما كاد يخرب الفرحة في معسكر التغيير كان وجه غانتس. فلو كان احد هناك لا يعرف خبايا السياسة ونزل امس الى القاعة لاعتقد ان غانتس ينتمي الى المعسكر الخاسر. لعل غانتس تعلم كثيرا في السنتين الاخيرتين. ولكنه لم يتعلم كيف يخفي مشاعره. فهو على اي حال يأكل القلب إذ يرى بينيت ولبيد يجلسان على كرسي رئيس الوزراء، في المكان الذي يعتقد انه كان على مسافة لمسة منه.

ولكن يخيل لي ان ما كان واضحا امس لبينيت نفسه ايضا هو أنه أنهى طريقه في اوساط قاعدته. ما رأيناه امس حين كان على المنصة  هو صورة فك ارتباطه عنه. سيماء وجهه كان سيماء صحوة. في الفترة القريبة القادمة سيتعين عليه أن يبني لنفسه جمهور مقترعين جديد. اذا عرف كيف يشق طريقه ويصل الى الوسط – اليمين الليبرالي، فانه سيتمكن من أن يبني نفسه بشكل مبهر.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى