ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم سيفر بلوتسكر – الدرس الانجليزي

يديعوت – بقلم  سيفر بلوتسكر  – 15/12/2019

لم يمر يوم حتى سارع المنتصرون والمهزومون في الانتخابات في بريطانيا للاعلان عن أن الانتخابات كانت حول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي – البريكزيت.  وقد خدم التحليل المنتصر، رئيس الوزراء بوريس جونسون كما خدم  المهزوم، رئيس حزب العمال جيرمي كوربين. الاول قال لناخبيه على الفور: يتعين علي ان انفذ البريكزيت، إذ بفضله انتصرت، وسأكون منشغلا بذلك، وبالتالي تفضلوا وتوجهوا الى اقرب بار  وانسوا الوعود التي اطلقتها لتحسين  جهاز الصحة العام أو اصلاح البنى التحتية. اما كوربين  من جهته فقال لناخبيه: كل شيء على ما يرام. اذا اخذنا بالحسبان تأييد الشعب الغفير في بريطانيا للبريكزيت، فان هزيمتنا، نحن الحزب الذي عارضه، فقد كانت  قدرا مسبقا. انا لست مذنبا، ايديولوجيتي ليست مذنبة. الصهاينة (وهذا لم يقله، وان كان  مقربوه قالوه – والبريكزيت هما المذنبان.

ليس صحيحا. في الانتخابات الاخيرة في بريطانيا، مثلما اشار على الفور المحللون السياسيون هناك، تلقت الاحزاب المؤيدة للبريكزيت نسبة اقل مما في الماضي. وعليه، فرغم الاغلبية الساحقة التي للمحافظين بقيادة جونسون في البرلمان، فان التنفيذ العملي للبريكزيت أبعد من أن يكون مهمة سهلة. فالعوائق على الطريق كثيرة، والافخاخ خطيرة لدرجة أن الدَفعة  نحوها من شأنها أن تتسبب بتفكيك المملكة الموحدة.

لا، هذا بالتأكيد لم يكن البريكزيت هو الذي انتصر في الانتخابات في بريطانيا؛ هذا كان كوربين الذي  هزم وخسر.

هذه الخسارة أليمة لحزب العمال البريطاني على نحو خاص لسببين: الاول اجتماعي: من التحليل الجغرافي يتبين أن كوربين الاحمر تركته الطبقة العاملة. ناخبو حزب العمال السابقون ملوا ديماغوجيته اليسارية الهاذية، برنامجه الاحمر الذي فرضه على حزبه، اللاسامية الخفية والعامية التي لم يعتذر عنها ووعوده التي لم تتحقق كانت ستحول بريطانيا الى فنزويلا على ضفاف القناة.

ان “البيان الاشتراكي لكوربين”، كما كتب أمس في “نيويورك تايمز”  اللمحلل الليبرالي روتجر  كوهن، “انهار ورفض”.

اما السبب الاخر لالام صدر حزب العمال: المحافظون قادهم هذه المرة الى الانتصار سياسي غير مصداق على نحو خاص. سطحيا، كان الانتصار عليه بكل سهولة. لقد ضلل بوريس جونسون الملكة فعطل البرلمان بخلاف القانون،  لفق معطياتكاذبة عن حجوم الهجرة،  نكث بوعده للانسحاب من الاتحاد الاوروبي منذ تشرين  الاول، اطلق اكاذيب تامة عن الكلفة الهائلة المزعومة لبقاء بلاده في الاتحاد (بريطانيا تكسب صافيا من عضويتها فيه) وخدع الرأي العام بلا ندم. كان هذا، على حد قول الصحافة البريطانية “الخصم السياسي الاسوأ الذي يمكن تصوره”. ومع ذلك  نجح كوربين في الخسارة له بل ويرفض اخذ المسؤولية عن الهزيمة.

ان الدرس من الانتخابات في بريطانيا ستتعلمه بعمق احزاب اليسار المعتدلة في الغرب – وقد تعلمه منذ الان كبار الديمقراطيين في الولايات المتحدة. لاجل احباط انتخاب ترامب لولاية اخرى كرئيس للولايات المتحدة، كما يحذرون، على حزبنا أن يبتعد عن الدوائر الراديكالية وعن افكارها الاشتراكية. فهم سيقربون منا الالاف، وسيبعدون الملايين – وعلى اي حال فان افكارهم غير قابلة للتحقق. فالامريكي العادي يفهم بان هذه وعود فارغة. يوجد درس آخر، ليس مريحا للكثيرين، يتعلق بتركيز حملة الانتخابات. فقد ركز حزب العمال الحملة على مناهضة جونسون. عرضت المعارضة البريطانية رئيس الوزراء كأناني  لا  يهمه مصير الدولة، يعرض للخطر المباديء الاساس للمملكة: النزاهة، الاستقامة، الاصرار على القانون، اللغة النقية، الحياة الشخصية المتواضعة وغيرها. ومرة أخرى، الناخبون لم يتأثروا. فقد فضلوا جونسون الملون، الصارخ، فظ  الروح وغير المتردد في تجاوز القانون – ولكنه “يرتبط بمشاعر” الوطني البريطاني القومي. فالرفض الشخصي  لجونسون نجح، في نهاية الامر كسهم مرتد ضد الرافضين.

لاجل الانتصار في الانتخابات في تشرين الثاني القادم يحتاج الحزب الديمقراطي في  الولايات المتحدة (واحزاب اخرى في دول وانتخابات اخرى) لزعيم على شكل وعمر بيل كلينتون او باراك اوباما.  سهل القول، صعب ايجاد مثلهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى