ترجمات عبرية

يديعوت– بقلم سيفر بلوتسكر – اتفاقات التطبيع ، صيغة امريكية مظفرة

يديعوت– بقلم  سيفر بلوتسكر – 15/12/2020

أمريكا ترامب غيرت المعادلة وقلبت الموازين واشترطت مساعداتها بالتطبيع والسلام مع اسرائيل وهي الان على المحك في ظل تغيير الادارة في امريكا والميل اليميني المتصاعد في اسرائيل “.

حصل شيء ما في سياسة الولايات المتحدة في السنة الاخيرة لولاية ادارة ترامب. فلاول مرة تستخدم امريكا قوتها الرقيقة، قوة الاقناع، كي تثبت صيغة جديدة في ادارة المساعدات السياسية، الاقتصادية والعسكرية لدول اسلامية في الشرق الاوسط، افريقيا وآسيا. والصيغة هي: دولة تريد المساعدة الامريكية ملزمة بان تطبع أولا علاقاتها مع اسرائيل. شرط ضروري للدعم الامريكي هو سلام سياسي مع اسرائيل؛ هذا هو الثمن لقاء العناق.

يتعارض النموذج الجديد مع تقاليد طويلة السنين للتدخل الامريكي في منطقتنا. فالولايات المتحدة لم تضغط في الماضي على أي دولة عربية اسلامية لتعترف باسرائيل ولتعلن عن التطبيع معها، فما بالك أنها لم تطرح التطبيع كشرط للمساعدة، الدبلوماسية أو العسكرية. لقد سبقت المصالح الامريكية دوما المصالح الاسرائيلية وفصلت عنها بعناية. وعندما وقعت اتفاقات السلام بين اسرائيل والاردن مثلا، كانت اسرائيل هي التي طلبت من الادارة الامريكية منح الاردن مكانة دولة تجارة مفضلة واعفاء المنتوجات الاردنية من الجمارك العالية.

وبدأ المفهوم الجديد يتبلور مع نشر الخطة لاستثمارات امريكية كبرى في السلطة الفلسطينية (“من السلام الى الازدهار”) – ولكن فقط اذا ما وعندما يهجر الفلسطينيون موقفهم الرافض، على حد تعبير الكاتب الاعلى للخطة جارد كوشنر. فوجئت القيادة الفلسطينية بالخطة، شعرت بالاهانة وردت بغضب: “لن يشترونا بالمال”، اعلن ابو مازن. ويحتمل الان أن يكون هو، او على الاقل سياسيين فلسطينيين في محيطه يندمون على الرفض.

وهكذا يلقى تعبير “صفقة القرن” مع معنى غير متوقع: “الصفقة” معناها مساعدة امريكية مباشرة وغير مباشرة للدول والانظمة مقابل التطبيع الكامل للعلاقات مع اسرائيل. ليست اسرائيل هي التي “تدفع” لقاء التطبيع معها بعملة امريكية، بمعنى بممارسة نفوذها المعروف للجميع على اصحاب القرار في البيت الابيض. العكس هو الصحيح: اسرائيل تتلقى، امريكا تعطي والنظام في الدول العربية والاسلامية يدفع. يدفع بالتطبيع معنا.

ومع ذلك فان القوة العظمى الوحيدة في العالم لا يمكنها أن تعمل في فراغ. فنهج “لا مساعدة بدون اعتراف” يمكن أن ينجح لان رئيس الوزراء نتنياهو كان مستعدا لان يدفن احلام الضم، ورؤساء الدول العربية والاسلامية الذين ادارت ادارة ترامب معهم المفاوضات، لم يروا الاعتراف باسرائيل ثمنا سياسيا – قوميا جسيما جدا ولا تهديدا مباشرا على نظامهم. وبدوا كمن كانوا ينتظرون فقط الفرصة للكشف عن العلاقات مع اسرائيل والتطبيع معها – والمقابل الامريكي السخي منح الشرعية والحافز العلني.

سبق الخطوات الامريكية لصالح التطبيع مع اسرائيل تغيير في الوعي وانعطافة ايديولوجية: معظم الانظمة العربية لم تعد تطرح التسوية الاسرائيلية – الفلسطينية كشرط واجب للاعتراف الكامل باسرائيل. وهم مقتنعون – أكثر فأكثر – فان التطبيع سيحفز ويدفع التسوية الى الامام، سواء لانه سيكون لاسرائيل ما تخسره اذا ما رفضت المبادرات للحل الوسط وضمت المناطق، أم لانه سيفتح عيون الفلسطينيين لكون اسرائيل حقيقة سياسية ناجزة. سيجبرهم – ويجبرنا – على مواجهة الواقع. هذه هي روح الزمن التي تهب بقوة في ارجاء العالم العربي والاسلامي. نتيجة ثورة وباء الكورونا، الفشل المدوي لمظاهرات الاحتجاج والتمردات المدنية قبل عقد (الربيع العربي) وتصفية الجهاد المتزمت بمعظم اشكاله.

ان مستقبل هذه السياسة الامريكية محوط الان بالضباب. فالرئيس المنتخب جو بايدن وان كان يعتزم ان يعين في مناصب اساسية في ادارته شخصيات ذات توجه مؤيد لاسرائيل، معتدلين ومجربين، الا انه ليس مؤكدا انهم سيتبنون “صيغة كوشنر” وسيعملون بحماس وبتصميم على توسيعها. وعندنا يتعزز المعسكر السياسي الصقري المتجه يمينا – يمينا جدا – عن نتنياهو البراغماتي.

لقد سبق لاسرائيل أن تعلمت من الماضي كم هام التطبيع مع الجيران القريبين والبعيدين – وكم سريعا يمكن اعادته الى الوراء. اذا ما تم تقديم موعد الانتخابات للكنيست حقا فان الحفاظ على انجازاتها كفيل بان يكون اعتبارا ثقيل الوزن في تفضيلات الناخبين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى