ترجمات عبرية

يديعوت– بقلم سمدار بيري – الامير الحسن: “حان الوقت لبداية جديدة”

يديعوت– بقلم  سمدار بيري – 26/2/2021

الأمير الحسن بن طلال، عم الملك عبدالله الثاني يتوجه في مقال ينشر هنا للجمهور في  اسرائيل لحثه على اطلاق مسيرة  سلمية شاملة في  كل المنطقة “.

الأمير الحسن بن طلال هو جزء لا يتجزأ من الاسرة المالكة الاردنية. عم عبدالله الثاني ملك الاردن، الشقيق الاصغر للملك حسين الراحل وحفيد عبدالله الاول مؤسس المملكة الهاشمية. يقع بيته ومكاتبه في القصر الملكي القديم في عمان فيما انتقل ابن اخية الملك نطاق ابعد وفيه ثلاثة قصور: له نفسه، لعقيلته الملك رانية ولابنهما ولي  العهد الملك حسين.

محافل رفيعة المستوى في عمان تحدثت معها مقتنعة بان الامير الحسن ما كان ليبادر الى نشر مقال  بقلمه في صحيفة اسرائيلية دون ضوء اخضر من الملك عبدالله نفسه. ولكنها تشدد في نفس الوقت على أن الملك يواصل مقاطعة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بل ورفض مؤخرا الرد على مكالمة هاتفية وصلت من مكتبه.

لقد شهدت علاقات الملك عبدالله وعمه الامير الحسن صعودا وهبوطا منذ نزع الملك حسين عن أخيه لقب ولي العهد الذي كان يحمله منذ العام 1965. وقد حصل هذا في اثناء لقاء دراماتيكي في لندن، في العام 1999، قبل اسبوعين من وفاة الملك بمرض السرطان وتتويج ابنه ملكا للاردن.

الامير الحسن، ابن الـ 73 اليوم واصل أداء كل واجباته كابن العائلة المالكة الهاشمية محافظا على سيماء لا تعبير فيها وحذرا في تصريحاته. في السنوات الثلاثة الاخيرة تحسنت علاقاته مع الملك عبدالله، وفي صورة نشرت في الشهر الماضي بدا الملك عبدالله، عمه الامير الحسن وابنه ولي العهد يتلقون معا التطعيم ضد الكورونا.

يحرص الامير الحسن على ابقاء بابه مفتوحا امام الاسرائيليين. والحديث في الغالب يدور عن اناس يعرفهم منذ بداية المسيرة السلمية التي كان مشاركا فيها بعمق الى جانب الملك الحسين. ومؤخرا عقد لقاء  سري بينه وبين مجموعة من الاسرائيليين في مواقع اساسية لم يكونوا يعرفوه بشكل شخصي، ومعظمهم حتى لم يزوروا الاردن ابدا. بعد اسبوعين من ذلك اجرى الامير حديثا آخر، بالزوم، مع خمسة اسرائيليين آخرين، معروفين جيدا في المملكة. وعلى جدول الاعمال: كيف يمكن الدفع بالمسيرة السلمية الى الامام؟

بقدر ما، فان الحسن هو لسان الميزان. من جهة، فانه لن يخرج عن الخط الملكي الرسمي. من جهة اخرى، يحاول كل الوقت التوجه الى الجمهور الاسرائيلي من فوق رؤوس السياسيين في القدس. في الرسالة التي يبعثها الى القراء في اسرائيل من على هذه الصفحات يحاول أن يفتح كوة جديدة، ان يقتحم بحذر الطريق المسدود في العلاقات بين الدولتين.

في تشرين الاول القريب القادم ستحل الذكرى الـ 27 للتوقيع على معاهدة السلام بين الاردن واسرائيل، ذاك الاتفاق التاريخي الذي كان يفترض به أن يشكل بداية النهاية للنزاع الطويل والمأساوي بين الاسرائيليين والفلسطينيين ويشكل حجر طريق هام نحو السلام بين شعوب المنطقة.

لقد وصف الاتفاق، وبحق كبير، كحلف سلام وصداقة. وبالفعل، فانه يتضمن مخططا شاملا للامن المتبادل والتعاون الاقليمي، يشدد على اهمية “إطار اقليمي للشراكة في السلام” وتحدث عن اقامة “لجنة الامن والتعاون في الشرق الاوسط” وعن “خلق شرق اوسط نقي من اسلحة الدمار الشامل”.

لشدة الاسف، أدت السيادة الاقليمية بنا الى اتجاهات اخرى. اليوم، حين يخرج “التطبيع” عن التسويات الثنائية، عن الصفقات التي تقوم على المصالح الاقتصادية وتحالفات الدفاع في وجه اعداء مشتركين فان لدينا فرصة استثنائية لاقتحام الطريق المسدود والخروج الى طريق جديدة هدفها الوصول الى سلام شامل في الشرق الاوسط حتى نهاية هذا العقد. هذا هو السبب الذي وجدت من الصواب ان اتوجه بهذه الرسالة الى قراء “يديعوت احرونوت” بخاصة والى مواطني اسرائيل بعامة. فالسلام، وان كان بين دول وحكومات، يبدأ بنا، نحن الناس.

***

نشهد ارتفاعا خطيرا في انتشار السلاح النووي. توجد منذ الان في منطقتنا ثلاث دولة ذات قدرة نووية – الباكستان، الهند واسرائيل – ومن شأن دول اخرى ان تنضم اليها. بلادي الفقيرة والمحبة للسلام توجد في تصنيف دائرة احتمال الخطأ، بمعنى – في نصف قطر الضرر والدمار لكل مواجهة نووية في الشرق الاوسط، اذا ما نشبت لا سمح  الله. والتهديد بـ “الابادة المتبادلة المؤكدة” تلك العقيدة التي سادت بين القوى العظمى في عهد الحرب الباردة، حقيقي وواقعي. ولكن يمكن منعه من خلال تبني المعايير الاساس للقانون الدولي (Juscogens)، وبلورة مرجعية اخلاقية مشتركة من اجل تعزيز السلام.

سيتطلب الامر تغييرا فكريا لدى كل الاطراف –  الانتقال من وضع العداء، الاهانات والمذلات الى الاحترام المتبادل. وينبغي لمثل هذا التغيير ان يأتي من تحت، من الهامش الاجتماعي والانساني لكل واحد من الشعوب. والتحدي الذي يقف امامنا هو نحن أنفسنا. هل توجد لدينا الارادة للانطلاق الى طريق جديد؟

ايران والنزاع الاسرائيلي الفلسطيني – الفيلان التوأمان داخل الغرفة – يجب أن يقفا على رأس جدول الاعمال. شرق اوسط حر من اسلحة الدمار الشامل، الى جانب مسيرة تؤدي الى الامن والتعاون المتبادل، هما مبادرتان هامتان يتصدرهما الاردن. وكلتاهما توجدان الان في متناول اليد. كخطوة اولى علينا أن نعترف بالتغييرات العالمية التي تجري امام عيوننا. مثلما للولايات المتحدة، وكا لمراكز القوى الجديدة في آسيا وفي افريقيا، في الصين وفي اليابات توجد مصلحة مشتركة، وليس فقط اقتصاديا، في استقرار اقليمي. تسوية جديدة وشاملة للشرق الاوسط بلا سلاح نووي، بشراكة وضمانة الاسرة الدولية – دول جنوب  شرق آسيا واعضاء الاتحاد الاوروبي،  الولايات  المتحدة والدول الغربية الاخرى وبالطبع الوكالة الدولة للطاقة الذرية –ليست أمرا خياليا. مثل هذا السيناريو سيسمح بالتوازن بين الحق لاكتساب وتطوير القدرة النووية لاهداف سلمية وبين الالتزام بميثاق عدم نشر السلاح النووي للدمار الشامل بكل ما ينطوي عليه ذلك.

***

هذه السنة، في شهر اذار، ستحل الذكرى المئة لمؤتمر القاهرة الذي ادى ضمن امور اخرى الالى ايجاد دولتي الصغيرة – بداية كامارة شرق الاوردن بقيادة جدي الراحل الملك عبدالله الاول، وبعد ذلك كمملكة الاردن. غير أن قصتنا ليست ابنة مئة سنة فقط. فهي تعود الى الوراء الاف السنين، الى السومريين، الحتيين والبابليين. اؤمن بانه حان الوقت للعودة والنظر الى منطقتنا –  من المغرب وحتى بنغلادش – من زاوية نظر واسعة تشمل كل الشرق الاوسط، بما في ذلك مصر، تركيا، ايران وبالطبع اسرائيل – اذا ما وعندما تصبح جزءا لا يتجزأ من هذه المنطقة بتعابير الاحترام المتبادل. اذا كان الماضي هو المقدمة لواقع الحاضر، التوطئة لكتاب التاريخ الذي نكتبه بايدينا، فان علينا ان نتعلم منه. فالسلام بين شعوبنا تحطم بسبب تدهور المسيرة السلمية الاسرائيلية الفلسطينية. محظور أن نسمح لهذا ان يحصل مرة اخرى. وتبادل الاتهامات عديم الفائدة. السلام الذي تحقق مؤخرا بين اسرائيل واربعة دول عربية يجب أن يراعي الخلفية الاقتصادية: النفط في الخليج الفارسي، الغاز الطبيعي في الحوض الشرقي للبحر المتوسط وبالاساس – الناس على الارض.

لشدة الاسف، اعطيت حتى الان اولوية لانابيب النفط والغاز في ظل دحر بلدات المحيط الى الهوامش وتجاهل احتياجات اناسها – سواء من ناحية العلاقة بين الماء، الطاقة والمحيط البشري ام من ناحية الصحة والبيئة –أسس كرامة الانسان. كنتيجة لذلك كان مصير فئات سكانية واسعة ان تعيش بلا مستقبل وأمل،  وتراوح في المكان بينما كل من تبقى يعيش تحت تهديد امني دائم وفي ظل  السيف النووي المسلط.

المسؤولية ملقاة على عاتقنا. اذا لم نستغل الفرصة التي توجد امامنا، فاننا جميعنا سنكون مذنبين بذلك.

كيف نقود المنطقة الى السلام والازدهار، علينا أن نضع الانسان في المركز. علينا ان نسمح لمواطني الدول ان يأخذوا المسؤولية عن مستقبلهم من خلال التمكين، الدعم والتشجيع على العمل.

يمكن مثلا استئناف الخطوة لاقامة جمعية مدنية في الشرق الاوسط. كما يمكن استخدام التكنولوجيا العلمية والاتصالات من اجل اطلاق جمعية مدنية افتراضية موازية.

***

محظور علينا أن نتجاهل الصورة الاوسع. نحن نشهد في العقد الاخير واقعا من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، عوامله المحركة هي عدم المساواة والفساد، وليس بالذات التطرف  العنيف، التطلعات المبالغة والانقسام الديني او الطائفي. وغير مرة  وحدة عوامل مختلفة، غير متوقعة بين اجنحة برزت من قبل في كراهيتها المتبادلة. تجدر الاشارة الى أنه بينما قل عدم المساواة في  العالم بقي  موجودا  في الشرق الاوسط الذي يصنف كمنطقة هي الاكثر انعداما للمساواة في العالم. مسائل جندرية وديمغرافية وحكومات فاشلة  شددت أكثر فأكثر الغضب الاجتماعي. تتصدى المنطقة لازمة لاجئين غير بسيطة، كنتيجة لها فان واحدا من كل ثلاثة  اشخاص يعش في الاردن هو لاجيء. يقف الاردن بالتالي امام معضلة ثلاثية تتمثل بارتفاع عدد اللاجئين الذين  يستضيفهم، اللجم المالي في الميزانية والدعم للسكان الضعفاء.

جائحة الكورونا فاقمت الوضع فقط. وبالطبع نحن لسا وحيدين في هذه المعركة. فالكورونا تشكل تهديدا على الصحة والاقتصاد في كل دولة ودولة، وخدمات الطوارىء والصحة يجب أن تقف على رأس سلم الاولويات. يبدو هذا هو اختبار التكافل والرحمة الاكبر الذي عرفه العالم في اي وقت من الاوقات. في هذا الواقع، فان التعاون بين كل الاطراف لاشفاء منطقتنا هو ضروري.

التحدي الان هو الانتقال من ادارة الازمة الى الانتعاش، اعادة التنظيم  والسعي الى المرحلة التالية من السلام والتنمية. اؤمن بان الاردن جاهز للوقوف في وجه هذا التحدي.

***

أفكر في اللقاءات بين الرئيس الاول في دولة اسرائيل. حاييم وايزمن وبين عمل أبي، الامير فيصل الاول، في اعقاب معاهدة فرساي،  والتي بحثا فيها في رؤيتهما المشتركة:  اتحاد فيدرالي للدول العربية يعيش فيها اليهود، المسيحيون والمسلمون ابناء الثقافة العربية معا. كانت هذه رؤيا متنورة ايدها ايضا جدي، الملك عبدالله الاول.  وكانت تقوم على اساس افكار اخلاقية متينة ولكن كان لها ايضا اساس بنيوي – “بينلكوس” (بلجيكيا، هولندا ولوكسمبورغ) المنطقة، كما اسماها أبا ايبان في السبعينيات.

النقطة الاساس  هي أنه لا يمكن لاي دولة في الشرق الاوسط أن تحل مشاكلها وحدها. علينا أن نعمل معا كي نحقق اهدافنا الاقليمية المشتركة. والبديل هو واقع تتنافس فيه الدول فيما بينها على تعظيم الاستهلاك الداخلي المتزايد نحو استنفاد غير محدود للمقدرات. هذه مأساة ستمس الجميع.

ان التعاون في موضوع المياه في المنطقة والتي هي قليلة مياه الشرب سيكون المكان السليم الذي  نبدأ به. يمكننا ان نستمد الالهام من أسرة الفحم والفولاذ في اوروبا او من اتحاد دول جنوب شرق آسيا. من المشجع ان نرى انه رغم المواجهات بين دول جنوب شرق اسيا، ورغم التنوع الكبير والاختلاف بين المنظومات السياسية، تتعاون هذه الدول في وجه التحديات المتبادلة غير القليلة في مجال التجارة. وذلك في الوقت الذي تبلغ فيه التجارة بين الدول العربية اقل من 10 في المئة من عموم نشاطها التجاري.

تتميز منطقتنا بخليط من النفط والمقدرات البشرية التي يمكنها أن تساعد في بناء مجتمعات تعددية وحديثة، تشجع اصلاحات سياسية واقتصادية وتقلل عدم المساواة. علينا ان نعمل على تعزيز استقرار دول المنطقة – بما في ذلك دولة فلسطين التي تعيش الى جانب اسرائيل في اطار تسوية تقوم على حل الدولتين في ظل صلة حزبية وسياسية وتعاون اقتصادي وثيق. مثل هذه التسوية السياسية يجب أن تتضمن تقسيم القدس في ظل مراعاة الاديان الابراهيمية (الاسلام واليهودية)، الحفاظ على أمن وسلامة المسجد الاقصى وتشبيب القيادة الفلسطينية التي تستقر في القدس – عاصمة دولة اسرائيل وفلسطين.  

ومتعدد الجوانب يكمل ثنائي الجانب.

اسرائيل والدول العربية المستعدة لذلك يمكنها أن تبدأ بالمسيرة منذ الان. دول اخرى في المنطقة، بما في ذلك تركيا وايران يمكنها ان تنضم لاحقا.

حان الوقت لبداية جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى