ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم بن يشاي- لا تتعلق خطة ترامب الرئيسية للشرق الأوسط بإسرائيل فقط

يديعوت  –  بقلم بن يشاي –  25/10/2020

اتفاق وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، على أن أمريكا ستقدِّم حزمة تعويضات لإسرائيل مقابل تخلي الأخيرة عن اعتراضها على بيع الطائرات المقاتلة من طراز إف-35 للإمارات العربية المتحدة، وإعلان الإمارات والرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاق التطبيع بين تل أبيب والخرطوم.

مصالح إسرائيل والأهداف الحقيقية من المبادرة

كلا الإعلانين جزء من المرحلة الثانية من خطة ترامب الاستراتيجية للسلام في الشرق الأوسط، والتي جاءت بعنوان «مبادرة اتفاقيات إبراهيم». وبينما تستمتع إسرائيل بثمار هذه الحملة الدبلوماسية، من المهم أن نتذكر أن هذه الإنجازات تهدف أولًا وقبل كل شيء إلى خدمة مكانة أمريكا والأهداف الاستراتيجية في المنطقة، وبالطبع حملة إعادة انتخاب ترامب.

إن مصالح إسرائيل ليست على رأس أولويات واشنطن، ومن خلال المحادثات مع مسؤولين مشاركين في مبادرة اتفاقيات إبراهيم، وجدنا أن الولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق أربعة أهداف:

1– تنشيط المعسكر المؤيد لأمريكا والمناهض لإيران في الشرق الأوسط، وتقويته من خلال لَمِّ شمْل إسرائيل والدول العربية السنية المعتدلة. وهذا المعسكر، في ظل سيطرة إسرائيل بوضوح على السيادة العسكرية داخله، سيكون قادرًا على التعامل مع أي تهديدات إيرانية في الوقت الذي تقلل فيه الولايات المتحدة من وجودها المادي في المنطقة.

2- زيادة حجم مبيعات الأسلحة أمريكية الصنع إلى المنطقة لخلق مزيد من فرص العمل والفرص المالية؛ مما يعود بالنفع على الوطن الأمريكي.

3- محاولة الحد من الجهود الصينية والروسية للتأثير في بعض دول الشرق الأوسط بوصفه جزءًا من النزاع الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. وتحاول كل من بكين وموسكو الاستفادة عسكريًّا وماليًّا من انسحاب أمريكا من المنطقة. وقد حاولت الحكومة الصينية القيام بذلك لسنوات حتى الآن من خلال مبادرة الحزام والطريق؛ مستغلَّةً ثروة بلادها في تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية في الخارج. كما حاول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، توسيع نفوذ بلاده وفرصها الاقتصادية من خلال جَيْبِها السوري في اللاذقية، ومن خلال بيع الأسلحة والأجزاء النووية لدول المنطقة.

ليست لمصلحة إسرائيل فقط..ما مصالح ترامب من التطبيع العربي؟

4- تعزيز الموقف الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل وتقويته في المنطقة، وإجبار القيادة الفلسطينية على إدراك أنه لم يعُد بإمكانها التطلع إلى الدعم العربي التلقائي. وتأمل واشنطن أن يجبرهم ذلك على الاعتراف بخطة السلام التي تقدَّمت بها إدارة ترامب. وقد يؤدي تعزيز موقف إسرائيل ضد الفلسطينيين إلى زيادة دعم ترامب بين الناخبين الإنجيليين واليهود الأكبر سنًّا. وحتى الاسم، «مبادرة اتفاقيات إبراهيم»، يُقصد به أن يكون إشارة من طرف خفي إلى الناخبين الإنجيليين المؤيدين لترامب من ناحية، ولقاعدة ناخبي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إسرائيل من ناحية أخرى.

كيف جاءت هذه المبادرة؟

إن فكرة مبادرة اتفاقيات إبراهيم والأساس الذي قامت عليه قد تطورا نتيجةً لجهدٍ كبير بذله مساعد في البيت الأبيض وجاريد كوشنر، صهر ترامب، ووصفه الرئيس بخطة سلام، «صفقة القرن»، لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وخلال رحلاته الدبلوماسية في المنطقة بشأن الصراع، حدَّد كوشنر إمكانات هائلة ورغبة صادقة بين قادة السعودية والإمارات والبحرين لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأشْرفَ بنفسه على جميع الأعمال الدبلوماسية التي تدور وراء الكواليس، والتي أدَّت إلى الاتفاقيات الموقَّعة حتى الآن، وتلك المخطط لها في المستقبل القريب.

ومع أن نتنياهو ويوسي كوهين، رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي، ومئير بن شبات، مستشار الأمن القومي، قدَّموا له كثيرًا من النصائح وساعدوه في إقناع القادة العرب الإقليميين، فإن كوشنر وديفيد شينكر، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، وستيفن منوشين، وزير الخزانة الأمريكي، قد أنجزوا معظم العمل. وانتهت المرحلة الأولى عندما وافقت الإمارات والبحرين على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

ولم يبقَ إلا وفاء ترامب وكوشنر بوعدهما للدولتين الخليجيتين، وحث إسرائيل على الموافقة على بيع الطائرات المقاتلة من طراز إف-35 للإمارات.

ما الذي حدث بالضبط مع طائرات إف-35؟

إذا استمرت إسرائيل، كما فعلت في الماضي، في الاعتراض على بيع الطائرات المتطورة، فإن الكونجرس الأمريكي لن يوافق على إتمام الصفقة، والتي تتعارض مع «قانون ضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل لعام 2020». وكان من الممكن تأجيل صفقة الشراء أو استبعادها بالكلية. وما يزال من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو قد تعهَّد مسبقًا بعدم الاعتراض على صفقة البيع في حال قدَّمت الولايات المتحدة حزمة تعويضات كافية لإسرائيل، أو ما إذا كانت حزمة التعويضات قد قُدِّمت بالفعل بعد إنجاز الصفقة.

وفي كلتا الحالتين، اتَّخذ نتنياهو هذا القرار دون إخبار جانتس وغابي أشكنازي، وزير الخارجية الإسرائيلي، بذلك، ودون التشاور في هذا الشأن مع كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، أو الدفاع الإسرائيلي، أو المسؤولين القانونيين الأمريكيين. كما يُشتبه في حدوث ذلك أثناء عملية الشراء المثيرة للجدل للغواصات الألمانية، وضرب نتنياهو بالمنطق والتسلسل الهرمي الرسمي عرض الحائط على نحو يليق بديكتاتور أكثر من رئيس وزراء منتخب ديمقراطيًّا. ويبدو أن الإعلان الذي وقَّعه جانتس في رحلتين سريعتين إلى واشنطن، والذي طالب فيهما بالحصول على تعهُّد من الولايات المتحدة بحماية التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، وتقديم حزمة تعويضات تشمل المساعدات المالية وأنظمة الدفاع المتقدمة والتكنولوجيا، كان محاولة منه لإصلاح هذه المشكلة.

وهناك عنصر آخر أُفصِح عنه في إعلان واشنطن، وهو الالتزام بعدم بيع أي طائرات أو أنظمة أسلحة مصنوعة باستخدام بعض الأجزاء المتقدمة التي طوَّرتها إسرائيل إلى الدول العربية. ويبدو أن هذا التعهد مطروحٌ أيضًا على الإدارة الأمريكية القادمة.

ما المشكلة في اتفاقية السودان؟

على عكس اتفاقية «المقايضة» التي أُنجِزت بين إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات، تخدم الاتفاقية مع السودان حملة ترامب أكثر بكثير مما تخدم تل أبيب. لقد عزز الرئيس الأمريكي مصداقيته السياسية يوم الجمعة بين الناخبين اليهود والإنجيليين بإعلانه استعداد السودان لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتزام السودان بدفع (بينما كانت الأموال في طريقها إلى الولايات المتحدة) تعويضات لعائلات الضحايا الأمريكيين الذين لقوا حتفهم من جرَّاء هجمات إرهابية موَّلها السودان في ظل حكم النظام السابق.

وسيتعيَّن على إسرائيل الانتظار لبعض الوقت لمعرفة ما إذا كان السودان سيوافق على التوقيع رسميًّا على تطبيع العلاقات أم لا. وقد أعلن قادة السودان الحاليون أن مثل هذه الخطوة يجب أن يوافق عليها البرلمان. والمشكلة تتمثل في عدم وجود برلمان في السودان، وليس من الواضح متى سيكون هناك برلمان، وما إذا كان سيُمْنَح هذا البرلمان الذي في عِلم الغيب تفويضًا من أجل التوقيع على الاتفاقية أم لا.

وعلى الرغم من أن السودان دولة إسلامية رئيسة في أفريقيا، وعضو في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وعديد من المنظمات الدولية الأخرى، فإنه يتعافى بشِق الأنفس من انقلاب عام 2019 الذي أطاح زعيمه الاستبدادي السابق، عمر البشير. إن السودان دولة فاشلة وغير مستقرة، بحسب الكاتب، ولذلك، فإن تأثيرها في موقف إسرائيل الإقليمي والعالمي ضئيل.

ما فوائد اتفاقية التطبيع مع السودان؟

إن أكبر فائدة في إعلان السودان استعداده لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، هي حقيقة أن الأمة الأفريقية، التي تنتمي إلى مجموعة من الدول العربية السُنِّية المعتدلة الموالية للغرب، قد ابتعدت عن دائرة نفوذ إيران وتطلعاتها للهيمنة في المنطقة.

ونظريًّا، يُعد ذلك عَطِية من السماء لإسرائيل، بالنظر إلى أن قطع العلاقات مع إيران يحرم الحرس الثوري الإيراني من مسار يمكن من خلاله تقديم الأسلحة والتمويل لحماس والجهاد الإسلامي في غزة. وبسبب جهود التمويل هذه، قِيل إن إسرائيل هاجمت شحنات أسلحة إيرانية بالقرب من السودان أو  داخل أراضيها، والتي كانت تحاول المرور عبر مصر إلى غزة.

والآن، حتى لو حاول الإيرانيون الاستمرار في استخدام هذا المسار، فسوف يواجهون مقاومة من السلطات السودانية، أو حتى الجيش السوداني نفسه. وفي الواقع، كانت شحنات الأسلحة الإيرانية إلى غزة قد توقفت تقريبًا أو كليًّا في السنوات الأخيرة بفضل جهود المخابرات الإسرائيلية.

والفائدتان الأخريان المتوقعتان من الاتفاقية، هما التعاون السوداني في وقف أي تهديدات إيرانية لجنوب إسرائيل (ربما من خلال الحوثيين في اليمن)، وخطة محتملة لعودة طالبي اللجوء السودانيين في إسرائيل إلى ديارهم.

والآن يجب أن ننتظر المرحلة الثالثة من مبادرة اتفاقيات إبراهيم، اعتمادًا على حقيقة أنها ستستمر حتى لو وجد ترامب وكوشنر نفسيهما مطرودين خارج البيت الأبيض في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى