ترجمات عبرية

يديعوت: الديمقراطية الأميركية في خطر

يديعوت 2022-06-27، بقلم: ناحوم برنياع

يقدّس الأميركيون نشيدهم القومي. عندما يصل المغني أو المغنية الى البيت الختامي ينضم الجمهور، يصفق، ويدمع. “سترفرف راية النصر فوق بلاد الأحرار، أرض الشجعان”، تقول الكلمات. أُخذ اللحن استعارة من لحن شعبي كان يُعزف في البارات في انجلترا.

كتب فرنسيس تكوت كي كلمات النشيد في العام 1814، وكان ملازماً في الجيش الأميركي. هُزم الأميركيون في المعركة ضد البريطانيين، وانسحبوا بهلع. وكان كي أحد الهاربين. واختار أن يواسي نفسه بكتابة قصيدة وطنية. بعد الحرب بدأ مهنة واعظ عنصري. السود هم عرق دون، كتب. لا يمكن تصديقهم. هم ازعاج للرجل الأبيض. اقترح تحرير العبيد وطردهم كلهم بعد ذلك الى افريقيا. روج 20 سنة للترحيل. عندما أنشد “بلاد الأحرار” لم يقصد كل الأميركيين، بل بعضهم فقط.

هذه الثنائية موجودة في الولايات المتحدة منذ بدايتها: محبة الحرية والى جانبها العنصرية العنيفة، الظلامية؛ قيم ديمقراطية، علمانية والى جانبها تزمت ديني مسيحاني؛ السخاء المبالغ فيه تجاه الشعوب الاجنبية والى جانبه انغلاق حس وحشي تجاه الضعفاء من الداخل. أنقذت أميركا العالم مرتين، في الحربين العالميتين. وعلى هذا فهي تستحق الشكر. كل ما تبقى – نظامها، رؤياها الاقتصادية، جهاز القضاء، الثقافة الشعبية – مفتوحة للجدال.

يوجد إسرائيليون معجبون بكل شيء يأتي من أميركا، بعضهم بسبب الجهل، وبعضهم بسبب الغاء الذات. بين الحين والآخر يقوم نائب ويقترح نسخ طريقة الانتخابات الأميركية في إسرائيل. تحرف الطريقة الأميركية وتشوه إرادة الناخب. الانتخابات المباشرة للرئيس حسب البطاقة في صندوق الاقتراع هي عمليا غير مباشرة. انتصرت هيلاري كلينتون قبل ست سنوات على ترامب بفارق أقل بقليل من ثلاثة ملايين صوت، ورغم ذلك خسرت في الانتخابات. يمنح مجلس الشيوخ الناخبين والمنتخبين في ولايات صغيرة، قليلة السكان، فضلا هائلا على الناخبين في ولايات مأهولة. مليون مقيم في دلاور يساوون في قوتهم في مجلس الشيوخ 40 مليون مقيم في كاليفورنيا. جهاز القضاء سياسي بدءاً بقضاة المحكمة العليا وانتهاء بالقضاة وبقادة الشرطة.

قرر ستة من تسعة قضاة في المحكمة العليا، الاسبوع الماضي، إلغاء قرار يعود الى خمسين سنة قضى بأن الإجهاض هو حق يحميه الدستور. على المستوى العملي، يجعل القرار الامور صعبة جداً على النساء الفقيرات، واساسا على النساء السوداوات والفقيرات. في المستوى القيمي يحرم النساء من حقهن في أجسادهن. في المستوى السياسي القرار هو انتصار تاريخي، محمل بالمصير، للمسيحيين الافنجيليين، المتزمتين، على أميركا الليبرالية. وهو إشارة بدء بحرب أهلية.

ثلاثة من القضاة الستة عينهم ترامب. حظه التقى بحظهم. القضاة الذين عينوا سئلوا في الاستماعات التي أجريت لهم في مجلس الشيوخ ماذا سيصوتون حين سيكونون مطالبين بان يحسموا في مسألة الإجهاض. وكانت الاجوبة التي أعطوها كاذبة. هذا لا يحرك فيهم ساكناً. ولا الضرر المحتمل ايضاً للحزب الجمهوري في الانتخابات في تشرين الثاني او التأييد طويل السنين للإجهاض من جانب ترامب، الرجل الذي عينهم. وصلوا الى “العليا” بهدف اعادة أميركا الى حضن المسيحية – مسيحيتهم. اما منع الاجهاض فهو خطوة اولى فقط.

لكل نظام ديمقراطي طريقة حكم خاصة به. لكل طريقة توجد مزايا ونواقص. ما يقرر ليس الطريقة بل احترام قواعد اللعب. في المكان الذي لا يوجد فيه احترام لا توجد ديمقراطية. في أميركا تحطم الاحترام حين رفض ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات، وتحطم الى شظايا حينه انقضت الجموع، بتشجيع من الرئيس على مجلسي الكونغرس وحاولت سرقة الحكم بالقوة. والقرار بشأن الإجهاض يسحق ما تبقى. الديمقراطية الأميركية في خطر؛ هذا ليس شعاراً قتالياً، هذا تقدير واقعي.

لديّ جدال طويل السنين مع صديق أميركي: هو يدّعي بأن كل ما يحصل شراً في إسرائيل ينتقل الى أميركا؛ أنا أدعي ان كل ما يحصل شراً في أميركا ينتقل الى إسرائيل. مهما يكن من امر، فان ما يحصل في أميركا مقلق. الشراكة بين تيارات مسيحانية، متزمتة في معتقداتها، وسياسيين انتهازيين، متزمتين تفسد أميركا وتضعفها. ذات الحلف ينسج هنا ايضا. صوّت بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، لصالح مشروع قانون خاص سعى لينقل تعيين قضاة المحكمة العليا للحكومة. مشروع القانون هذا ومشاريع أسوأ منه ستعود الينا في الكنيست القادمة اذا ما وعندما ستحتل الكتلة القومية المتطرفة – الحريدية الحكم.

قبل سنوات عديدة جاء جو بايدن، وكان سناتورا من دلاور لزيارة إسرائيل. التقينا في فندق عنبال في القدس. سألته عن الافنجيليين وتأييدهم لإسرائيل، فقال بايدن: “من أجل مقعد في المحكمة العليا سيبيعون كل شيء، بما في ذلك إسرائيل”. لم يكن محقاً بالنسبة لإسرائيل لكنه محق بالنسبة لسلم الأولويات. المحكمة العليا لأقوى الديمقراطيات هي الآن أرض محتلة.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى