ترجمات عبرية

يديعوت: الحلف الروسي- الإيراني: منعطف في نظام القوى العالمي

يديعوت 16-12-2022، بقلم: رون بن يشاي: الحلف الروسي- الإيراني: منعطف في نظام القوى العالمي

في نهاية الأسبوع الماضي نشر الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي تفاصيل مقلقة تتعلق بالتعاون الأمني الذي يزداد توطداً بين روسيا وإيران. الأرقام التي قدمها جون كيربي لشبكة بي بي سي البريطانية وشبكة أن بي سي الأميركية بشأن ما سمّاه مسؤولين رفيعي المستوى في الكونغرس «التعاون الدفاعي الكامل» بين إيران وروسيا تثير مخاوف المعسكر الغربي – الديمقراطي كله، وبالأساس إسرائيل.

وفي الواقع، إن ما يجري هو منعطف في نظام القوى العالمي. لقد انضمت إيران إلى المعسكر المعادي للغرب، والمؤلف من أعضاء كبار، بينهم الصين وروسيا، وهي تستفيد من ذلك. وتقوم روسيا والصين بمساعدتها على بيع نفطها وتحقيق أرباح عبر الالتفاف على العقوبات الأميركية، كما تعطل روسيا أي قرار ضد إيران في الأمم المتحدة. لكن هذا ليس سوى جزء صغير.

يقدّرون في الغرب وإسرائيل، بمعقولية كبيرة، أن روسيا ستساعد إيران في المستقبل على الحصول وعلى إنتاج قدرات لجمع معلومات استخباراتية من الفضاء، ومن الأرض. مثلاً من خلال إطلاق أقمار إيرانية اصطناعية، تجسّسية وللتصوير، بوساطة صواريخ روسية الصنع. أيضاً تتخوف مصادر استخباراتية غربية مؤخراً من أن يأمر بوتين، اليائس بسبب الهزائم العسكرية لجيشه في أوكرانيا والخائف على بقائه السياسي، علماءه بمساعدة البرنامج النووي العسكري الإيراني. في مواجهة هؤلاء الذين يطرحون مثل هذه الإمكانية، يوجد خبراء يدّعون أنه لا يمكن لأيّ روسي عاقل قبول دولة إسلامية نووية متطرفة على الحدود الجنوبية لـ»روسيا الأم». علاوة على ذلك، ما الذي سيحدث لو سقط النظام الحالي في إيران وحلّ محله نظام موالٍ للغرب؟

في هذه الأثناء، المشكلة المباشرة للغرب وإسرائيل، والناجمة عن الحلف الروسي – الإيراني الذي يتوطد بسرعة، هي التعاون في مجال الأبحاث والتطوير والإنتاج الصناعي. ما من شك لدى أحد أنه، عاجلاً أم آجلاً، ليس الأوكرانيون وحدهم مَن سيتعرفون على المنتوجات الدقيقة والفتاكة للتعاون التكنولوجي – العسكري بين إيران وروسيا، بل نحن أيضاً وسائر دول الشرق الأوسط؛ ومستقبلاً أيضاً ربما دول «الناتو». ومن الممكن التقدير منذ الآن، بثقة، أن السلاح المطور الذي ستُنتجه إيران بالتعاون مع الروس ستزود به وكلاءها في لبنان واليمن والعراق وفنزويلا.

يدّعي الأوكرانيون أنهم يُسقطون 10 من كل 15 مسيّرة هجومية من إنتاج إيراني، ومن المعلومات التي تصل إلى الغرب، يمكن معرفة أن الروس ليسوا راضين تماماً عن النوعية التكنولوجية للمسيّرات التي تزودهم بها طهران. لكن عملياً، الزبائن في روسيا راضون؛ فهم ينجحون، بوساطة المسيّرات الإيرانية الانتحارية، في حرمان المواطنين الأوكرانيين من الحصول على الكهرباء، ويدركون أن التعاون مع الإيرانيين يمكن أن يقدم لهم حلاً سريعاً لإحدى أكبر العقبات التي يواجهونها في الحرب في أوكرانيا – النقص الكبير في السلاح الدقيق، وعجز الصناعة العسكرية الروسية عن تجاوُز هذه المشكلة بقواها الذاتية.

هذا هو السبب الذي دفع روسيا إلى الطلب من إيران الحصول على رخصة لإنتاج المسيّرات الإيرانية في أراضيها، وقد أعطاها الإيرانيون الرخصة من دون تردد، ليس فقط بسبب المقابل المادي، بل أيضاً لأن للمهندسين والعلماء الروس قدرة كبيرة على تحسين مدى ودقة المسيّرات الإيرانية وقدرتها التدميرية (بحسب التقارير، هي تقليد للمسيّرات الإسرائيلية من طراز «هاربي»). ويمكن جداً التقدير أن التحسينات التي سيقوم بها الروس ستنتقل إلى الإيرانيين. وستكون النتيجة النهائية مسيّرات وصواريخ محسّنة من كل الأنواع، ومتوفرة لدى «حزب الله» في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق وسورية واليمن.

لكن التعاون لا يتوقف عند هذا الحد. في استطاعة روسيا مساعدة إيران في مجال المسيّرات، وأيضاً في مجال الصواريخ، من خلال تزويدها بمكونات تكنولوجية حساسة، من الصعب على إيران شراؤها من الغرب بسبب العقوبات المفروضة عليها. كما في استطاعة الروس جعل المسيّرات الإيرانية أكثر تحصيناً ضد التشويش وأكثر دقة، باستخدام شبكة الأقمار الصناعية الروسية «غلوناس»، بالإضافة إلى شبكة الأقمار الصناعية الغربية GPS التي يستخدمها الإيرانيون اليوم.

ينطبق هذا على الصواريخ والقذائف القصيرة والمتوسطة المدى التي تعهد الإيرانيون، على ما يبدو، تزويد سورية بالمئات منها. ليس من المعقول أن يطلب الروس من الإيرانيين الإذن لإنتاج صواريخ من طراز «فاتح 110»، أو «ذو الفقار»، التي تنتجها إيران في معامل الصناعة العسكرية الروسية. لكنهم يستخدمون هذه الصواريخ في أوكرانيا ويتشاركون مع الإيرانيين في الدروس التي تعلموها، وهؤلاء سيحسّنون دقة وفتك هذه الصواريخ.

لا ينطبق هذا فقط على العتاد الجوي، بل أيضاً على السلاح البري، مثل الصواريخ المضادة للدبابات وقذائف المدفعية الدقيقة. من المعروف أن الروس استولوا على صواريخ «جافلين» ضد الدبابات التي زوّد الأميركيون أوكرانيا بها، ونقلوها إلى إيران. وتُعتبر صواريخ الكتف هذه الأكثر تقدماً في العالم. وهي تسمح بمهاجمة الدبابات من فوق وضرب برج الدبابة، وهو الأكثر عرضة للإصابة فيها. هذه التكنولوجيا سمحت للمقاتلين الأوكرانيين بالعمل بصورة منفردة، أو عبر طواقم صغيرة، لتدمير دبابات ومدرعات الجيش الروسي. الصواريخ الروسية المضادة للدبابات الأكثر تطوراً ليس لديها هذه القدرة على الإصابة من الأعلى.

الآن، في إمكان الإيرانيين تطوير صواريخ الناتو من طراز «جافلين»، بوساطة الهندسة العكسية، ووضعُها في استخدام حزب الله في لبنان والجهاد الإسلامي و»حماس» في قطاع غزة، عاجلاً أم آجلاً. لدى قوات الجيش الإسرائيلي وسائل دفاعية جديدة ضد الصواريخ المضادة للدبابات– مثل منظومة «السترة الواقية» و»القبضة الحديدية» اللتين تمنحان دفاعاً فعالاً جيداً للدبابات والمدرعات وناقلات الجنود وغيرها. لكن حصول الجيوش «الإرهابية» في الشمال والجنوب على صواريخ مشابهة، عملانياً، لصواريخ «جافلين» ضد الدبابات، يشكل تحدياً بالنسبة إلينا.

ثمة مجال جديد بدأت روسيا بمساعدة الإيرانيين فيه، هو إعادة بناء القوات الجوية الإيرانية. فبسبب العقوبات الأميركية والدولية، لا يستطيع سلاح الجو الإيراني شراء سلاح جديد، وهو مضطر إلى استخدام طائرات حربية وطوافات أميركية وروسية قديمة تعود إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. ولذا، فهو لا يشكل تهديداً أو عقبة في مواجهة سلاح جو عصري يمكنه مهاجمة أهداف إيرانية جواً عندما يشاء….

الحلف الإيراني – الروسي يمكن أن يثمر تهديداً خطِراً لإسرائيل. ومع غرق الجيش الروسي في الوحل الأوكراني، والخوف على بقائه السياسي، يصبح بوتين اليائس أكثر اعتماداً على الإيرانيين، ونتيجة ذلك، فإنه يمكن أن يطلب من إسرائيل الحد من هجماتها الوقائية التي تقوم بها ضمن إطار المعركة بين الحروب ضد تمركُز الإيرانيين ووكلائهم، وضد «برنامج الصواريخ الدقيقة» الإيراني في سورية.

ومع كل السيئات والمخاطر التي ينطوي عليها الحلف الروسي – الإيراني بالنسبة إلى إسرائيل، فإنه أيضاً يمنح إسرائيل بعض الحسنات: أولاً – الحلف غير المقدس بين طهران وموسكو، الذي ساعد الروس على تجميد المواطنين الأوكرانيين من البرد، دفع بأغلبية الدول التي تنتمي إلى الغرب الديمقراطي إلى الإدراك أن إيران هي تهديد حقيقي وملموس وخطر على السلام العالمي، ولا تشكل فقط تهديداً للاستقرار في الشرق الأوسط، ولوجود إسرائيل. كل هذا بينما القدرات العسكرية الإيرانية هي قدرات تقليدية، ويمكن أن نقدّر ماذا سيجري عندما تحصل إيران على سلاح نووي.

في جميع الأحوال، يتعين على إسرائيل أن تتابع على الدوام، وعن قرب، ما يجري على المحور الروسي – الإيراني، وأن تستعد، سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، لمواجهة تطورات غير مرغوب فيها، وأيضاً استغلال الفرص عندما تسنح.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى