ترجمات عبرية

يديعوت: اقتصاد حرب الآن

يديعوت 2022-06-02، بقلم: سيفر بلوتسكر

في شباط 2022 نشبت حرب في أوروبا. غزت روسيا بقيادة الرئيس بوتين أوكرانيا، ووقفت دول الغرب، بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا إلى جانب كييف. لا بالجنود، نعم بالسلاح، الذخيرة، التكنولوجيا العسكرية، المساعدة الاستراتيجية وفرض عقوبات اقتصادية جسيمة – هكذا وعدوا – على روسيا. منذئذ والحرب هناك تتواصل بقوى عالية.

مع ذلك، لم تستوعب حكومات الغرب المساندة للجهد العسكري الأوكراني بعد بان إدارة الحرب تتطلب اقتصاد حرب. إضافة الى الكلفة المالية المباشرة للحرب فان حربا في قلب أوروبا تؤثر سلبا على كل المنظومة الاقتصادية العالمية، تضعضع استقرارها وتضعفها. فهي تتسبب بارتفاع حاد في الاسعار، ظواهر نقص في الغذاء والمواد الخام الحرجة والى هزات ارضية في الاسواق. تشديد آخر للعقوبات ضد روسيا، نتيجة القرار الاخير للاتحاد الاوروبي لوقف حتى 90 في المئة من استيراد النفط منها، لن يضر الاقتصاد الروسي فقط. فهو سيلقي بظلال مظلم آخر على الاقتصاد الاوروبي والعالمي.

لا توجد حروب ديلوكس. المقارنات الشعبية الان في اسرة الاقتصاديين بين انفجار التضخم المالي في اميركا في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي وبين انفجاره الحالي غير ذات صلة وغير مجدية. فالواقع الجغرافي السياسي ومستوى العولمة مختلفان اليوم جوهريا عن الوضع الذي ساد في العالم بعامة وفي الولايات المتحدة وأوروبا بخاصة قبل 43 سنة. سياسة فائدة عالية جداً انتهجها في حينه محافظو بنوك مركزية كان بوسعها أن تنتصر على التضخم المالي وان كان بثمن ارتفاع حاد في البطالة. في صيف 2022 هذه وصفة عابثة. وحدها هزيمة جيش الغزو الروسي واتفاق سلام دائم بين موسكو وكييف يمكنهما أن ينتصرا الآن على التضخم المالي. والى أن يحصل هذا مطلوبة إجراءات حكومية غير عادية تتخذ مثلها عادة في اقتصاد الحرب.

مثلاً، تعطيل إلزامي للسيارة الخاصة مرة في الاسبوع الى جانب تقليص الضرائب على البنزين. مثلاً: ضريبة عالمية خاصة على الطيران. مثلاً، ضغط شديد غير اديب على دول الخليج كي تزيد بمعدل الخُمس انتاج النفط والغاز. مثلاً، دفع حوافز سخية لمزارعي شمال اميركا، اوروبا وجنوب شرق آسيا كي يعملوا بأكبر سرعة ممكنة على منع النقص في الغذاء والجوع. مثلا، تجميد اسعار الكهرباء والمياه.

ان الرفض العنيد للحكومات في الغرب الديمقراطي للاعتراف بالوضع الخاص للاقتصاد في الحرب من شأنه أن يتسبب قريباً بموجات احتجاج اجتماعية واسعة النطاق. احتجاج سيجبرها على أن تفرض على اوكرانيا صيغة استسلام معيبة لروسيا. في هذه الأثناء، المؤشرات على الاستياء الجماهيري لا تزال محصورة في الشبكات الاجتماعية وبهوامش السياسة المؤطرة، لكنها تتعاظم من يوم الى يوم.

في استطلاع أُجري في الشهر الماضي وكشفته هذا الأسبوع منظمة “الشراكة للديمقراطية” تبين أن أقلية لا بأس بها، نحو 12 حتى 15 في المئة من الجمهور الراشد في فرنسا، إيطاليا، اليونان، بلجيكا ودول غربية متطورة أخرى، اعتقدت في أثناء إجراء الاستطلاع بان المساعدة لأوكرانيا “سخية اكثر مما ينبغي”. وحتى تسامح الألمان والإسبان الذين لا يزالون يدعمون في غالبتهم الساحقة المساعدة الموسعة لأوكرانيا، من شأنه أن ينتهي إذا ما وعندما يصبح التضخم المالي هناك من منزلتين. وهذا اليوم غير بعيد. التضخم المالي السنوي الألماني كاد يتجاوز في أيار عقبة الـ 8 في المئة والإسباني الـ 9 في المئة – ذرى أعلى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ان قصور السياسة الاقتصادية التي ترفض الاعتراف بوضع الحرب وتبحث عن حلول نقدية لازمة حقيقية من شأنه أن يمنح الانتصار في أوكرانيا لبوتين وحكومته. أما ثمن انتصارهم فستدفع الديمقراطية.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى