يديعوت احرونوت: هذا ليس نصرا وبالتأكيد ليس نصرا مطلقا

يديعوت احرونوت 26/11/2024، يوسي يهوشع: هذا ليس نصرا وبالتأكيد ليس نصرا مطلقا
بعد 13 شهرا من تبادل الضربات مع حزب الله، تفكك فيها الشمال كما عهدناه وتفرق عشرات الالاف ليصبحوا لاجئين في بلادهم، يوشك مواطنو إسرائيل على أن يكتشفوا بان حتى النجاح العسكري ذي المغزى لا يترجم الى انجاز سياسي مُرضٍ.
اتفاق وقف النار المتبلور في لبنان يثير عاصفة أولا وقبل كل شيء لان الحقيقة بسيطة: هزمنا العدو الأخطر الذي يقف على حدود البلاد. في الجيش قد تكون خلافات في الرأي حول شروط الاتفاق، لكنكم لن تجدوا ضابطا كبيرا واحدا آمن بان تكون هذه هي موازين القوى بين الطرفين. عمليا، كانت قيادة هيئة الأركان هي التي ارادت التخلي عن تعميق القتال في الشمال دون حتى أن تعالج خط التماس.
لكن حسن نصرالله، الذي قرر منذ البداية الربط بين لبنان وغزة، خسر معظم مشروع حياته وفي مرحلة ما حياته أيضا. باقي القيادة العليا لحزب الله انتقلت هي أيضا الى عالم كله خير، عدد لا يحصى من المخربين أصيبوا في عملية البيجر اللامعة والخطة لاحتلال الجليل كانت ولم تكن، بفضل مناورة مكثفة سقط فيها افضل الأبناء. كما أن ترسانة صواريخ حزب الله وان كانت تواصل اتعاس سكان الشمال، بل واحيانا الوسط، لكن ليس بالحجوم التي جرى الحديث عنها في الماضي، والمخزون نفسه أيضا هزل. وها هي المشكلة الإضافية مع الاتفاق: بدلا من تعميق الإنجاز ودحر حزب الله اكثر فأكثر من شأنه أن يعطي فرصة لحزب الله لمحاولة أخرى. ليس عبثا يصرخ رؤساء البلدات في الشمال، أولئك الذين يفترض بهم ان يقودوا خطوة الاعمار في أن الاتفاق سيقلب ساعة الرمل تمهيدا لحرب لبنان الرابعة: بوليصة تأمين إسرائيل تعتمد على حرية العمل تجاه “التهديد الفوري” الذي هو تعريف قابل لكثير جدا من التفسيرات: فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف 2006، بنى حزب الله معظم بناه التحتية بشكل يزعم انه لا يخلق “تهديدا فوريا”. كما أن نقل وسائل القتال من ايران، تدريب وحدات الرضوان وحفر الخنادق لم تعتبر “تهديدا فوريا”. وعندها ننهض في الصباح ونكتشف انه على مسافة 300 متر من المطلة تمترست قوة عسكرية خبيرة، مدربة ومسلحة حتى الرقبة، وامر واحد فقط يفصل بينها وبين ذبح الإسرائيليين.
في هذه المرحلة، للمدى القصير، يمكن الحديث عن إعادة السكان من الجانب الإسرائيلي، لان خط البيوت الأول من الجانب اللبناني، وكذا قسم من الخط الثاني انكشف ودمر. قرى كاملة سويت بالأرض. لكن ماذا سيحصل اذا كان احد سكان لبنان يريد أن يعود ويعيد بناء بيته؟ ولنفترض انه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا الا يكون شيعيا ينتمي لحزب الله بل وربما مقاتل أيضا؟ جنوب لبنان هو مملكة الشيعة. لا توجد عائلة شيعية لا تنتمي لحزب الله بشكل من الاشكال: هذه هي الحقيقة المريرة التي تعلمناها من انتشار السلاح في كل بيت ثانٍ. ومن المهم الايضاح: حزب الله ليس حماس: هذا الواقع لم يفرض بقوة الذراع على السكان. فما العمل مع ذاك المواطن؟ هل مسموح تعريفه كـ “تهديد فوري”؟
وهكذا سيعطى حزب الله الاذن، عمليا، لاعادة بناء نفسه واحياء الخطط التي صفيت لتوها. في إسرائيل، في هذه الاثناء ستتراكم مشاكل أخرى، ولعل الاكواخ السياحية ستمتلىء مرة أخرى والصبر الجماهيري اللازم للجهد الحربي سيختفي. هذا ليس سيناريو لا أساس له بل تاريخ قريب: هذا ما حصل بالضبط بعد 2006. وعليه توجد أهمية عليا لتوسيع اصطلاح “منع التعاظم العسكري” بشكل يضم سلسلة من الاعمال التي لا تشكل “تهديدا فوريا”. يمكن لهذا ان يكون الرافعة للتهديد على حزب الله، اذا فكر فقط بإعادة البناء، وبالمقابل يضمن شرعية دولية للمس بالمنظمة حتى لو قامت باعمال بالحد الأدنى.
لكن في هذه اللحظة يخيل ان رئيس الوزراء، ذاك الذي اعتبر اتفاق الغاز استسلاما وحرص على القول انه الوحيد الذي يصمد امام الضغوط الدولية، مصمم على اغلاق وقف نار بشروط دون. بل انه يفعل هذا من فوق رأس زعماء الجمهور فيما أن مؤيديه في الاعلام يتذكرون فجأة ان يذكروا ان الجيش “بحاجة الى الإنعاش” وغيرها من الحجج. في هذه الاثناء في قيادة الجبهة الداخلية يشددون التعليمات والجمهور في الشمال يستعد منذ الان لايام صعبة يحاول فيها حزب الله ان يري بانه لم يستسلم. من ينتصر بشكل واضح لا يصل الى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار واذا لم يقبل بها الطرف الاخر فانه يواصل ضربه. والا فان هذا ليس نصرا وبالتأكيد ليس نصرا مطلقا.