يديعوت احرونوت: نموذج لبنان في غزة
يديعوت احرونوت – د. ميخائيل ميلشتاين – 14/12/2025 نموذج لبنان في غزة
رائد سعد هو المصفى الأكبر في حماس منذ تصفية محمد السنوار في أيار الماضي، وبالتأكيد منذ بداية وقف النار. فضلا عن الاصطلاح الموجز في عبارة رقم 2، كان سعد العقل العسكري لحماس: عمل في المنظمة نحو أربعة عقود، اكتسب تجربة قيادية ومهنية كبيرة، كان من مهندسي تطوير “جيش حماس” في العقدين الأخيرين وعمل كالمخطط الرئيس لهجوم 7 أكتوبر.
توجه التصفية ضربة قاسية لحماس الجريحة على أي حال منذ نهاية 2023 وبخاصة لعز الدين الحداد، رئيس الذراع اليوم الذي عمل على مدى سنوات طويلة مع سعد. هذه ضربة رمزية ووظيفية في نفس الوقت: فقد نال سعد الاعجاب في أوساط نشطاء الذراع العسكري لكنه شكل أيضا محركا مركزيا في عملية إعادة بنائها، بما في ذلك إعادة تنظيم الوحدات، إعادة بناء البنى التحتية، تعيين قادة وتجنيد نشطاء جدد.
الى جانب الضربة المبهرة، مطلوب رؤية واعية ومتوازنة: حسابات “لم يتبقَ تقريبا احد من قيادة 7 أكتوبر (كلهم تقريبا صفوا بالفعل)، لا تساهم، بالضبط مثلما هو إحصاء الكتائب التي فككت لم تبشر بحسم المعركة مع حماس. صحيح أن الضربات قاسية والنشطاء الجدد يفتقرون لتجربة أولئك الذين صفوا، لكن مثلما هو الحال دوما تبدي حماس قدرة عالية على البقاء، إعادة البناء والتكيف مع الظروف.
لتوقيت العملية أهمية – عشية الدخول الى المرحلة الثانية من اتفاق انهاء الحرب في غزة. من ناحية إسرائيل تأتي التصفية لتصميم قواعد اللعب، واطلاق إشارة الى الاستعداد للعمل في القطاع مثلما يجري في لبنان منذ اكثر من سنة، أي اجتثاث كل مبادرة وتصميم من كل تهديد محتمل سواء كان تخطيطا لعملية، تهريب وإنتاج سلاح ام مثلما في حالة سعد – بناء قوة لا تستجيب لتعريف “قنبلة متكتكة”. وفي هذا واضح الشبه بين تصفية سعد وتصفية رئيس اركان حزب الله هيثم طبطبائي قبل نحو ثلاثة أسابيع.
ان الإبقاء على مجال عمل كهذا يستوجب إذنا أمريكيا. ولكن تعديلات مستقبلية في شكل إقامة حكم محلي بديل لحماس، فما بالك البدء بتواجد قوات اجنبية في المنطقة من شأنها أن تقيد حرية العمل وتلزم إسرائيل بالعمل كثيرا مع ترامب كي يسمح بذلك. في الخلفية من المتوقع ان يثور نقد متزايد من الوسطاء، وبخاصة قطر وتركيا المقربتين من حماس على العملية الأخيرة وكذا على عمليات مشابهة في المستقبل بدعوى أن الامر يفشل استقرار الواقع في القطاع.
فضلا عن التصفية المبهرة تقف إسرائيل امام تحديات معقدة يحتمل أن تتعاظم. فمن يوم الى يوم تتأكد الفجوة بين اهداف المعركة التي حددت وبين الواقع القائم عمليا في القطاع وذاك الذي يخطط للمستقبل: حماس نجت وتشكل الجهة السائدة في المنطقة اليوم؛ المشاريع المتهالكة منذ البداية التي اقامتها إسرائيل باستثمارات طائلة انهارت، وعلى رأسها العشائر وصندوق غزة الإنساني؛ ومجال العمل الإسرائيلي يتقلص ومعه أيضا الاحتمال في أن يكون ممكنا العودة الى قتال قوي ضد حماس، على الأقل في الزمن القريب القادم.
في الخلفية يتعاظم الضغط من جانب ترامب الذي يعرف الاتفاق في غزة كاحد إنجازاته الكبرى. يحث الرئيس الأمريكي إسرائيل على المواصلة الى المرحلة الثانية، رغم تطلعاتها المختلفة وملاحظاتها على عدم تنفيذ شرطين أساسيين تحددا قبل نحو شهرين: لا يزال يتبقى جثمان مخطوف واحد هو ران غوئيلي؛ وحماس توضح بالقطع انها لن تنزع سلاحها، حين يعلن خالد مشعل الأسبوع في الماضي بان “نزع السلاح هو نزع للروح”. في الخلفية تتواصل اقتراحات الحل الوسط حول نزع سلاح المنظمة الهجومي فقط.
من ناحية ترامب فان الخروقات إياها ليست سببا لعدم مواصلة المسيرة: وهو سيعقد بعد غد في قطر مؤتمرا يضم 25 دولة للبحث في بلورة القوة متعددة الجنسيات للاستقرار في القطاع؛ اعلن انه سينشر قريبا تشكيلة مجلس السلام الذي سيدير القطاع؛ وحاليا على الأقل لم يستبعد فكرة نشر جنود اتراك في القطاع، ما وصفه نتنياهو كخط احمر (يوم الخميس ادعى وزير الخارجية التركي: “إسرائيل ليست المقررة الحصرية في هذا الموضوع”). على هذه الخلفية تصعد أيضا إمكانية أن تضغط واشنطن على إسرائيل لتعميق الانسحاب الإقليمي في القطاع ويحتمل حتى لفتح معبر رفح.
سواء كانت إسرائيل تريد ذلك ام لا – فانها تدفع بالتدريج الى المرحلة الثانية. يمكن التمترس في السياسة القائمة على استخدام القوة، الخيالات ونهج الرفض (أساسا) في مسألة اليوم التالي في غزة)، التي أدت الى الاتفاق البعيد عن الأهداف المحددة، وفي اعقاب ذلك أيضا مواصلة التعرض لاضرار استراتيجية. بالمقابل، يمكن تعريف الوضع الحالي كأهون الشرور والتركيز على تحقيق أربعة اهداف عظيمة الأهمية: إعادة جثمان المخطوف ران غوئيلي؛ الحفاظ على حرية العمل في القطاع ضد كل تهديد وتحدي؛ تثبيت نظام رقابة امريكي متصلب في محور فيلادلفيا بما في ذلك في محور رفح؛ والحفاظ على حق فيتو على الأسماء التي ستطرح كاعضاء في الحكم المحلي الجديد في غزة والدول التي تتطلع لان تكون ذات نفوذ في غزة وعلى رأسها تركيا.
سيسمح الامر لإسرائيل التركيز على التهديدين المتبقيين مفتوحين وليسا الأهم في هذه المرحلة: حزب الله (احباط مساعي إعادة بناء التنظيم) وايران (التأكد من أن البرنامج النووي تعرض لضربة عميقة وبعيدة المدى). في الحالتين – وبخلاف المعركة في غزة الأهداف محددة ومقيدة وتحظى بشرعية واسعة داخليا وخارجيا وإسرائيل ستكون مطالبة بالفحص اذا كان ممكنا أعطاء جواب لها بوسائل سياسية ام ربما ستكون ضرورة للعمل بجهد عسكري.



