يديعوت احرونوت: غزة كلها له

يديعوت احرونوت – ناحوم برنياع – 28/7/2025 غزة كلها له
في محلات الأدوات المنزلية في الولايات المتحدة معلقة يافطة تحذير لا تقبل أي تأويل: If you break it, you own it (اذا كسرتها فهي لك). في كل ما يتعلق بغزة هذا التحذير كان امام أصحاب القرار منذ 7 أكتوبر. اذا دمرت غزة هي لك. غانتس وآيزنكوت يلذعان بين الحين والآخر نتنياهو على أنه تخوف من فتح عملية برية في القطاع فور المذبحة. فقد حثاه – وهو أخر. في نظرة الى الوراء يمكن أن نبدي تفهما اكبر للمخاوف.
في غضون أسابيع انجر نتنياهو الى التطرف الثاني: ليس فقط دخول بري – بل دخول بري حتى النصر المطلق؛ ليس فقط حسم المعركة مع الاطار العسكري لحماس – بل إبادة حماس حتى النفق الأخير، حتى المخرب الأخير. في قيادة الجيش عرفوا بان هذه اهداف غير قابلة للتحقق، لا في اطار زمني يتناسب والتوقعات، لا لثمن معقول ولا عندما تكون حياة عشرات المخطوفين معلقة بشعرة. لكن الجيش يسير على عادته: في قيادة المنطقة الجنوبية في بئر السبع جلس ضباط تمتلىء اكتافهم بالرتب العسكرية واصدروا خططا؛ فرق تدخل؛ فرق تخرج؛ كل جولة حظيت بلقبها البطولي، بادعاءاتها بالنصر، رغم أن البحر بقي البحر ذاته، الرمل بقي الرمل ذاته، غزة بقيت غزة ذاتها والنتائج بقيت النتائج ذاتها.
22 شهرا انقضت منذئذ حيال ما عدت ورأيت على الأرض، حيال الانباء القاسية التي تخرج من هناك كل يوم، فاني اتمزق الى شطرين: القلب يتمنى نجاحا صاخبا، إنجازا عسكريا ينهي مرة واحدة والى الابد هذه القصة المتواصلة، لكن الرأس يرى انعدام الجدوى، فقدان الطريق، الثمن.
بعد المذبحة كان ينبغي ضرب حماس، بكل القوة، حتى بثمن ألم بالمدنيين. هكذا فكرت في حينه وهكذا أفكر اليوم. لكن بعد سنة، في الواقع قبل ذلك، كان يجب على الحكومة والجيش ان يفهموا بان الوضع في غزة انقلب: المنفعة المستمدة من قتال خمس فرق، اكثر من كمية الجنود الذين انتصروا على الجيش المصري في حرب يوم الغفران صغيرة حتى هامشية والضرر، بفقدان المقاتلين، بالمكانة الدولة بإسرائيل وبالمس بالمدنيين آخذ في التفاقم. حماس مذنبة لكن إسرائيل مسؤولة.
أغلبية ساحقة من المقاتلين في غزة ليسوا على اتصال مع مدنيين غزيين ولا مع مخربين أيضا. هم لا يتعرفون على ضائقة الأطفال وصرخة النساء ولا يشاهدون اشرطة الفوضى. لكن الصور قاسية والشهادات صادمة. حتى لو كان العالم يسره ان يرى أطفالا يموتون بسوء التغذية في غزة حتى لو كانت الشهادت صحيحة جزئيا فقط، كان محظورا السماح لهذا الوضع ان يستمر. فهو لا يجدي الا حماس.
النتيجة تتضح من يوم الى يوم. ضُربنا بشدة، أكلنا السمك الفاسد واصدقاؤنا في العالم يريدون طردنا من المدينة، كله معا. الكارثة عظيمة لدرجة ان نتنياهو اضطر لان يطوي الاعلام، يتوقف، يطفيء النور على الأقل، الحملة العسكرية التي أمر بها للاستسلام لمطالب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ولانزال الغذاء بالمظلات (الانزال يجلب قليلا جدا من الغذاء لكن صورته تلتقط جيدا؛ إضافة الشاحنات ذات مغزى اكبر). خوفا من رد الفعل العصبي من سموتريتش وبن غفير استسلم في الخفاء، كآخر الارانب.
يمكن الجدال في حجوم مسؤولية نتنياهو عن القصور في الغلاف في صباح 7 أكتوبر؛ لا يمكن اعفاؤه من المسؤولية عما حصل منذئذ. هو لا يمكنه أن يدعي بانهم لم يوقظوه، انه كان له مغص في المعدة، ان المستشارة قيدت يديه: غزة كلها له.
لكن نتنياهو ليس وحيدا. فتفكك هجمة الضغط في غزة يجب أن يعلم قيادة الجيش الإسرائيلي بضعة أمور. أولا، الا يستمع لافكار غير مسؤولة، عندما تأتي من جنرالات كثيري الحكومة مثل غيورا آيلند. إسرائيل لا يمكنها أن تطرد السكان وان تجوعهم؛ اعتقد أن آيلند يفهم اليوم كم كان مخطئا. ثانيا، للجيش يوجد دور حيوي في الخطاب مع المستوى السياسي. فلئن كانت لرئيس الاركان ملاحظات مهنية على استمرار الحرب، اعتقد أنه كانت له، فانه كان ملزما بان يكافح في سبيلها في كل المحافل. ايال زمير هو جندي، بالمعنى الأفضل للكلمة: الكابنت يقرر وهو ينفذ. لكنه يعرف اكثر من الجميع ما يمكن لرئيس الأركان ان يفعله قبل أن يصدر الامر. المقاتلون يتطلعون اليه؛ عائلاتهم أيضا؛ عائلات المخطوفين أيضا. ليس لهم على من يعتمدوا الا على الجيش.
في بداية الحرب، برواق قاعدة عسكرية، سمعت جملة على لسان ضابط احتياط قديم، يعتمر الكيبا. هذه الجملة ترافقني منذ منذئذ. “السؤال كيف ستخرج حماس من الحرب لا يقلقني”، قال. “السؤال الذي يقلقني هو كيف سيخرج من الحرب المجتمع الإسرائيلي”.