يديعوت احرونوت: ضم عملي

يديعوت احرونوت – ميخائيل ميلشتاين – 7/9/2025 ضم عملي
حديث أدرته قبل بضع سنوات مع مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية وفر نظرة الى مستقبل بشع يتحقق كل يوم وفي مركزه إمكانية أن يتطور واقع دولة واحدة بين النهر والبحر. فقد شرح هذا المسؤول بانه رغم أن معظم الإسرائيليين يتطلعون الى حفظ الهوية اليهودية للدولة تتشكل عمليا دينامية تتجاوز الإرادة والتخطيط: يوجد انصهار عميق بين إسرائيل والضفة؛ السلطة تضعف وعلى ما يبدو ستذوي، حتى بدون انهيار صاخب؛ وكل هذا سيؤدي الى دمج الضفة بإسرائيل، دون أن يعطى للفلسطينيين حق مواطنة، الامر الذي سيثير ضغطا دوليا داخليا يلازم بذلك. “ومن هنا”، يشرح، “فان الدمج بين السكان والديمقراطية سيفعل فعله”.
وبالفعل، ضم الضفة يتحقق حتى دون اعلان رسمي. في الخلفية توجد تهديدات متعاظمة من وزير المالية بالقضاء على السلطة كجزء من خطته “للتغيير (من تحت الرادار) لـ DNA ليهودا والسامرة” والوصول الى “نقطة لا عودة لا تسمح للفصل بين الشعبين”، اللذين العداء بينهما يضرب أرقاما قياسية في الحرب. في الأسبوع الماضي عرضت خطة عمل مفصلة لتحقيق الرؤيا، تتطابق وخطة الحسم التي نشرها سموتريتش في 2017: ضم 82 في المئة من يهودا والسامرة (بما في ذلك قلقيليا وبيت لحم) وخلق جيوب على نمط “البانتوستانات” دول مرعية مصطنعة أقيمت للسود في جنوب افريقيا في عهد الابرتهايد.
للضم ستكون تداعيات صادمة على إسرائيل، واساسا في العلاقات الخارجية، والخطة لاتخاذ خطوة كهذه ردا على التسونامي المؤكد المقترب لاعتراف دولي واسع بدولة فلسطينية يشبه صب البنزين على جمر مشتعل. بداية، الضم سيشدد الضغط الدولي وعزلة إسرائيل، بشكل يشعر به كل مواطن في الدولة، واساسا نظرا للعقوبات في المجال الاقتصادي. ثانيا، ستتضرر على ما يبدو العلاقات المهزوزة على أي حال مع العالم العربي. التهديد الأكبر يتعلق بالعلاقة مع مصر، التي تخشى “مؤامرة” لدحر الغزيين الى أراضيها – بما في ذلك في ظل الخطاب الغريب في الاعلام الإسرائيلي مؤخرا عن “التهديد المتزايد” المحدق من القاهرة، والذي يتطابق مع تقارير طرحت في سياقات قطر غيت. في الخلفية توضح اتحاد الامارات بان الضم سيهدد اتفاقات إبراهيم (انجاز استراتيجي يتباهى به نتنياهو)، والأردن متحفز قبيل ضم محتمل للغور – خطوة ستضعضع اكثر فأكثر العلاقة مع المملكة.
الضم سيطرح أيضا تحديا حادا في الداخل، وذلك في الوقت الذي تعيش فيه إسرائيل شرخا داخليا وتستعد لحرب عديمة الاجماع في القطاع. مثلما في احتلال غزة، فان ضم يهودا والسامرة أيضا سيجبي اثمانا استراتيجية دراماتيكية بما في ذلك احتدام التهديدات الأمنية في هذه المنطقة، كلفة معالجة السكان الفلسطينيين الذين سيضمون وكذا احتدام الاحتكاكات العنيفة التي ينفذا مستوطنون متطرفون – الميل الذي يبدو واضحا منذ الان.
فضلا عن ذلك فان خطاب الضم يؤكد التساؤل حول الفرق المبدئي بين الليكود والصهيونية الدينية، وهما جهتان تريان في السلطة الفلسطينية عدوا. وهكذا، رغم كون الصهيونية الدينية اقلية حسب الاستطلاعات ولا يتوقع لها أن تجتاز نسبة الحسم في الانتخابات، فانها تفرض رؤياها الفكرية على عموم الدولة بشكل يغير طابعها لسنوات عديدة – بدون استفتاء شعبي وبدون مراعاة تداعيات هذه الخطوة على العلاقة مع العالم.
ومثلما في غزة، حين لا تكون استراتيجية واعية، فان الفراغ يمتليء بالخيالات. في يهودا والسامرة يجد الامر تعبيره في احياء فكرة قديمة وفاشلة لاقامة “امارات”، تترافق وفكرة قطع منطقة الخليل عن السلطة وذلك بعد أن “اكتشف” بضعة شيوخ ادعوا بانهم مستعدون لان يقيموا في المكان “امارة” والانضمام الى اتفاقات إبراهيم. مروجو الرؤيا يهتمون اقل بحقيقة أن الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين يرون في تلك الشخصيات عملاء على نمط “روابط القرى”، وبمناسبة ذلك يروجون لمغامرة مشابهة في غزة من خلال تطوير ميليشيات مشكوك في أمرها (أساسا من عشيرة أبو شباب)، التي تعرف كـ “استراتيجي مستقبلي”.
في العقدة الحالية، يبدو مرة أخرى ان الوحيد الذي بوسعه ان يقطع الدوامة الاستراتيجية التي علقت فيها إسرائيل هو ترامب. هو الذي دفع لسحب خطة الضم في 2020 مقابل اتفاقات إبراهيم، هو الذي اجبر على توقيع اتفاق النار السابق وهو الذي يسمح الان بمواصلة حرب يعارضها معظم العالم والجمهور في إسرائيل. لكن حتى الان لا توجد مؤشرات للضغط على إسرائيل – في سياق غزة او يهودا والسامرة.
أحد أسس المفهوم الذي انهار في 7 أكتوبر كان انه يمكن الدفع قدما بالتطبيع مع العالم العربي حتى بدون الاهتمام بالفلسطينيين (الذين اتعبوا العالم منذ الان)، وانه لا توجد ضرورة لاتخاذ قرارات حاسمة في القضية الفلسطينية بل “إدارة النزاع” واستقراره بواسطة ضمادة “السلام الاقتصادي”. بعد نحو سنتين من ذلك تواصل إسرائيل التصرف في ضوء تلك السياسة إياها، ضمن أمور أخرى لان هوية أصحاب القرار لم تتغير ولم ينفذ أي تحقيق ثاقب في قصورات الماضي، فما بالك حساب النفس والجهد لاصلاح الأخطاء. العكس هو الصحيح – يعيدون تكرارها ومفاقمتها. في مثل هذا الوضع على الجمهور أن يطالب بما لا تعمل به القيادة، بما في ذلك جزء من المعارضة: بحث ثاقب ومعمق في العلاقة مع الفلسطينيين واجوبة واضحة، عديمة الشعارات الغامضة، بالنسبة للمستقبل. في هذا الموضوع دحر الى الهوامش البحث في حملات الانتخابات السابقة لكن يجب أن يقف على رأسها في المستقبل فيما يكون الجمهور ملتزما بابداء تعلم من دروس 7 أكتوبر، وعلى رأسها التشكيك العميق بكل قول من فوق.