ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: ساعة الرمل قبيل العملية في لبنان

يديعوت احرونوت 17/12/2025، يوآف زيتونساعة الرمل قبيل العملية في لبنان

المدينة التحتية في الضاحية غير متفرعة وعميقة مثلما في غزة، واساسا بسبب نوع الأرض التي تصعب على حزب الله أكثر ولكن واضح منذ الان في شعبة الاستخبارات في الجيش ان حزب الله سيحاول إخفاء معظم مقدراته في انفاق وخنادق تحت المباني السكنية في الحي الشيعي جنوب بيروت. ومؤخرا فوجئوا في شعبة الاستخبارات “أمان” بان يكتشفوا بان المواطنين في بيروت يرفضون طلبات متكررة من جانب حزب الله استئجار شقق خارج الضاحية خشية أن يقصفها الجيش الإسرائيلي.

المقدمة للحملة التي يخطط لها الجيش الإسرائيلي في الشمال، ويضغط على المستوى السياسي لاخراجها الى حيز التنفيذ جاءت قبل نحو شهر مع تصفية رئيس اركان حزب الله علي طبطبائي، غير أن حزب الله قرر مواصلة سياسة التجلد والاحتواء، التي كانت بالذات من نصيب إسرائيل في السنوات التي سبقت الحرب، ولم يطلق حتى ولا قذيفة هاون واحدة ردا على تصفية القائد الأعلى. ليس هكذا ستكون جولة التصعيد: في الجيش الإسرائيلي يقدرون بان حزب الله سيعمل وفقا لخطة نار مرتبة مع اطلاق مئات الصواريخ والمقذوفات الصاروخية، الحوامات والمُسيرات المتفجرة على مدى عدة أيام.

غير أنه بخلاف الجولات مع غزة على مدى السنين وكذا مع حزب الله بين الحين والآخر، هذه المرة سينتظر مسبقا جهاز اغلاق على العودة الى وقف النار – غرفة العمليات الناجعة والخبيرة إياها من السنة الأخيرة التي تضم ضباط أمريكيين ولبنانيين، وتقسم اعمالها بين بيروت وقيادة المنطقة الشمالية في صفد. مهما يكن من أمر تقدر محافل امنية بان إسرائيل لن تخرج الى هذه العملية دون موافقة ترامب وبالتالي فمشكوك أن تنفذ الخطوة قبل زيارة نتنياهو الى البيت الأبيض في نهاية الشهر.

في “امان” يقدرون بان حزب الله يفضل في هذه الاثناء مواصلة امتصاص الهجمات الإسرائيلية شبه اليوميه ويدير صراعاته الداخلية في لبنان التي يرى أنه يمكن التحكم بها اكثر. فهيمنة حزب الله كحركة سياسية – مدنية تضررت في السنة الأخيرة، كما يشخص الجيش الإسرائيلي والحزب يجد صعوبة في دفع ايجار الشقق لعشرات الاف اللبنانيين النازحين في بلادهم ممن لم يعودوا بعد الى بيوتهم المهدمة في جنوب لبنان، في اعقاب العملية البرية الإسرائيلية. وتقول مصادر استخبارات إسرائيلية “اننا نرى مزيدا من المؤيدين الشيعة ممن يفضلوا الانتقال الى أمل، الحركة الموازية لحزب الله الذي لا ينجح في دعم الاف العائلات الثكلى والجرحى الكثيرين. ولا يزال حزب الله اقوى من ناحية عسكرية من الجيش اللبناني وفي اللحظة التي ينقلب فيها هذا سنعرف انه يوجد تغيير في صالحنا.

في حزب الله يحاولون توزيع البيض في سلة أوسع، ولكن حتى هذا لا ينجح. ففي الجيش يشخصون ظاهرة جديدة تتمثل بصعوبة استئجار الشقق. فنشطاء التنظيم يحاولون استئجار شقق كي يسكنوا فيها عائلاتهم او حتى ان يقيموا فيها غرفة عمليات. ويصف الجيش ذلك فيقول: “أولئك الذين نجحوا يصطدمون بمعارضة الجيران الذين حتى أحيانا يطردونهم دون خوف. هذه ظواهر لم نشهد لها مثيلا في الماضي، لان أولئك المواطنين يعرفون ان أحدا لن يعوضعهم عن الدمار الجانبي الذي سيكون على بيوتهم عندما يقصف الجيش الإسرائيلي شقة الإرهاب تلك”.

نقطة ضغط أخرى تؤثر على قرارات حزب الله هي سياسية: في شهر أيار القادم ستجرى انتخابات في لبنان وفي الجيش يقدرون بان ما يهم الأمير العام الحالي نعيم القاسم هو رص الصفوف الداخلية واستعادة شرعية التنظيم داخل الدولة اكثر من مواجهة دموية مع إسرائيل. “ليس لقاسم الكاريزما التي كانت لنصرالله وبالتالي لا يوجد أمل كبير لمئات الاف الشيعة في لبنان، وبناء على ذلك الانتقال الى تأييد أمل بالذات. يجدر بالذكر ان هاتين الحركتين ليستا فقط إرهابا وذراعا عسكريا بل وأيضا رفاه وتعليم للجماهير.

 المقدم “ش”، رئيس فرع الأهداف في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات والمقدم “أ” رئيس فرع “السياسي والاستراتيجي”، بلورا خريطة الطريق للخارطة ما قبل وبعد تصفية الأمين العام الأسطوري حسن نصرالله. والان، تحليلاتهما لما سيأتي يستخدمها أصحاب القرار في قيادة الجيش وفي المستوى السياسي بما في ذلك معاضل ثقيلة الوزن. فمثلا، هل جولة اضعاف إضافية لحزب الله تستحق شللا متكررا للجليل المنتعش، سقوط صواريخ في حيفا وصافرات انذار في تل ابيب التي لتوها تعود لتستضيف العاب رياضة أوروبية.

الضابطان كانا من حسا على تصفية نصرالله في أيلول العام الماضي. “لحزب الله توجد عشرات الخنادق والمقدرات الحساسة في ارجاء بيروت، وتابعنا كي نفهم باي منها كان يوجد نصرالله. هذا عمل نمل تواصل لسنوات”، يصف المقدم “ش” مع حديث مع “يديعوت احرونوت”، “هذه متاهة حقيقية لان الخنادق تمتد في انفاق واروقة تحت مباني السكن، مع ارتباطات يجب التعرف عليها بتفاصيل التفاصيل. حبذا لو كان هذا فقط معرفة اين يختبيء نصرالله. العريف أول “ن”، احدى العرفاء عندنا التي تدربت على المتابعة الدائمة لخنادق نصرالله طلبت بعد حملة البيجر أن ندقق الملاحقة على “ذخرها”، لاجل ان نعمق تحقيقها عن المكان وهذا ما حصل”.

العريف الشابة “ن” لم تنتظر أن يختار نصرالله الذخر الذي هي مسؤولة عنه كي يختبيء فيه في ظل الامر الإسرائيلي لتصفيته. على مدى عدة أسابيع حللت المنشأة التي توجد في عمق 20 – 30 مترا تحت الأرض. وكان الهدف التدقيق قدر الإمكان لسلاح ا لجو “بوابات الدخول” لـ 83 قذيفة اسقطت على الذخر التحت ارضي لاجل ضمان النتيجة – تصفية نصرالله ورفاقه في القيادة العسكرية. “ن”، كانت تعرف تماما الخندق، وبالطبع كان علينا أن نعرف بان نصرالله سيكون بالذات في ذاك المساء وليس في عشرات الخيارات الأخرى. هي اختارت نقاط الاستهداف الصحيحة للهجوم”.

المقدم “ش” يتذكر كيف اخذ الخلاصة التي أعدتها العريف “ن” للبحث مع رئيس أمان وقائد سلاح الجو: “كنت مستعدا لان اضع رتبي على الطاولة لو لم يكن هذا سينجح، وهذا ما قلته قبل العملية للالوية عندما اقتبست استنتاجات العريف “ن”. كما أن نظيري من سلاح الجو قال انه مستعد لان يضع رتبته على الطاولة اذا ما فشل هذا. وعليه فلم نكتفي فقط بقصف منسق بالغرف التي اعتقدنا ان نصرالله سيكون فيها، بل وأيضا في مفترقات الانفاق المجاورة منعا للهرب”.

مع هذه الثقة بالنفس والتجربة التي تراكمت مع حزب الله يسيرون في شعبة الاستخبارات، في قيادة الشمال وفي سلاح الجو بعيون مفتوحة لمواجهة أخرى مع حزب الله، الذي ردع ولكنه لم يهزم. الفهم هناك هو أن هذه المرة هذا تنظيم إرهابي آخر، يستعد أيضا لسيناريو مختلف مع قادة اقل تجربة لكن لا يزال مع ترسانة ثقيلة من وسائل قتالية وصواريخ وعشرات الاف النشطاء المسلحين. التحدي لن يكون سهلا في تدمير مصانع السلاح بل وأيضا في مطاردة القادة في المستويات الوسطى التي تدير العمليات. تحت تصرفهم لا تزال وحدة الدفاع في حزب الله التي قامت بواجباتها البيتية بعد خريف العام الماضي. وتشرح المقدم “أ”: “حزب الله يستثمر الكثير في الدفاع عن مقدراته. نحن نقدر بان ميزانيات إعادة البناء من ايران ستزداد في السنوات القادمة الى اكثر من 700 مليون دولار في السنة كانت خصصتها طهران لحزب الله. الإيرانيون لا يزالون يرون في حزب الله مشروع امتداد مركزي ويعملون على الا يخسر النفوذ في لبنان. اليوم في حزب الله تبقى أساسا مستوى ثانٍ وما دون بعد ان صفينا معظم هيئة الأركان في التنظيم. هذا يغير الآليات”.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى