ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: حلف الزعران، ترامب يقسم العالم

يديعوت احرونوت 3/3/2025، ناحوم برنياع: حلف الزعران، ترامب يقسم العالم

الثورات تضرب بسرعة لكنها تهضم ببطء. ما رأيك بالثورة الفرنسية، سُئل رئيس وزراء الصين شو آن لين. “من السابق لاوانه ان نحكم عليها”، أجاب الزعيم الصيني. تحذيره يحوم منذئذ من فوق كل بحث تاريخي: مطلوب وقت لاجل فهم الى أين تأخذنا الثورات. فكروا بالربيع العربي، الموجة الثورية التي اجتاحت الدول العربية في 2011. الخروج الى الشوارع للمطالبة بالعدالة والديمقراطية والتي اثارت حماسة هائلة في الغرب، انتجت، صحيح حتى الان، فوضى، حرب أهلية مضرجة بالدماء، سيطرة دينية ودكتاتورية عسكرية، كل دولة ومصيرها. احتلال الحكم في سوريا من قبل مجموعة جهادية كان الرسالة الأخيرة التي تلقينا من الربيع إياه.

أو ثورة ترامب. ما يجري في الولايات المتحدة منذ الانتخابات في تشرين الثاني هو الثورة. على هذا لم يعد يوجد جدال. الرئيس المنتخب يغير من الأساس سلم الأولويات، القيم، السياسة، قواعد اللعب. مزاجه الثوري يحطم مسلمات، حتى في الجبهة الداخلية وفي الجبهة الخارجية أيضا. المؤسسة السياسية الامريكية في صدمة؛ الاسرة الدولية في صدمة. لم يتولى في أمريكا رئيس تصرف مثله ولا حتى ترامب نفسه في ولايته الأولى. الجدال هو على الهدف النهائي: ثمة من يقدر بان الشيطان ليس رهيبا جدا – خطوات ترامب الفظة هي فقط مواقف مساومة، طريق واع لتحقيق صفقات افضل وللخروج من حرب في أوروبا لا أمل في الانتصار فيها؛ وثمة من يصرخ بان الشيطان رهيب بالذات، ونهايته أن يجلب خرابا على أمريكا وعلى الغرب بل وحتى حرب عالمية ثالثة. 

الزيارة البائسة لرئيس أوكرانيا في البيت البيض توفر مادة للطرفين في الجدال. تسلسل الاحداث كما جاء في تقارير السي.ان.ان يشير الى كمين مخطط له: عندما خرج زلنسكي من سيارته، وهو يرتدي على عادته منذ بداية الحرب، ملابس سوداء، تشبه البزات العسكرية، قال ترامب بتهكم للصحافيين: “هو يتخفى حقا اليوم”. أناس ترامب دفعوا الى الامام، بخلاف الأنظمة، مراسلا لشبكة نائية، داعمة لترامب. فقد ارسل المراسل كي يعرض على زلنسكي سؤالا من مجال الموضة: “لماذا لا ترتدي بدلة؟”.

كانت هذه المحطة الأولى في الخازوق. بعدها جاءت الإهانة، على لسان نائب الرئيس فرانس ولسان ترامب نفسه، وفي النهاية طرد الحاشية الأوكرانية من البيت الأبيض بدون وجبة الغداء الموعودة. 

من يؤمن بان كل شيء تكتيك، في الطريق الى عقد الصفقات، سجل امامه ان زلنسكي اصدر على الفور بيانا متملقا وأمس، في لقاء قمة في لندن، عمل على خطة جديدة لوقف نار تعرض على ترامب؛ من يؤمن بان كله استراتيجية، عبر خيانة الخلفاء وتغيير موازين القوى في العالم سجل امامه الفزع في أوروبا والفرح في موسكو. ايلون ماسك، الطليعي الذي يقفز امام المعسكر تبنى تغريدة تدعو الى حل الناتو. عندما تكون أمريكا وروسيا ينسقان بينهما من يحتاج الى الناتو؟ خسارة على المال. 

ترامب، كما يدعي منتقدوه، يسعى الى إقامة حلف الزعران: هو، بوتين ورئيس الصين شي. ثلاثتهم سيتقاسمون فيما بينهم مناطق النفوذ في العالم: بوتين يسيطر على شرق أوكرانيا، ولاحقا على أوكرانيا كلها، ليتا، لتريا، بولندا. شي يحتل تايوان. ترامب يحصل على غرينلاند. الاتحاد الأوروبي يتقلص أو يختفي. أحزاب فاشية جديدة على نمط هنغاريا اوربان تسيطر في أوروبا. وهذه تخرط بسهولة في قارة بوتين وترامب فيها هما ربا البيت.

هذا عالم يمكن لحكومة إسرائيل أيضا ان تنخرط فيه: فهو يحترم القوة، والقوة في هذه اللحظة في أيدينا؛ هو يحترم السيطرة على مناطق، والمناطق في هذه اللحظة في أيدينا؛ هو ينفر من القيم الديمقراطية القديمة، من حقوق الانسان، من المعاناة الإنسانية، من العدالة والقضاء، والنفور في هذه اللحظة في أيدينا. 

وبالفعل، الحكومة تسمح لنفسها بان تتخذ خطوات ما كانت لتطرأ على البال في فترات ولاية رؤساء أمريكيين سابقين، ديمقراطيين وجمهوريين. القائمة طويلة: خرق الاتفاق الذي وقعته في اطار صفقة المخطوفين؛ حيازة نقاط في دخل أراضي سوريا والاعلان اننا سنبقى هناك الى الابد؛ التهديد علنا بالتدخل في المواجهة بين النظام السوري والدروز في بلدة جرمانة قبل دمشق (كان هذا تهديدا عابثا، عنوانا رئيسا من أجل القاعدة: الطرفان رفضا التدخل الإسرائيلي رفضا باتا)؛ حيازة نقاط في داخل أراضي لبنان بخلاف اتفاق وقف النار؛ طرد الاف السكان من مخيمات اللاجئين في الضفة، في المنطقة أ وأمر الجيش الإسرائيلي بالبقاء فيها؛ منع المساعدات الإنسانية من الدخول الى غزة؛ التنكر للمرحلة الثانية من المفاوضات وترك 59 مخطوفا، احياء واموات لمصيرهم.

في المدى القصير قد يكون هذا مجديا: طالما ترامب يساند إسرائيل فانها تتمتع بالحصانة. لكن، مثلما تعلم زلنسكي على جلدته، تأييد ترامب هو موضوع متملص. عندما شاهد نتنياهو بث الخازوق في البيت الأبيض اقدر بان بطنه قرقعت. فقبل بضعة أسابيع فقط جلس على الكرسي ذاته. حين لا تكون قيم مشتركة الخيانة تنتظر دوما خلف الزاوية. 

ربما بسبب البطن التي تقرقع له يسارع لان يقرر حقائق على الأرض، من غزة حتى نابلس حتى سوريا حتى لبنان: فمن يدري ماذا سيكون مزاج عظيم أصدقاء إسرائيل غدا.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى