ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: الماضي يتضح، المستقبل يغمض

يديعوت احرونوت 14/10/2024، ميخائيل ميلشتاين: الماضي يتضح، المستقبل يغمض

بعد نحو سنة من نشوب الحرب التي لم تحظى بعد باسم رسمي وليس واضحا متى وكيف تنتهي، تنشر تفاصيل تلقي أضواء واضحة على دوافع حماس وخطط المنظمة والى جانبه يتجسد أيضا كيف تطور في إسرائيل المفهوم الذي أدى الى قصور 7 أكتوبر. ويتاح الامر في اعقاب ما نشر اول امس في “نيويورك تايمز” حول وثائق زعم ان الجيش الإسرائيلي وضع اليد عليها في احد المواقع التي تواجد فيها يحيى السنوار وفيها تفصل عملية اتخاذ القرارات لدى قيادة حماس في السنة التي سبقت الحرب.

يتبين من الوثائق ان حماس خططت بالاصل الهجمة لخريف 2022، لكنها قررت تأجيلها كي تحاول تجنيد ايران وحزب الله لخطوة منسقة متعددة الساحات، في ظل طلب المساعدة المالية لغرض تمويل الهجمة. في اطار الاتصالات بين الأطراف في سنتي 2022 – 2023 ادعت حماس بان الازمة الداخلية المحتدمة في إسرائيل توفر فرصة استراتيجية نادرة لتقويضها. ايران من جهتها ايدت الفكرة لكنها أوضحت بانها تحتاج هي وحزب الله وقتا للاستعداد. قرر السنوار أخيرا العمل بشكل مستقل خشية أن تطور إسرائيل منظومة دفاع جوي على أساس الليزر يجعل من الصعب تحقيق هجمة مدفعية ناجحة في المستقبل. 

عموم المعلومات تؤكد ثلاث نقاط لم تكن معروفة أو واضحة بما يكفي. أولا، بالنسبة لخلفية المعركة. فقد انكب السنوار على الفكرة التي اسمها “المشروع الكبير” على مدى نحو عقد وهو يشكل مهمة حياته التي كان ينبغي لها أن تتحقق. بخلاف الآراء التي اسمعت في إسرائيل وتقضي بان الخطوة كانت تستهدف أهدافا من مجال الواقعية السياسية، وعلى رأسها احباط التطبيع مع السعودية تشهد الوثائق الأخيرة على أنه خطط بالاصل لتحقيق الهجمة في الفترة التي لم يكن فيها الموضوع مطروحا على البحث، وكذا قبل عاصفة الإصلاح القضائي. فالسنوار لم يسعى لانتزاع إنجازات سياسية أو استراتيجية فما بالك الوصول الى وضع راهن أو الى سلام مثلما فعل السادات في 1973. فقد كانت تحركه قوة رؤيا أيديولوجية متطرفة غايتها افناء إسرائيل. 

فكرة ثانية تتعلق في صورة العدو الذي تتعامل معه إسرائيل في الحرب الحالية. فبخلاف الصورة السائدة حول معسكر مقاومة موحد يعمل كالاخطبوط متعدد الاذرع ورأسه في طهران، تنكشق صورة مليئة بالظلال وعلى رأسها فجوات تنسيق حول نشوب الحرب. لقد أدت تلك الفجوات بحزب الله ان ينضم متأخرا (في 8 أكتوبر) للهجمة على إسرائيل وفي نظرة الى الوراء انقذت هذه إسرائيل التي لو انها كانت تعرضت لهجوم في كل الجبهات في 7 أكتوبر لكانت علقت في ضائقة استراتيجية حادة. لا شك أن معسكر المقاومة بقيادة طهران متبلور اكثر بكثير مما في الماضي. لكن لا تزال توجد فجوات لا بأس بها بين أعضائه، وبعد الضربات الأخيرة التي تعرض لها حزب الله اهتز أيضا أحد أعضائه المركزية. 

في سياق مشابه يشار في الوثائق الى ان السنوار اطلع قيادة حماس في الخارج – بقيادة إسماعيل هنية – على الهجوم. وهذا يقوض الادعاءات – ضمن أمور أخرى من جانب من يدافعون عن تلك القيادة، وعلى رأسهم قطر التي تستضيفهم – والتي بموجبها هؤلاء هم “زعماء سياسيون” لم يكونوا يعرفون بالخطوة العنيفة، في ظل عرض هنية كمن كان رئيس “الجناح المعتدل” في المنظمة. يبدو أن هنية أيضا، مثل ايران وحزب الله اطلع بشكل عام على خطة الهجوم التي رحب بها، لكن يحتمل الا يكون هذا بالنسبة لتوقيتها الدقيق. 

فكرة أخرى تتعلق بنجاعة جهد الخداع الذي بذلته حماس ضد إسرائيل في سنوات ما قبل 7 أكتوبر. وقد لاحظ السنوار بشكل صحيح التقدير السائد في إسرائيل بان حماس مردوعة وتركز على مسائل مدنية، فقررت المنظمة تعظيم الصورة الكاذبة في الوعي الإسرائيلي لغرض التمويه والتنويم: فقد ابرزت ظاهرا الأهمية التي توليها للبادرات الطيبة المدنية، مثل خروج 17 الف عامل للعمل في إسرائيل، وحرصت على الا تعلق في جولات التصعيد التي دارت بين إسرائيل والجهاد الإسلامي. في إسرائيل بالمقابل رأى الكثيرون في عدم تدخل حماس في تلك المواجهات إنجازات استراتيجيا دون أن يفهموا بان هذه خدعة. 

بعد سنة، يتضح الماضي بالتدريج، لكن المستقبل يصبح اكثر غموضا. والأكثر من ذلك لا يبدو تعلما معمقا لدروس قصور 7 أكتوبر وغرسها في سياسة الحاضر كي لا تنشأ مفاهيم مغلوطة جديدة. في إسرائيل يواصلون التمسك بشعار “النصر المطلق” والايمان بان المزيد من القوة، بما في ذلك الحملة الواسعة التي بدأت في شمال القطاع ستؤدي أخيرا الى رفع علم ابيض من جانب المنظمة وبل والى تنازلات في موضوع المخطوفين. كل هذا، دون الاستيعاب بان عدوا أيديولوجيا متزمتا من هذا القبيل يفضل أن يموت على أن يستسلم او يتنازل. ان السياسة التي تتخذها إسرائيل في غزة منذ سنة تبعد إمكانية تحقيق هزيمة لحماس او تحرير المخطوفين – الهدفين المركزيين في الحرب واللذين حتى بعد سنة ليسا في متناول اليد. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى