ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: الجوع في غزة: واقع لا يطاق

يديعوت احرونوت 24/7/2025، رون بن يشايالجوع في غزة: واقع لا يطاق

في الجيش الإسرائيلي يصرون على أنه لا يوجد جوع في قطاع غزة وان “حملة التجويع الكاذبة” هي مبادرة من حماس تستهدف التأثير على الوعي، لا تصف الواقع على الأرض. على الرغم من ذلك نشرت هذا الأسبوع اكثر من 20 دولة – معظمها صديقة لإسرائيل مثل بريطانيا، فرنسا، كندا وأستراليا بيانات مشتركة أعلنت فيها بانها “تشجب القتل غير الإنساني للمدنيين الذين يحاولون الحصول على الغذاء وضخ المساعدات بالتنقيط”، من قبل إسرائيل.

لكن ما هو أخطر حتى من نزع الشرعية عن حقنا في الدفاع عن أنفسنا هي الصور، مقاطع الفيديو وشهادات أطباء وصحافيين غربيين يتواجدون في غزة – تثبت أنه يوجد أطفال ورضع يموتون جوعا في القطاع باعداد لا تطاق. وحسب وزارة الصحة الغزية، التابعة لحماس، ففي اثناء الأسبوعين الاولين من شهر تموز ادخل الى المستشفيات 1.648 طفلا في حالة سوء تغذية حاد، ومنذ بداية السنة ادخل الى المستشف نحو 19 الف طفل للسبب ذاته. حتى لو كانت هذه الأرقام مبالغا فيها جدا، وحتى لو كان فقط نصف عدد هؤلاء الأطفال جوعى، فهذه لا تزال مشكلة أخلاقية لا يمكننا كيهود ان نتعايش معها. لقد أصبحت إسرائيل دولة منبوذة في الرأي العام العالمي، والجنود الذين يقاتلون دفاعا عنها يلاحقون كمجرمي حرب.

كل هذا، لان خطة منع سلب ونهب الغذاء والمساعدات الإنسانية من قبل حماس، تعطي الان مفعولا واقعيا لـ “حملة التجويع” التي كانت كاذبة عندما بدأت بها حماس – والان هي واقع رهيب، أخلاقيا واعلاميا.

 صندوق غزة الإنساني هو مشروع لبضعة رجال اعمال هرعوا تلبية لحقيقة أن حماس تسلب المساعدات الوافدة الى غزة، تبيعها في السوق وهكذا تمويل تجنيد مقاتلين جدد لصفوفها. هذا الصندوق استأجر شركة حراسة كي يحرس توزيع الغذاء بواسطة حراس من خريجي الجيش الأمريكي.

اقام الجيش الإسرائيلي مراكز التوزيع والصندوق يوزع رزم غذاء جاف تزن كل رزمة منها 19 كيلو غرام، ويفترض أن تكفي عائلة من خمسة نفوس لثلاث وجبات في اليوم لمدة خمسة أيام. منذ بدأ العمل وزع الصندوق لغزة ملايين الرزم كهذه. لكن ما حصل بالفعل حقق نتائج معاكسة لما أمل به مؤسسوه ودولة إسرائيل التي تمول من أموال دافع الضرائب معظم ميزانيته، وجنود الجيش الإسرائيلي يحرسون مراكز التوزيع من الخارج.

مئات الأشخاص قتلوا وهم يحاولون الحصول على الغذاء في مراكز التوزيع. بعضهم قتل بـ “نار الابعاد” التي نفذها جنود الجيش الإسرائيلي. عشرات آخرون قتلوا دوسا من الجموع، والحراس الامريكيون لا ينجحون في تنفيذ توزيع مرتب. ما يجري على الأرض هو “اخطف بقدر وسعك”، من قبل الأقوياء. اما الغزيون الضعفاء، المرضى، الأطفال والنساء فيعودون من مراكز التوزيع باياد فارغة – ويرون بعيون تعبة كيف يعرض تجار محنكون الغذاء المسلوب من مراكز التوزيع للبيع في بسطات محملة بكل خير، بأسعار مبالغ فيها في أسواق غزة او دير البلح.

ممَ ينبع هذا الوضع؟ أولا من ان كميات الغذاء التي يوفرها صندوق غزة الإنساني ببساطة غير كافية. لكن السبب الأساس هو العدد القليل (5 فقط) لنقاط توزيع الغذاء من قبل الصندوق، وموقعها البعيد عن مراكز السكان. فلاجل الوصول الى مراكز التوزيع يتعين على الغزيين ان يسيروا على الاقدام كيلومترات كثيرة. محظور عليهم أن يصلوا في مركبة الى مراكز التوزيع منعا لخطر سيارات مفخخة ضد جنود الجيش الإسرائيلي والحراس الأمريكيين.

ولما كان الغزيون لا يعرفون متى تصل شاحنات المساعدات الى مراكز التوزيع، فانهم يتدفقون الى هناك بالالاف، منذ ساعات الليل كي يسابقوا ويكونوا في المكان قبل ان تصل الشاحنات. وعندما يسمح رجال الصندوق وجنود الجيش الإسرائيلي لهم بالوصول فانهم ينقضون، بكل معنىا الكلمة على مراكز التوزيع.

“تسونامي بشري” يندفع ويدوس على كل من يكون في طريقه، والوضع يخرج عن السيطرة. جنود الجيش الإسرائيلي الذين يحرسون من مسافة كيلو متر مراكز المساعدات، يشعرون انهم يعرضونهم للخطر، يطلقون النار نحو الجموع. وهكذا يوجد قتلى.

لقد كانت الفكرة ان تقام مراكز التوزيع في مكان نقي كي لا تتمكن حماس من سلبها، وان يتلقى كل غزي رزمة غذائه. الهدف الأول تحقق بالفعل، وحماس حقا لا تنجح في سلب الغذاء من مراكز التوزيع. غير أن ليس كل الغزيين ينجحون في الحصول على الغذاء. أولئك الذين هم من ذوي الاحتياجات الخاصة او انهم ببساطة ضعفاء جسديا كالاطفال، النساء والشيوخ ممن ليس بوسعهم ان يسيروا الكيلومترات الكثير مع 19 كيلوغرام على الظهر وليس بوسعهم ان يصارعوا الشبان الذين يستخدمهم التجار ممن يخطفون من أيديهم رزم الغذاء – يتبقون جوعى.

ما فاقم الوضع الكارثي هذا هو حقيقة انه قبل 11 أسبوع من بدء الصندوق لعمله، دولة إسرائيل بقرار من الكابنت منعت ادخال كل مساعدة انسانية لغزة. كنتيجة لذلك هزلت مخزونات الغذاء التي كانت في غزة لدى منظمات المساعدات الإنسانية، واساسا الأمم المتحدة، والان ما يدخل الى القطاع ليس كافيا.

وما يبعث على الغضب هو ان العنوان كان على الحائط. المنظمة العليا لهيئات الإغاثة في غزة نشرت في أيار من هذا العام قبل ان يبدأ الصندوق الإنساني بالعمل بيانا حذر فيه من أن “مسؤولين إسرائيليين حاولوا تعطيل شبكة توزيع المساعدات القائمة التي تشغلها الأمم المتحدة والمنظمات المشاركة لها، والحصول على موافقتنا على تقديم المساعدات عبر مراكز لوجستية إسرائيلية. حسب الخطة التي عرضت علينا فان أجزاء واسعة من غزة بمن فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة والأكثر هشاشة وضعفا سيبقون بلا تموين. الخطة خطيرة لانها تبعث المدنيين الى مناطق عسكرية كي يتلقوا وجبات غذائية وهكذا تعرض حياة الانسان للخطر”. هذا التوقع الذي الغوه في اسرائيل بهزة كتف استخفافية تحقق بكامله.

هذه الكارثة يجب وقفها. يجب العودة للسماح الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بتوزيع المساعدات، حتى لو جنت حماس هنا وهناك ربحا. او إيجاد طريقة لنثر عشرات أخرى من مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، تشغلها الصندوق، وفقط مسارات وصول شاحنات المساعدات اليها يحرسها الجيش الإسرائيلي. لا يمكن لهذا ان يستمر على هذا النحو.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى