يديعوت احرونوت: إذا لم يتحقق اتفاق سنتوجه الى حكم عسكري في قطاع غزة

يديعوت احرونوت 11/7/2025، ناحوم برنياع: إذا لم يتحقق اتفاق سنتوجه الى حكم عسكري في قطاع غزة
الخطة التي حاول وزير الدفاع إسرائيل كاتس تسويقها تحت عنوان “مدينة إنسانية” ولدت قبل سنة ونصف في مكتب منسق شؤون الحكومة في المناطق. الفكرة كانت بسيطة: إسرائيل تنقل السكان من منطقة ما في القطاع الى منطقة أخرى وعلى الطريق ترشحهم: من يشتبه بهم كرجال حماس، لا يمرون. في الأرض التي تبقى يقوم الجيش الإسرائيلي باعمال تطهير جذرية، يقتل، يعتقل ويدمر.
في الشمال الخطة لم تنجح: الابعاد كان ابعادا لكن الترشيح لم ينجح. مؤخرا قامت الخطة من جديد، في الجنوب، في المنطقة التي بين محور موراغ وما كان محور فيلادلفيا، باسم جديد وكاذب: “مدينة إنسانية”. اكثر مما هي خطة عسكرية، هي خدعة سياسية. حسب الانباء التي تأتي من واشنطن، الرئيس ترامب يستخدم الفيتو. ليس مصير المطرودين هو ما يقلقه، بل مصير الصفقة التي يطلب استكمالها. من تحت التزلف المتبادل تختفي مصالح متضاربة. كتبت عن الاثنين اللذين يرقصان الواحد قبالة الاخر، على حبل رفيع. في ساعة كتابة هذه السطور هما لا يزالان يرقصان.
هذه الخطة مثلما عرضت على الإدارة: فور بدء وقف النار تصعد تراكتورات الى الأرض كي تجسد للغزيين وللعالم بان شيئا ما جديدا يحصل. يقوم مركز غذاء، خدمات، عيادات، مستشفى. في المرحلة التالية، يتاح لـ الـ 600 أو 700 الف نسمة الذين يسكنون في هذه اللحظة في الخيام في المواصي، السير جنوبا. يجتازون ترشيحا دقيقا. المنطقة التي تخلى تطهر وعندها يطرد اليها مئات الاف آخرين يعيشون اليوم في ما كانت ذات مرة غزة وخانيونس، مخيمات الوسط وبناتها. في المرحلة التالية توضح إسرائيل لدول في المنطقة: حماس انهيناها. من الان غزة ليست فقط مشكلتنا. الان دوركم.
الخطة لا تتضمن تهجيرا. حسب مصادر في إسرائيل، أوضحت محافل سعودية واماراتية لترامب بان التهجير ليس واردا، اذا كان يريد مالهم وتأييدهم.
مسؤولون امريكيون سألوا كيف يمكن تنفيذ خطة كهذه في 60 يوما. لست واثقا من أن الجواب الذي حصلوا عليه اسعدهم. انتم لا تعرفون الغزيين، قالوا لهم. محمد يأخذ الخيمة على رأسه، يحمل العائلة على عربة يجرها حمار وينتقل. انم تتوقعون مدينة يكون فيها لكل عائلة عنوان: كتلة A، صف B، خيمة 123. هذا لا يجري هكذا في غزة.
نقل سابق، قدر الامريكيون بانه سيستغرق شهرا فأكثر، انتهى في غضون أسبوع ونصف. الوتيرة كانت مبهرة. الصور كانت رهيبة. الضرر فاق المنفعة.
في المدينة (في الجيش يفضلون تسميتها “رفح الجديدة”) سيقام حكم محلي، يستند الى العشائر. “كل اضعاف لحماس يرفع نجم العشائر”، يقول مصدر إسرائيلي رسمي. “غزة عشائرية اكثر من الضفة”. العشيرة ترتب توزيع الغذاء والطابور للعيادة. رجالها لن يحملوا سلاحا.
ماذا سيحصل اذا لم يتحقق اتفاق؟ بادئة ذي بدء، المخطوفون سيتركون لمصيرهم – مرة أخرى. نتنياهو سيتعين عليه أن يواجه رئيسا أمريكيا متقلبا ومحبطا. الضغط للاستيطان في المناطق التي اخليت من سكانها، سيشتد. في الجيب المأهول بالسكان يقوم حكم عسكري. الحكم العسكري في غزة يقرب إعادة إقامة الحكم العسكري في الضفة. “منذ اتفاقات أوسلو ونحن نتحرك على المحور بين دولة فلسطينية وحكم عسكري. لم نكن في أي مرة قريبين بهذا القدر من نقطة النهاية، من الحكم العسكري”، قال لي مصدر مسؤول.
رسالة واضحة من دمشق
يبدو وزير الخارجية في حكومة سوريا الجديدة، اسعد حسن الشيباني اكبر بقليل فقط من 38 سنة. شنب اسود واسع يتكثف فوق شفته العليا. لحيته على الموضة، مضبوطة كي تبدو مهملة، اهود باراك اكثر، آريه درعي اقل. شعر ابيض يتناثر فيها. انجليزيته افضل بكثير من انجليزية وزير خارجيتنا. بدلته الزرقاء تجلس عليه جيدا وكانه خاطها افضل خياطي دمشق أو لندن او ميلانو.
الانتقال من جهادي الى دبلوماسي، من مطارد الى حاكم، سهل على نحو عجيب. الملابس هي الرسالة. عصبة صغيرة من الشباب، مساعدون او حراس او هؤلاء وأولئك، يحيطون به. هم يبثون ارتياحا، ثقة. احد منهم لا يحمل سجادة صلاة.
رأيته في 11 حزيران، قبل يومين من الحرب في ايران. المكان كان قلعة تاريخية خارج أوسلو، عاصمة النرويج. وزارة الخارجية استدعت الى هناك عصبة كبيرة من وزراء الخارجية، الدبلوماسيون، رؤساء منظمات وصحافيين الى مؤتمر دولي تحت اسم “منتدى أوسلو”. الشرق الأوسط نال تمثيلا واسعا: وصل وزراء خارجية ايران، مصر، السعودية وغيرها. من إسرائيل وصل عاموس هرئيل، المحلل العسكري الفاخر في “هآرتس” وأنا. الاقوال من فوق المنصة وحول الطاولات، كانت محظورة على الاقتباس، ما هو دارج. بالنسبة للصحافي هذه المناسبات هي مدرسة.
كل وزير القى محاضرة، وفي نهايتها أجاب على الأسئلة. عندما وقف الشيباني خلف المنصة، ينتظر بصبر سامعيه، توجهت اليه. صافحني. مصافحة شجاعة واثقة بنفسها. عرضت نفسي باسمي، باسم صحيفتي وباسم دولتي. هو لم يسحب يده، ابتسم فقط. سألت اذا كان يوافق على منح مقابلة لـ “يديعوت احرونوت” هو واصل الابتسام، واصل الصمت الى أن توجه اليه احد ما وحرره لشأنه.
الشيباني يتحرك ويتنقل في العالم لهدف واحد: إعطاء شرعية للنظام الذي يمثله. التركيز هو السبيل الوحيد للنجاة في حقل الألغام الذي خلفه نظام الأسد وراءه وحقول الألغام التي زرعتها الجهاديون في سنواتهم. الرسالة واضحة: لدينا مشاكل لنحلها، داخلية وخارجية، ليس لنا أعداء، ليس لنا مقاطعات. نحن مستعدون للحديث مع الجميع – مع إسرائيل أيضا.
بين نقاش ونقاش جلس الشيباني لحديث عمل مع عباس عرقجي احتل الاثنان طاولة في وسط الصالة. تجاهلا دائرة الأشخاص التي أحاطت بهما، لكن في واقع الامر كانا يقصدانها: انظروا الينا، نحن الأكثر شرعية في العالم، الأكثر حضارة، الأكثر موضوعية – نحن انتم. لماذا تعاقبونا بالعقوبات؟
عرقجي لم يعرف انه في غضون يوم ونصف سيصفى بعض من زملامئه الكبار، منشآت عسكرية ومدنية ستدمر. والنظام سيواجه مسائل وجودية. هل كان الشيباني يعرف؟ مشكوك جدا. لكن عندما طارت طائرات سلاح الجو شرقا، حكومته، مثل حكومات عربية أخرى اختارت غمض العيون. غمض العيون هو جزء من حملة الشرعية، جزء من اختبار القبول لاسرة الشعوب. هو وضع مؤقت.