ترجمات عبرية

يديعوت: إسرائيل تعلن الحرب وإيران تصدح بالثأر

يديعوت 6/6/2022، بقلمرونين بيرغمان

ضابطان كبيران وصديقان روحيان بالوحدة السرية للغاية في الحرس الثوري، مهندسان جويان للطائرات والصواريخ يعملان في مكانين مختلفين، وعالم نووي واحد، كلهم توفوا بشكل غامض في غضون أسبوع ونصف. إضافة إلى ذلك، جاءت تقارير من إيران عن هجمات سايبر حادة على بنى تحتية مهمة في الدولة، وهجمة حوامات على منشأة عسكرية سرية. بالتوازي، نشرت في وسائل الإعلام الدولية وثائق سرية من الأرشيف النووي الإيراني، والتي كانت تعد حتى الآن سرية للغاية، ورئيس الوزراء بينيت فتح ملفاً في “غوغل درايف” بعد يومين من ذلك، وأودع فيه الوثائق، ودعا العالم لرؤيتها.

القاسم المشترك لكل هذه الأهداف، سواء كانت أشخاصاً أو وثائق أو منشآت، إذا ما كانت التقارير صحيحة، يتعلق بقلب حرب الظلال التي بين إيران وإسرائيل: المشروع النووي، إنتاج وإطلاق الحوامات، تطوير الصواريخ المتطورة والشبكات العملياتية في أرجاء العالم.

لكن يبدو أن أحداً ما قرر هذه المرة، بخلاف الماضي، أخذ الخيار الأول “نصنع حرباً بدهاء” بقدر أكبر، والآخر “درع لا يرى” بقدر أقل”. ظهر في الأسابيع الأخيرة تعظيم في منشورات في أرجاء العالم لما يوصف كأحداث سرية في إيران، تحرج النظام، منشورات تخدم إسرائيل وكفيلة بأن تؤثر دولياً.

لقد نبع القرار بتغيير الاتجاه من الاعتراف بأن الحرب في القرن الواحد والعشرين تجري أيضاً في العالم العلني المكشوف. الرئيس بايدن ومسؤولون آخرون كشفوا على مدى الأيام التي سبقت اجتياح روسيا لأوكرانيا، معلومات سرية للغاية حصلت عليها أسرة الاستخبارات الأمريكية، وذلك لاستبعاد مؤامرات بوتين واستفزازاته. ونجحوا من خلال هذه الشفافية في تشكيل ائتلاف دولي موحد وناجع والإيضاح للعالم بشكل لا لبس فيه من هم “الأخيار” ومن “الأشرار”.

يتعرض النظام الدكتاتوري في إيران لضربات حادة للغاية، تعرضه كعديم الوسيلة حتى في نظر أناسه. يحاول النظام القتال ضد ذلك، لكنه يقوم بذلك في الغالب بشكل فج. قناة التلفزيون “إيران الدولية” التي تعمل بتمويل سعودي، نشرت نبأ وثقت فيه تحقيقاً أجراه رجال العمليات في الموساد داخل إيران، بحق شخص يدعى رسولي، اعترف بأنه جند للقيام باغتيالات للإسرائيليين.

بعد وقت قصير من نشر الشريط المحرج وبالتأكيد بضغط السلطات في إيران، حرر الرجل شريطاً من جانبه ادعى فيه بأن الاعتراف نزع منه بالقوة.

ما كان للحرس الثوري ألا ينشر أمر وفاة الرجل الذي تثق إسرائيل بأنه جند رسولي لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، لكنهم أحاكوا له سيرة ذاتية مختلفة تماماً عن تلك التي لدى الإسرائيليين عنه، فهو ليس نائب قائد وحدة 840 الذي يرتبط بمخططات قتل الإسرائيليين في تركيا، بل رجل نقليات ومسيرات عمل في سوريا.

ادعت إيران بأنها كانت حادثة عمل تلك التي مست بالمنشأة في برتشين، لكن لقب “شهيد” الذي ألصق بالمهندس الذي قتل في ذاك الحدث ألمح بأن الحديث يدور عن شيء ما آخر. إيران لم تقل شيئاً عن موت العقيد إسماعيل زاده الذي دفن بسرية في جنازة يستحقها الخونة فقط: إلى أن نشرت قناة التلفزيون “إيران الدولية” نبأ غير موقع “من مصادرنا في إيران” بأنه بعد الاشتباه فيه بالتجسس، ألقى به رجال الحرس عن سطح المبنى. نشرت إيران جملة روايات، من حاجز متهالك استند إليه المسكين وحتى الانتحار المرتبط بعلاقاته المهزوزة مع زوجته.

إذا كان إسماعيل زاده بالفعل جاسوساً إسرائيلياً، فالأمر حرج للحرس الثوري، من حيث إن الموساد نجح في تجنيد شخص رفيع المستوى بهذا القدر في صفوفه. من جهة أخرى، هذه كفيلة بأن تكون ضربة قاسية للموساد، إذا كان الرجل عمل فعلاً في صفوفه، وتوقف عن ضخ المعلومات، وبالتالي يمس ذلك بقدرة الموساد على إحباط العملية التالية للوحدة.

نشر موقعان صغيران أول أمس نبأ عن أمر الموت الغامض لعالمين إيرانيين. ونشرت “إيران الدولية” نبأ غير موقع من “مصادرنا في إيران” يروي بأن واحداً منهما على الأقل سمم من قبل شخص نجح في الفرار من الدولة.

جملة كل هذه الأحداث، والتصريحات القاطعة من جهة بينيت ولبيد، تظهر بأن ذاك الأمر إياه الذي حذر منه قادة أسرة الاستخبارات في الماضي، وتستخدم الرقابة العسكرية بسببه صلاحياتها منذ سنوات طويلة “بأننا لن نزق لهم إصبعاً في العين” تحول من الأمر الذي يخاف منه الجميع، إلى موضوع مرغوب فيه بل وربما متصدر في المواجهة.

يدور الحديث بلا شك عن سلسلة عمليات تثبت أن الموساد في عهد دافيد برنياع يواصل فكر مئير داغان ويوسي كوهن، إذ لا يدور الحديث فقط عن جهاز استخبارات، بل وأيضاً، إن لم يكن أساساً، عن جسم استخبارات وقائية دوره جمع المعلومات والقيام بأعمال تكبح مخططات الخصم. ما كان يمكن لحملة كهذه أن تخرج إلى حيز التنفيذ دون مصادقة من بينيت ولبيد. هذه مصادقة تحتاج إلى شجاعة وجسارة لا بأس بهما.

وهذه الحملة تطرح عدة تساؤلات وملاحظات.

الأولى – محافل في إيران تطالب بالثأر والآن. فهل لدى إسرائيل قدرة على منعها؟ هل أُخذ رد إيراني كهذا بالحسبان؟

الثانية – هل محق أولئك الوزراء الكبار ونواب الكنيست ممن كان ينبغي أن يطلعوا على الأمر ممن يدعون بأنهم لم يعرفوا أو على الأقل لم يفهموا كامل حجم الحملة؟

الثالثة – ما الهدف؟ هل كان ضرب عناصر معينة لمنظومات النووي أو الصواريخ أو الحوامات كافياً يكفي لإبطائها أو تعطيلها، أم أنها يفترض أن تضعف النظام بشكل عام؟ ثمة محاولات سابقة لعمل الأخير فشلت.

الرابعة: مؤكد أن سياسيين كباراً مثل بينيت ولبيد، حتى وإن كانوا مشغولين بشؤون أمن الدولة ومصلحة الدولة فقط، ليسوا عمياناً وطرشاناً تماماً للمساعدة السياسية والجماهيرية المهمة التي يمكن لأرواح إيرانيين أشرار موتى أن تغدقها عليهم.

الخامسة – حان الوقت لأن يتذكر أحد ما بأن إسرائيل هي الدولة الأخيرة في العالم الغربي التي تستخدم الرقابة قبل النشر، وأن قيم الشفافية وحرية المعلومات والرقابة الجماهيرية على الحكومة هي الأخرى تساوي شيئاً ما، ولا سيما إذا كان باقي العالم بات يعرف الأمور.

والسادسة – ليس كل من هو فنان في مجال ما يفهم دوماً في كل مجال آخر. أساتذة العمليات السرية لا يجب أن يخرجوا من نقطة افتراض أنهم يعرفون كيف يقومون بعمليات وتحليلات في عالم الإعلام.

كما أن ليس كل محلل يكتب عن عمليات سرية يعرف بالضرورة كيف ينفذها، وإذا كان ينبغي أن ينشر عنها. صحافيون كثيرون اختلفوا حسب سؤال واحد: لو كانوا يعرفون المعلومات والمنشورات لكانوا بالطبع معها. إذا لم يحصلوا، فقد قالوا فوراً بأن الحديث يدور عن منشورات رهيبة تضر بأمن الدولة. وهكذا نتج أن الصحافيين الذين ينبغي لهم أن يكونوا هم الأوائل مع النشر، قادوا خطاً حازماً بالضبط في الاتجاه الآخر. وقد بالغ أحدهم، وهو محلل محترم كانت له ذات مرة مصادر جيدة وهاجم حتى الرقيب، بأنه رقيق جداً وكان ينبغي أن يشطب أكثر بكثير. من يحتاج إلى رجال الرقابة مع صحافيين كهؤلاء؟

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى